نقلا عن تدوينة نشرتها اليوم الأستاذة أسيا الحاج سالم على اثر زيارة أدتها لزميلها الأستاذ المعتقل العياشي الهمامي، من القامات الحقوقية النادرة في البلاد، بتهمة “التآمر على أمن الدولة”:
“زرتُ أمس الأستاذ العياشي الهمامي في سجنه… كعادته رجل يعطيك درس تلو الدرس و مرة أخرى يعطيني ويعمق فيا درسا استثنائيا ء: معنى أن يكون الإنسان حرًّا حتى وهو خلف القضبان….
كنتُ انتظر قدومه في مكتب الزيارة، وفي قلبي خليط بين شوق اللقاء ،لقاء زميل ورفيق وصديق المحن …ووجع الظلم …وحين دخل… لم ارى مسجونا بل رأيت قامة حقوقية واقفة بكل صلابة رجلا يحمل في حضوره ما يفوق أي جدار وما يتجاوز أي قيد.
العياشي الهمامي صديقي ورفيقي وزميلي لم يكن مكسورا ولا مهمومًا… كان كعادته صاحب الابتسامة الصادقة القاتلة للقلوب المريضة ،كان ثابتا ، قويًا، وهادئًا متحدثا معي بنبرة من يعرف أن الحق لا يموت، وأن المبدأ لا يهزم ، وأن الكرامة لا تُساوَم.
جلس ، وبدل أن يشتكي برد الجدران الرمادية في شتاء 2025 ، شرع في تحليل الواقع والأزمة تحت كاميرات المراقبة نعم، من داخل الزنزانة يعطينا دروسًا، ويوصي، ويطمئن، ويذكّر:
“خلي صوتكم عالي… خلي الحق ما يتخمّمش… ما تخلّيوش الظلم يولّي عادي.”
ذلك الرجل الذي دافع عن الحرّيات، عن القضاء، عن المواطنين، عن الدولة المدنية…
ذلك الذي قضى عمره في المحاكم، في الشوارع، في اللجان، وفي ساحات الدفاع عن حقوق الإنسان…
ما زال، إلى اليوم، رغم السجن، أقوى من كل القوى التي حاولت إسكات صوته.
خرجتُ من الزيارة وأنا نحمل في قلبي مزيجًا من الفخر والألم…
فخر لأن صديقي كما هو لم يخضع، لم يساوم.
وألم لأن البلاد التي تحتاج رجالًا بصلابته… تضعهم وراء القضبان بدل أن ترفع من شأنهم.
العياشي الهمامي…
ليس مجرد مناضل..هو رجل بحجم وطن هو مرآة لما يجب أن نكون عليه:
وضوح، نزاهة، شجاعة، وقناعة بأن الحرية أكبر من السجن، وأن المبدأ أثمن من العمر…
تحية لك يا رفيقي..وزميلي وصديقي
الحي يروح والحبس كذااااب
ولن يتحوّل الظلم إلى قدرٍ صامت..”.



شارك رأيك