كل منّا له نصيب من تحطيم التجربة الديمقراطية في تونس

في المقال التالي المنشور على فيسبوك، يقدم المستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي نوعاً من التقييم السياسي للسنوات الخمس عشرة التي أعقبت ثورة 14 جانفي 2011، ويعتقد أن جميع الفاعلين السياسيين دون استثناء مسؤولون عن الفشل الحالي.

محسن مرزوق *

حسنا. أرجو أن لا يفهمني أحد بالمقلوب. ولا يبرر ما سأقوله هنا الاستبداد والظلم مطلقا ولا يعطيه حجة بل يعطيه بعضا من تفسير سبب حدوثه.

ما يحصل في تونس من فوضى حكم واستبداد وظلم مرفوض طولا وعرضا طبعا… طبعا. وفي نفس الوقت، رأيي أن حكم الرئيس قيس سعيّد الحالي هو جملة وخلاصة وتلخيص آثامنا وخطايانا… خلال الفترة من 2011 إلى 2019 وحتى بعدها…

الشعبوية مارستها النخب في تلك الفترة وتفننت فيها ودعايات المؤامرات واتهام الخصوم وقع اختراعها هناك ونموذج الحجاج وروبسبيار رأيناها وقتها وتحطيم التجربة الديمقراطية من داخلها بالفوضى وبتغليب مصالح الأحزاب على مصالح البلاد وقع التفنّن فيها وقتها… وكل منّا له نصيب منها يجب أن يعترف به ليتقدم إلى الأمام…

وهناك ظواهر جديدة من نوع وجوه جديدة تريد أن تهيمن على الساحة السياسية بحجة ساذجة هي لا يبنى جديد بقديم فيجب أن يختفي الجميع ليبقوا هم في حين أن المطلوب هو الجدارة بالإنجاز والكفاءة لا بالجدة أو القدم…وكل واحد يعمل فيديو باهي وإلا يكتب سطرين يولي زعيم ويحب يختفي الي قبله… وهو نفس المنطق الذي جاء بسعيد أي البحث من خارج الصندوق ليجد أصحاب هذا المنطق أنفسهم خارج الصندوق ولكن في السجن…

يجب أن نعترف بهذا كل من موقعه لنتقدم.

كل المظلومين الحاليين وهم مظلومون فعلا… من في السجن وخارجه ونحن كلنا… لن يضيرنا شيء في الاعتراف أن ما يحصل لنا وللبلاد هو أيضا نتيجة لأخطائنا.

ومن المضحك السخيف أن يتبارز هذا وذاك في اتهام الآخرين بالمسؤولية فيما وصلنا إليه بينما الجميع لهم جانب منها…

لنا كلنا جانب من المسؤولية في مرحلة لم نكن جميعا فيها مستعدين كما يجب… كلنا… وطبعا نفسي في النقد الذاتي قبل غيري

شخصيا طالما لم أسمع هذا من فاعل سياسي سابق أو حالي لن أعتبره جادّا ولا عنصر تقدم في المستقبل…

والقول انه لا يصح النقد الذاتي وقت الاستبداد هو قول خطأ بل هو أحد طرق الخروج منه…

فحكم الرئيس سعيد هو التضخيم المثالي لكلّ أمراضنا وتحويلها إلى نظرية حكم.

وطالما لم يطرد كل واحد فينا “السعدون” الكامن داخله لن نستطيع القطع مع منهج ومنطق حكم الرئيس سعيد في المستقبل بل سيتم إعادة إنتاجه كله أو بعضه…

وهذا بكل أسف لسنا نراه بل نرى عكسه.

ولهذا يصح القول أن أزمة السياسة في تونس هي استبداد الحكم من جهة وتعفن المجتمع السياسي بعجزه عن رؤية أخطائه من جهة أخرى…

قال تعالى: إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

* ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.