تجربة سردية وجدانية عن القرى المهمشة
عن دار”نحن للإبداع والنشر والتوزيع”صدرت هذه الأيام رواية جديدة بعنوان “غبار المطحنة”وهي إحدى مخطوطات ومسودّات كتابات الروائي محمد الفاضل العمري الذي يدخل لأوّل مرة غمار النشر بعمل بتجربة سردية وجدانية جاءت في تقديم لتلميذته في التعليم الثانوي الروائية آمال مختار وفي مبادرة غمرت من خلالها ابنته الإعلامية بالتلفزة الوطنية ايناس عمري الغبار عن إحدى مسودات ومخطوطات أبيها في انتظار منشورات أخرى ستأتي تباعا وتحبر قريبا بدور النشر التونسية لتنضاف إلى رفوف المكتبات.
في هذا العمل صوّر لنا الروائي طبيعة الحياة وسط قرية تجمعها تجاذبات عدة الجامع بينها التهميش والفقر والخوف من السلطة إذ من خلال الأسلوب الروائي وبين الرائي والمروي يستعرض الكاتب صراع السلطة المادية والسلط السياسية والسلطة الدينية ممثّلين في عمدة القرية و إمامها او ما يمكن تسميته بصراع الإرادة والخوف وبين هذا وذاك تحضر الحكمة والمثل وأحيانا النكتة في تعبير رمزي عن هذا الصراع في فترة تحوّل السلطة بين الزعيم بورقيبة وقائد الانقلاب آنذاك الرئيس السابق زين العابدين بن علي حيث صوّر لنا الكاتب ببراعة درامية عميقة استغلال النساء واغتصابهن في الحقول في ابتزاز طبقي مقيت ممّا جعل النساء كما جاء في مقدّمة الرواية”ليست شخصيات ثانوية،بل جرحا متكررا في جسد الرواية،يكشف الوجه الحقيقي للنظام الاجتماعي والاقتصادي المختلّ”
ويحسب لهذه الرواية إنها تمثّل شهادة صادقة وبأسلوب وجداني روائي على واقع تونسي مرّ من هنا والآن وهناك وكان قاسيا في ظل مجتمع مسحوق تحت سنابك السلطة حيث دارت أحداث هذا العمل الروائي في قرية نهشها الفقر وخنقها الاستبداد والظلم والقهر رغم أنها منطقة فلاحية ثرية طاحونتها لا تتوقف إنتاجا وخيرا وزرعا إلا أنها مهمشة بحكم تشابك المصالح والعنف المهيكل ليعيش أبطالها من الشاب والفتيات وسط أسرة مسحوقة تعيش الظلم والقهر واكراهات الحياة في صمت
هذه الرواية عموما تغري بالقراءة وتبعث في قارئها لذة يستحضر من خلالها ذاته لأنها من صميم واقعنا ومرآة لعدة عدة عاشت بين التهميش ماضيا ولازالت تعيش الحلم إلى اليوم لغدّ أفضل لأبنائها.
*منصف كريمي



شارك رأيك