مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح

افتتح الراحل خليفة السطنبولي الدورة التاسعة والعشرين بصوته وصورته عبر فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي، قدم فيه نفسه ورحّب بضيوفه.

هكذا كانت الأجواء في مساء شتوي بارد امتزجت فيه مشاعر الوفاء بحرارة اللقاء بين المسرحيين وعشاق الفن الرابع في المركب الثقافي بالمنستير.

بحضور والي المنستير وعدد كبير من مسرحيي الجهة والضيوف والجمهور الكبير الذي تحدّى برودة الطقس، افتتحت المندوبة الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير فعاليات الدورة الجديدة من مهرجان خليفة السنطبولي للمسرح التي تتواصل إلى غاية يوم 13 ديسمبر 2025.

لم يشهد حفل الافتتاح عرضا مسرحيا كما هو مألوف، بل صنع الفنان طلال أيوب ومن معه فرجةً وفرحةً أمام المركب الثقافي وفوقه وداخله، ونجح في تقديم توليفة فنية جمعت عددا من المبدعين الذين أضفوا على الفضاءات أجواء من الألفة والحنين إلى ماضٍ جميل ومفعم بمحبة المسرح وعشق الفنون.

كانت الانطلاقة بعرض “Mapping” للدكتورة منى حفيّظ حمل عنوان “Emanations Théâtrales” أمام المركب الثقافي، قدّم لمحة عن حياة المُحتفى به وأعماله مصحوبة بتنويعات موسيقية، ومن فوق سطح المركب رحّب ممثلون يرتدون أزياء خاصة بضيوف المهرجان الذين شدّوا الرحال إلى روسبينا فيما كان ممثل آخر أمام المركب يقدم دور الكتاب الذي يوثّق بريشته كل ما يحدث.

وفي الأثناء تزيّن بهو المركب بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثّق للراحل وأعماله، إلى جانب مجموعة أخرى من الصور تُكرّم الراحل فاضل الجزيري، بالإضافة إلى ورشات حية لرسم لوحات للفنان الراحل بتقنيات مختلفة.

وفي قاعة العروض الكبرى واصل طلال أيوب الغوص في ذاكرة المسرح بالمنستير، وتجوّل بالجمهور بين أروقة التاريخ المسرحي للجهة من خلال تقديم حياة خليفة السنطبولي، باعتماد تقنيات مختلفة واستغلال الذكاء الاصطناعي من خلال فيديو ساهم في إنجازه الأستاذين فهد بن حمودة وكريم الزين.

عاد العرض إلى بدايات القرن الماضي وتحديدا سنة 1919، تاريخ ميلاد السطنبولي في نهج القيروان أين تشبّع بروح الوطنية وفداء الأرض والعرض واكتشف الركح الذي أصبح الأكسيجين الذي يتنفسه والأمل الذي يعيش به.

على ركح المركب الثقافي بالمنستير اجتمع عدد من الممثلين الذين قدموا رحلة السطبنولي مع المسرح كتابةً وإخراجًا في لوحات متنوعة بأسلوب فنّي ساحر. 

سافر الممثلون عبر الزمان، وحملوا معهم جمهور يتابع بشغف وشوق، فتجسدت الأعمال الخالدة أمام الأعين في ثوب جديد وبروح جديدة، من “أوديب الملك” إلى “ريتشارد الثالث” إلى “صلاح الدين الأيوبي” وغيرها من الأعمال التي وسمت بدايات المسرح التونسي.

أبطال العمل قدموا لوحة مُشكّلة من الأعمال وصولا إلى مرحلة مرض السطنبولي بالسلّ واستغلاله فترة المرض للكتابة، حيث كتب مسرحية “صلاح الدين الايوبي”، وصنع من الضعف إبداعا جعله إلى اليوم حديث الناس.

ومن خلال تكريم خليفة السطنبولي، كرّم العرض روّاد المسرح التونسي الذين رحلوا وما رحلوا تاركين خلفهم سجلاًّ حافلا بالإبداعات التي تتوارثها الأجيال.

حفل الافتتاح شهد أيضا، وبعد الكلمات الرسمية لمندوبة الشؤون الثقافية ووالي المنستير تكريم رجل الثقافة والإعلام منير المنستير لما قدمه ومازال للمشهد الثقافي في ربوع ولاية المنستير، وتكريم اللمثلة أميمة الأحيو والمخرج طلال أيوب بعد تألقهما في مهرجان الدن المسرحي في سلطنة عمان، كما انتظمت جلسة خاصة بفريق مسرحية “الهاربات” التي حصدت التانيت الذهبي في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج المسرحية في تقديم للفنان محمد دغمان.

هذا فضلا عن شريط وثائقي بإمضاء الإعلامية نجوى المهري ضمّ شهادات لعدد من المسرحيين بولاية المنستير وهم الحبيب القردلي وعلاء الدين أيوب ومحمد البنباني.

وتتواصل فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح حتى يوم 13 ديسمبر وفيها عروض مسرحية ولقاءات تفاعلية وورشات توزعت على عديد المؤسسات الثقافية والتربوية في الجهة وندوة علمية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.