في تعليقه التالي المنشور على صفحته الفيسبوك عقب صدور الحكم على زميلته عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، بالسجن 12 عامًا في ما يسمى بقضية مكتب الضبط برئاسة الجمهورية، قال المحامي والناشط السياسي وسام السعيدي ان “هذا النص ليس دفاعًا عن عبير موسي فقط. إنه دفاع عن حقّ السياسة في أن تكون صاخبة، عن حقّ الخصومة في أن تكون علنية، عن حقّ النساء الكامل في القيادة في الزعامة دون أن يُسحقن.”
وسام السعيدي

كانت عبير موسي دائمًا ابنة اللحظة الصاخبة.
اليوم، يصدر الحكم : اثنتا عشرة سنة سجنًا.
رقم لا يُقرأ، بل يُسمَع كصفعة.
رقم لا يزن جرمًا، بل يزن خوفًا من الصوت، من الحضور، من امرأة لم تعرف كيف تخفّف حدّتها لتُرضي.
هذا الحكم لا يُقنع، ولا يُقاس، ولا يُقنع من يعرف معنى السياسة حين تكون مواجهة علنية لا همسًا في الممرّات.
هذا الحكم ليس إدارة عدالة، بل إدارة صمت.
ليس فصلًا في قانون، بل محاولة لطيّ صفحة لم تُكتب بعد.
عبير موسي لم تكن هامشًا.
كانت مركز اشتباك،
اختلفنا معها؟ نعم.
خاصمنا خطابها ؟ كثيرًا.
لكن لم نُمسك يومًا عليها تهمة الصمت أو التسلّل أو المساومة.
اثنتا عشرة سنة…
ليست عقوبة، بل رسالة.
رسالة تقول: “اخفضوا أصواتكم”.
رسالة تقول: “السياسة هنا تُمارس بشرط الانحناء”.
رسالة تقول: “من يخرج عن النصّ يُعاد إلى القفص”.
الرد الوحيد، نرفض الرسالة.
نرفضها باسم السياسة، نرفضها باسم الاختلاف، نرفضها لأن السجن لا يُدير دولة، ولأن الأحكام الثقيلة لا تبني شرعية، ولأن كسر الخصوم لا يصنع استقرارًا.
عبير اليوم في السجن،
لكن الصوت الذي حُكم عليه لا يُحبس.
والفكرة التي خِيف منها لا تموت.
والسؤال الذي طرحته — مهما اختلفنا معه — سيبقى معلّقًا فوق هذا المشهد:
هذا النص ليس دفاعًا عن عبير موسي فقط.
إنه دفاع عن حقّ السياسة في أن تكون صاخبة،
عن حقّ الخصومة في أن تكون علنية،
عن حقّ النساء الكامل في القيادة في الزعامة دون أن يُسحقن.
اثنتا عشرة سنة لن تُعيد ترتيب البلاد.
لكنها قد تكشف وجهًا نفضّل ألّا نراه.
ونحن، حين نصرخ اليوم، لا نفعل ذلك فقط لأن عبير سُجنت،
بل لأن السياسة كلّها تُساق خطوة أخرى نحو الزنزانة…



شارك رأيك