تمثل إعادة الإيذاء أو تأنيب الضحية أحد أشكال العنف المؤسساتي الذي تتعرض له النساء عند لجوئهن إلى الهياكل الرسمية طلباً للإنصاف أو الحماية خاصة في حالات العنف السيبراني. يتجلى هذا النمط من العنف عندما تُقابَل الضحية بالتشكيك، اللوم، أو تحميلها مسؤولية ما تعرضت له، بدلاً من توفير الدعم والحماية. هذا السلوك لا يكتفي بإهمال الضحية بل يعيد إنتاج العنف ويكرّس صمتها مما يفاقم الأثر النفسي والاجتماعي للانتهاك.
يتداخل هذا العنف المؤسساتي مع تصاعد خطاب الكراهية السياسي ضد النساء، خاصة الناشطات والمدافعات عن الحقوق، حيث تُستهدف النساء في الفضاء الرقمي بأساليب ممنهجة تشمل التشهير، التهديد، والتحريض، في محاولة لإقصائهن من المجال العام. وعند محاولة التبليغ أو طلب الإنصاف، تواجه الضحية منظومة قانونية غير مهيأة للتعامل مع هذا النوع المستجد من الجرائم سواء بسبب غياب نصوص واضحة أو نقص الكفاءات القادرة على فهم الأبعاد التقنية والنفسية للعنف الإلكتروني.
ورغم أن القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء يُعدّ مكسباً تشريعياً هاماً، إلا أنه لم يتناول بشكل صريح العنف السيبراني ولا خطاب الكراهية السياسي الموجه ضد النساء، ما يترك ثغرة قانونية تستغلها الجهات المعتدية للإفلات من العقاب وتتحول هذه الممارسات إلى حاجز منهجي أمام الحق في العدالة، وتُفضي إلى فقدان الثقة في المؤسسات، مما يثني الضحايا عن التبليغ ويكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.
إنّ مواجهة العنف السيبراني وخطاب الكراهية السياسي ضد النساء يتطلب مقاربة شاملة تُحمّل المؤسسات مسؤوليتها في الحماية وتُعزز آليات التبليغ والإنصاف وتُعيد الاعتبار للضحايا باعتبارهن فاعلات لا مجرد متلقيات للعنف.
*محكومات بالوصم والسجن، عنف النساء النوع الاجتماعي العنف الرقمي تونس.
*تقاطع



شارك رأيك