بيان مجلس الصحافة حول تجميد جمعية صحفيي نواة و ما آل اليه القطاع من تقهقر…

يعاين مجلس الصحافة ببالغ القلق تدهور المناخ الإعلامي العام، وما تشهده البيئة الصحفية من توترات مهنية وقانونية وميدانية واقتصادية واجتماعية انعكست سلبا على حرية العمل الصحفي وحق الجمهور في المعلومة، وهما حقان مكرسان بموجب المرسوم عدد 115 لسنة 2011،…

وبمقتضى الفصل 55 من الدستور التونسي الذي يضمن حرية التعبير مع مراعاة مبدأ التناسب في كل تقييد لها.
وإذ يذكر المجلس بأنه هيئة تعديلية ذاتية تسهر على احترام الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام، وصيانة مصداقية الصحافة وحماية حق الجمهور في المعلومة ومتابعة التقيد بالقواعد الأخلاقية للممارسة الصحفية فإنه يهمه أن يوضح ما يلي:
يبدي انشغاله العميق إزاء القرار القاضي بتجميد نشاط جمعية صحفيي نواة لمدة شهر، وما يترتب عن ذلك من تعطيل وسيلتها الإعلامية ” نواة ” .
ويذكر بأن حرية تكوين الجمعيات العاملة في المجال الإعلامي وحرية ممارسة نشاطها محمية بمقتضى القانون، وأن اللجوء إلى الأعمال القضائية الولائية لإيقاف النشاط دون تمكين الأطراف من حق الدفاع ودون احترام مبدإ المواجهة، يمثل مساسا بجوهر الحق في التنظم وحرية الإعلام، ومخالفة لمبدأ التناسب المنصوص عليه في الفصل 55 من الدستور.

  • يطالب المجلس برفع كل أشكال التضييق عن المنابر الإعلامية المستقلة تكريسا لتعدد المشهد الإعلامي وتنوع الآراء فيه بما يثري النقاش العمومي.
  • يرصد المجلس تناميا مقلقا لظاهرة المقالات غير الممضاة والمضامين الدعائية المتخفية في أشكال صحفية ظاهرية، تختلط فيها الوقائع بالآراء والخبر بالموقف، وتستعمل فيها عبارات التحقير والتحريض .
    ويؤكد أن إخفاء الهوية الصحفية يعد إخلالا بقاعدتي الشفافية والمساءلة المنصوص عليها ضمن المعايير الأخلاقية للمهنة الصحفية، كما أنه يضعف ثقة الجمهور في وسائل الإعلام ويشوش على الحدود الفاصلة بين العمل المهني وخطابات الدعاية والتوجيه السياسي.
  • يسجل المجلس، في ظل الأحداث الوطنية الكبرى ذات الطابع السياسي والحقوقي والاقتصادي والاجتماعي والأمني على غرار المحاكمات الجارية وتجميد نشاط بعض الجمعيات والمنظمات والحراك الاحتجاجي البيئي في قابس ومناقشات مشروع قانون المالية ما يلي :
    حجبا ممنهجا للمعلومة عن عدد من الطواقم الصحفية والمؤسسات الإعلامية في خرق صريح للفصلين 9 و10 من المرسوم 115 لسنة 2011 الذي يضمن الحق في النفاذ إلى المعلومة وتوجه نحو تطويع الإعلام كأداة للترويج والنقل فقط .
    تغطيات غير متوازنة أو انتقائية في بعض وسائل الإعلام تلتف عن جوهر هذه الأحداث، بما يفرغ الإعلام من وظيفته كخدمة عامة ويضرب حق الجمهور في الوصول إلى الأفكار والمعلومات والمعطيات.
    ويؤكد المجلس أن احترام الحقيقة والسعي إليها من صميم الواجب المهني والأخلاقي للصحفي.
  • يلاحظ المجلس تحول بعض المنابر الإعلامية إلى فضاءات للرأي الواحد والموقف الواحد، وانزلاق أخرى إلى خطابات الكراهية والتحريض والشيطنة بما يمس من الكرامة الإنسانية وينتهك القواعد الأخلاقية الواردة في الميثاق المهني للصحافة التونسية.
  • ويشدد على أن نشر الأخبار الزائفة والمضللة يمثل تلاعبا بالجمهور وانتهاكا لحقه في المعلومات الدقيقة وإضرارا بالمصلحة العامة.
    ينبه المجلس إلى تفشي ظاهرة المعلقين أو الكرونيكور الذين يخوضون في الشأن العام والقضايا ذات الصلة دون التزام بالمعايير المهنية والأخلاقية، ويقيسون الوقائع بمقاييس الانفعال والاصطفاف.
    ويذكر بأن حرية الرأي لا تعفي من المسؤولية التحريرية، وأن الصحفي أو المعلق يبقى ملزما باحترام الحقيقة والتوازن وفقا لمقتضيات الفصل 13 من المرسوم 115 .
    يحذر من تبعات الفراغ التعديلي في المشهد الإعلامي بتجميد أعمال الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري الذي ذكى فوضى المحتويات الإعلامية حد انحراف بعض المنابر إلى مساحات شخصية وخصوصية وتحول تلفزات وإذاعات إلى أسواق مفتوحة ووسائط تجارية للبيع والشراء.
    ينبه مجددا من انتشار مراكز التكوين الصحفي السريع ( دكاكين التكوين ) وما تسببه من انتحال الصفة الصحفية وإغراق للمهنة وتشويها لها ولضوابطها وأخلاقياتها.
    يدعو إلى سد الشغور في اللجنة الوطنية المستقلة لإسناد بطاقة الصحفي المحترف، والإسراع بتجديد البطاقات المهنية المعطلة منذ العام 2024، حماية للهوية الصحفية ومصداقية المهنة، ويشدد على أن إطالة أمد الشغور يدخل في خانة حرمان الجمهور من حقه في الوصول إلى المعلومة انطلاقا من تعطيل الصحفي عن ممارسة مهامه.

كما يدعو المجلس جميع الصحفيات والصحفيين إلى الالتزام بآليات التعديل الذاتي وتفعيلها في غرف الأخبار والإنتاج والتحرير والاحتكام إلى دساتيرهم المهنية والأخلاقية المحددة في مواثيق التحرير ومدونات السلوك والشرف المعتمدة وطنيا ودوليا بما يضمن لعب أدوارهم الأساسية كسلطة رابعة تضمن الوصول إلى المعلومات وتشكل الرأي العام وتساهم في تعزيز النقاش العمومي والمراقبة والمساءلة .

عن مجلس الصحافة

شارك رأيك

Your email address will not be published.