مخرجات الاجتماع العام لجمعية القضاة

يعلم المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين أنه تبعا للدعوة لعقد اجتماع إخباري تشاوري الصادرة بتاريخ 13 نوفمبر 2025 انعقد الاجتماع بنادي القضاة بسكرة صباح السبت 22 نوفمبر 2025 بحضور القضاة العدليين والاداريين والماليين وبعد التداول في النقاط المعروضة على النقاش واستعراض ما آل إليه الوضع القضائي العام من تدهور متفاقم بعد نزع كل ضمانات الاستقلالية الشخصية والمؤسسية على القضاء والقضاة بما آل إلى خلل فادح وغير مسبوق في أداء القضاء وقصور في انتاج عدالة منصفة وحامية للحقوق والحريات وصدور أحكام جزائية تتضمن عقوبات قصوى بلغت حد الحكم بالإعدام على خلفية التعبير عن الرأي.

وبعد النقاش المستفيض أكد القضاة الحاضرون على ما يلي:

أولا: وجوب مواصلة المكتب التنفيذي رصد وتوثيق كل الاخلالات الناجمة عن التدخل المباشر للسلطة التنفيذية في إدارة المسارات المهنية للقضاة بواسطة مذكرات العمل ونشرها بقصد إطلاع الرأي العام على فداحة نتائج تلك الإدارة على استقلالية الأحكام وعدالتها جراء الاضطراب الذي تدخله باستمرار على سير العمل بالمحاكم وعلى الأمان الوظيفي للقضاة الذي أضحى منعدما بفعل أجواء الترهيب التي تحدثها المذكرات التي تصدر يوميا وعشوائيا.

ثانيا: ضرورة مواصلة المكتب التنفيذي متابعة ملف القضاة المعفيين ظلما والانكباب عليه وإيلائه ما يستوجبه من المتابعة حتى استعادتهم كافة حقوقهم وجددوا تضامنهم مع زملائهم فيما يتعرضون له بعد عزلهم من صنوف التنكيل بإغلاق كل أبواب تسوية وضعياتهم المهنية والقانونية طبق الأحكام القضائية الصادرة لفائدتهم.

ثالثا: في سياق متابعتهم لمناقشة مهمة وزارة العدل ضمن النقاش العام لميزانية الدولة لسنة 2026 عبر القضاة عن شجبهم واستنكارهم وبالغ استهجانهم ورفضهم لخطاب وزيرة العدل في نطاق ردها على ما وجه إليها من أسئلة والذي تحول إلى جلسة لإنكار المبادئ الدستورية والقانونية المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء معتبرة في تصريح غريب أنه لا حاجة لنا بهذا المجلس وإلى انكار لفداحة ما يحصل من إضرار باستقلال القضاء ونزاهته بتدخلها المباشر في نقل القضاة العدليين وترقياتهم وتأديبهم بواسطة مذكرات العمل غير القانونية التي تستند إلى نصوص قانونية بالية تم إلغاؤها وإبطال العمل بها عديد المرات بجملة من النصوص والقوانين اللاحقة فضلا على أن اللجوء إلى استعمال تلك المذكرات يخضع إلى شروط حصرية لا يمكن التوسع فيها وإلى ضرورة وجود مجلس أعلى للقضاء لمراقبتها والمصادقة عليها.

رابعا: إدانة ما شاب خطاب وزيرة العدل من استهزاء واستخفاف بالأوضاع الإنسانية والصحية للمساجين.

خامسا: اعتبار أن ذلك الخطاب الذي وقع تناقله في تونس وخارجها يسيء أيما إساءة لصورة العدالة وللثقة العامة فيها في الداخل ويشوه صورة البلاد في الخارج.

سادسا: التشديد على أنه لا استقلال للقضاء ولا نزاهة للأحكام ولعدالتها في ظل قبضة السلطة التنفيذية على المسارات المهنية للقضاة وفي غياب مجلس أعلى للقضاء مستقل يشرف على تلك المسارات ويحميهم من الضغط والتدخل السياسي والتنفيذي في أعمالهم.

