في الذكرى ال15 لاندلاع الثورة، بيان جبهة الخلاص

“في الذّكرى 15 لاندلاع الثورة التّونسيّة : شعارات كلها حيّة رغم الانقلاب على مسارها”

“يحيي الشّعب التّونسي اليوم ذكرى اندلاع الثورة العظيمة في ربوع سيدي بوزيد ، وانتشارها في جهات البلاد وأرجاء الوطن العربي يفضل دماء الشهداء الأبرار والجرحى الصامدين والجماهير الهادرة رافعة شعارات دوّت في أنحاء العالم : ” الشّعب يريد ” و ” إذا الشّعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر “
ورغم منجزات سنوات الانتقال الدّيمقراطي المتعثّر في مجال البناء الدّستوريّ والمؤسّساتي وحرية التّعبير والإعلام والتّنظّم والتنافس الانتخابي الحرّ ، فقد تسلّل الخطاب الشّعبوي إلى الوعي الجمعي مستغلاّ الأخطاء والصّعوبات والخلافات والتّعثّر في تجسيد قيم الثورة وتحصينها من خطر الثورة المضادّة والنّزعات الانقلابيّة ،
واستغلّ الشّعبويّون حنق التّونسيّين وغضبهم نتيجة عدم تحقّق انتظاراتهم في التنمية والعدالة الاجتماعية ليرذّلوا السّياسة والسّياسيّين والأحزاب والمجتمع المدني ومنظّماته وناشطيه مستغلّين إعلاما عموميا تمّ تطويعه بالكامل فارتدّ إلى لغة خشبيّة تسبّح بحمد السّلطة وأوصدت أبوابه أمام أيّ نفس حرّ أو ناقد ، وتمّ التّضييق على الإعلام الخاصّ بتجفيف منابع التّمويل وتسليط سيف المرسوم 54 سيّء الذّكر على رقاب الإعلاميّين والصّحفيّين فأصبحت مهمة الإعلام حشد الدعم للسلطة القائمة وتبرير سياساتها بدل حلقات الحوار السياسي والإقتصادي.

ورغم توظيف قضاء تابع – حُلّت مؤسّساته المنتخبة وضربت استقلاليّته – في عشرات المحاكمات الصّوريّة ضد المعارضين والمحامين والنّشطاء والمدوّنين واعتقال العشرات من المعارضين والنّشطاء فإنّ قطاعات من النّخبة ومن عموم المواطنين لا تزال تتحدّى التّرهيب والتّهديدات رافعة شعارات المطالبة بالحرّيّة والعدالة الاجتماعية.

إنّ الوفاء لمبادئ وقيم ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي المجيدة، ولئن كانت تقتضي من النّخب السّياسيّة بداهةً شجاعة الصّمود المدني السّلمي في وجه الحكم الفردي ونزوعه نحو تجريف السّاحتين السياسيّة والمدنيّة والنّضال الدّؤوب من أجل استقلال القضاء وتحرير المعتقلين السّياسيّين فإنّها تقتضي كذلك شجاعة الإقرار بالتقصير وبنصيبهم من المسؤولية، مع اختلاف المواقف والمواقع ، عن إنتكاسة عشرية الانتقال الديمقراطي، رغم ما حقّقته من إنجازات ومكاسب.

وإننا إذ نثمن الإلتقاء النّضالي لمكوّنات المنتظم السياسي والطيف المدني للمطالبة بالحريات ورفض للنزوع الإستبدادي للسّلطة فإنّه يبقى قاصرا ما لم يتحوّل إلى فعل سياسيّ مشترك يتجاوز رواسب الخلافات والصّراعات ويوحّد الجهود و المطالب.

إن الأسباب التي أدت الى التمرّد على الدستور والإنقلاب عليه وفي مقدمتها الصراع السياسي العقيم على حساب توظيف البناء المؤسساتي خدمة لأهداف الثورة وتحقيق التنمية لا تزال قائمة وتمثل أهم أسباب استمرار الانقلاب وهو يقود البلاد نحو تعميق الأزمة متسلّحا بخطاب التّخوين وتقسيم التّونسيّين فلم ينجح إلا في تدمير ممنهج لكل المكتسبات الديمقراطية وفي انتاج مشهد سياسي واجتماعي واقتصادي وأخلاقي متوتّر ومأزوم يعيد للأذهان مشهدا مشابها قبل 15 سنة ..!

لقد أثبتت كلّ التّجارب عبر التّاريخ أنّ أهمّ عناصر القوّة لدى الحكّام المستبدّين هو تشتّت معارضيهم و فرقتهم ، فهل من معتبر ..!؟
عاشت الثورة التّونسيّة خالدة وملهمة.
تحيا تونس .

عن جبهة الخلاص الوطني
نائب الرّئيس

شارك رأيك

Your email address will not be published.