“أصدقائي وصديقاتي
شريكاتي وشركائي في الدفاع عن الحرية،
اليوم، في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أقف ليس فقط للاحتفال بمبادئ كونية، بل لنتحدث بصوت عالٍ عمّا يحدث هنا… في تونس، في واقعنا، في مؤسساتنا، وفي مهنة الصحافة التي تتحمّل اليوم أكثر من أي وقت مضى ثقل المعركة من أجل الحرية.
ان حقوق الإنسان لا تتجزّأ. لا يمكن أن نطالب بحرية التعبير بينما نغضّ الطرف عن هشاشة التشغيل. لا يمكن أن نتحدث عن استقلالية الإعلام بينما نعطّل الأنظمة الأساسية ونمنع الاتفاقيات المهنية.
الحقوق السياسية والمدنية ليست في معزل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
إنها سلسلة واحدة، إذا انقطع فيها حلقة واحدة، ينهار كل البناء.
والنضال من أجل هذه الحقوق ليس نضال الصحفيين وحدهم، ولا هو شأن قطاعي ضيق. إنه قضية مجتمع. قضية شعب يريد أن يعرف، يريد أن يسأل، ويريد أن يراقب.
الصحافة ليست امتيازًا، إنها حقّ عام.
اليوم، نواجه وضعًا غير مسبوق في تاريخ المهنة.
نواجه قبضة متعددة الأبعاد، تضييقًا يتقدّم من كل الجهات:
الصحفيون يُضيق على حقهم في التغطية في الفضاءات العامة وفي حضور جلسات المحاكم.
وزميلات وزملاء موقوفون منذ أشهر طويلة بسبب آرائهم أو كتاباتهم، ومحاكمات تُساق خارج إطار المرسوم 115.
وإعلام جمعياتي ومجتمع مدني يُحاصران بإجراءات قضائية وإدارية وأمنية لم نعهدها من قبل.
وبطاقة الصحفي تُعطّل، واللجنة المستقلة لم تُستكمل تركيبتها.
وتراخيص عمل الصحافة الدولية تُجمّد، وتُقطع أرزاق العشرات من الصحفيات والصحفيين الذين شرفونا بمهنيتهم.
والأنظمة الأساسية للإذاعة والتلفزة تُعطّل، ومنحة الصحافة ومنحة الإنتاج السمعي البصري لا تُصرف، وكأن المهنة لا تستحق الحد الأدنى من الكرامة.
والصحفيون المستقلون يُهدر انتفاعهم من نظام المبادر الذاتي، ويُغلق أمامهم باب العيش بكرامة.
واتفاقية مهنية مُمضى عليها… تنتظر فقط النشر بالرائد الرسمي، ومع ذلك تظل معلّقة!
وهشاشة التشغيل تتفاقم في كل المؤسسات، عمومية كانت أو خاصة.
والمناظرات تُفتح في كل القطاعات… إلا الإعلام!
وخريجو معهد الصحافة وعلوم الأخبار، الذين يحملون كفاءة عالية، يجدون الأبواب مغلقة بمجرّد التخرج.
هذا ليس تضييقًا عابرًا، هذا مشهد كامل لخنق الحريات، ولضرب الصحافة في قلبها، وفي رزق العاملين فيها، وفي حق المجتمع في المعرفة.
لكن…
وهنا أريد أن أؤكد: لسنا ضعفاء. ولسنا وحدنا.
هذه المهنة، عبر تاريخها، عرفت كيف تصمد، وكيف تدافع ،وكيف تنتصر.
نحن اليوم نقول بصوت واحد:
لن نقبل أن تُحاصر حرية الصحافة.
لن نقبل أن يُعاقَب الصحفي على رأيه أو على كشفه للحقائق.
لن نقبل أن يبقى الوضع الاجتماعي والمهني للصحفيين معلّقًا أو مهمّشًا.
ولن نقبل أن تتحول المهنة إلى فضاء خوف بدل فضاء مسؤولية وإبداع.
الحضور الكريم،
حقوق الإنسان ليست شعارًا نرفعه في يوم عالمي.
هي معركة نعيشها كل يوم…
في غرفة الأخبار، وفي الميدان، وأمام المحاكم، وعند نشر الحقيقة مهما كانت كلفتها.
اليوم، أدعو الجميع : صحفيين، وحقوقيين، وساءر المواطنين إلى الوقوف معًا.
إلى توحيد الجهود.
إلى جعل الدفاع عن الحريات قضية شعب كامل، لا فئة واحدة.
لأن تونس التي نؤمن بها…
تونس التي نريدها لأبنائنا…
لا يمكن أن تُبنى إلا بحرية صحافة قوية، وبكرامة مهنية، وبحقوق غير قابلة للتفاوض.
*شكرًا لكم



شارك رأيك