سابعا: تسجيل تواصل حالة الشلل التي يعرفها المجلس المؤقت للقضاء العدلي نتيجة الشغورات الحاصلة في المناصب القضائية العليا على مستوى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الدولة العام لديها ورئيس المحكمة العقارية ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية وذلك بفعل السلطة التنفيذية التي كانت السبب في حصول تلك الشغورات وفي الإبقاء عليها وعدم تسديدها لتترك لنفسها المجال واسعا للتدخل في القضاء واستدامة التحكم فيه باستغلال ما يشهده من حالة الفراغ المؤسسي غير المسبوق.

ثامنا: ضرورة تركيز مجلس أعلى للقضاء مستقل طبق المعايير الدولية لاستقلال القضاء يحمي القضاة من انفراد السلطة التنفيذية بمساراتهم المهنية ويحقق التوازن بين السلط خاصة بعد ما كشفت عنه السنوات الأخيرة من غياب هذه المؤسسة الدستورية الهامة من عواقب وخيمة على العدالة وعلى حماية الحقوق والحريات.

تاسعا: تسجيل تواصل عدم إصدار أمر ترقية ستين قاضيا من المحكمة الإدارية من دفعة نوفمبر 2017 من رتبة مستشار مساعد على رتبة مستشار بالرغم من مصادقة مجلس القضاء الإدارية عليها وإحالتها على رئيس الجمهورية منذ أوت 2024 وعدم إصدار أمر ترقية أحد عشر قاضيا من دفعة سبتمبر 2018 من رتبة مستشار مساعد إلى رتبة مستشار رغم مصادقة مجلس القضاء الإداري عليها وإحالتها على رئيس الجمهورية منذ أوت 2025 كعدم إصدار أمر إحداث دائرتين ابتدائيتين وعدم سد عديد الشغورات في الدوائر الابتدائية والاستئنافية والتعقيبية مما تسبب في المساس بحقوق القضاة الإداريين وتعطل مساراتهم المهنية والاضرار بمصالح المتقاضين وتعطل النظر في قضاياهم والبت فيها في آجال معقولة.

عاشرا: تسجيل تواصل تعطيل السلطة التنفيذية إصدار تسمية الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات بالرغم من استكمال إجراءات اقتراح التسمية من قبل المجلس المؤقت للقضاء المالي منذ نوفمبر 2022 وبقاء المحكمة دون رئيس أوّل لمدّة ثلاث سنوات والشلل التام على صعيد المجلس المؤقت للقضاء المالي منذ ما يفوق السنة بتعطيل مباشرة أعضائه الجدد الذين تمت تسميتهم بالحركة القضائيّة الأخيرة 2024-2025 وما نجم عنه من تعطيل ممنهج للقضاء المالي وفق مقتضيات استقلاليّته المضمّنة بالقانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 وكجهاز أعلى للرقابة على حسن التصرف في المال العام وفق ضمانات المعايير الدولية المستوجبة واستمرار تعطيل نشر التقارير السنوية العامة لمحكمة المحاسبات (الثالث والثلاثين والرابع والثلاثين) بالرغم من جاهزيّتها واستكمال المحكمة لكل الأعمال التحضيرية والإجرائية لنشرها.

أحد عشر: مواصلة ملاءمة الدعوات للاجتماعات والجلسات للإحاطة بعموم القضاة والاستماع لمشاغلهم ومقترحاتهم فيما تتطلبه مقتضيات المرحلة.
اثنا عشر: ضرورة حسن الاستعداد للاستحقاقات القادمة والمرتقبة ضمن الأطر الديمقراطية الراسخة داخل الجمعية.

وبهذه المناسبة يتوجه المكتب التنفيذي بالشكر إلى كافة القاضيات والقضاة الذين حضروا الاجتماع والذين تجشموا أتعاب التنقل من داخل الجمهورية لما أبدوه من مسؤولية عالية في هذا الظرف وما أسهموا به من نقاشات ومواقف ووجهات نظر عميقة ويدعوا عموم القضاة الى مزيد الالتفاف حول جمعيتهم ضمن مسيرة النضال من أجل إرساء القضاء المستقل عماد دولة القانون.

*عن المكتب التنفيذي
رئيس الجمعية
أنس الحمادي

شارك رأيك

Your email address will not be published.