في موضوع الإتفاقية العسكرية مع الجزائرالتي تم توقيعها في 7 أكتوبر 2025 في الجزائر العاصمة من قبل وزير الدفاع خالد السهيلي ورئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة نستطيع اليوم الإجابة على بعض الأسئلة و يبقى البعض من غير إجابة.
فوزي بن عبد الرحمان *

– هل هناك إتفاقية ؟ نعم هناك إتفاقية أمضى عليها من الجانب التونسي وزير الدفاع و نشرت المعلومة على صفحة وزارة الدفاع الجزائرية و لم ينشر أي شيء على المواقع الرسمية التونسية ؟
– هل نعرف محتوى الإتفاقية ؟ نشرت في الأول تسريبات كذبها رئيس الدولة بقوله أن الدولة لا تدار بصفحات التواصل، و لكن في الأثناء وقع نشر نفس المحتوى الذي أفصحت عنه قناة الزيتونة على صفحات جرائد لها مصداقية : “جون أفريك” و “الفيغارو” الفرنسية. و لم يصدر أي تكذيب رسمي صريح على المعلومات المتداولة مما يشير أن المحتوى المنشور يمكن أن يكون قريبا للصحة.
حرج كبير جدا من هذا الإتفاق
– لماذا كل هذا الصمت من طرف السلطات التونسية ؟ هنا لنا أكثر من إجابة : أولا سلطة قيس سعيد قتلت السياسة بالمعنى النبيل للكلمة، هو لم يقتل المعارضة بل قتل السياسة التي في جانبه، لا يوجد اليوم من يحمل خطابا سياسيا لدى السلطة القائمة، الوزراء موظفون سامون من الإدارة و لا يتدخلون في الشأن السياسي. هم وجوه من غير صوت.
ثانيا : المؤسسة العسكرية التي من المفروض أن تكون في واجهة الخبر هي مؤسسة صامتة عند جميع الدول و عندنا و هي بذلك في دورها و لا يمكن أن نطلب منها أكثر من ذلك، و لكن وزير الدفاع هو الطرف الذي يجب أن يجيب على تساؤلات الرأي العام و هو لا يفعل.
ثالثا : هناك حرج كبير جدا من هذا الإتفاق شأنه شأن الإتفاق مع أوروبا لعام 2023 و هذا الحرج هو الذي يجعل السلطة لا تتكلم و لا تصدق و لا تكذب !!
– ما هو الموقف من هذه الإتفاقية إن صح المحتوى الذي وقع نشره ؟ هي إتفاقية يجب إلغاؤها بكل بساطة. هي غير مقبولة شكلا و مضمونا و لا يمكن أن تعبر بأي شكل من الأشكال على الإرادة الشعبية في بلادنا. إلغاء الإتفاقية هو الرأي و الموقف الوحيد في تقديري و لن أدخل في تفاصيل الإتفاقية يكفي أن نذكر عدم توازنها و كذلك عدم خضوعها للمساءلة الدستورية كما كان يجب أن يكون.
كلمة سيادة تطبق من الجانبين
– ما هي تبعات ذلك ؟ الرأي أننا لا بد ألا تجرنا العاطفة للتعرض من خلال هذا إلى العلاقة مع الجار و ثوابت سياستنا الخارجية معه كما هو المفروض أن تكون و هذه الثوابت تتلخص في المبادئ التالية :
1. كما لا نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشأن الجزائري فنحن لا نقبل التدخل في شؤوننا الداخلية. وضعنا و صراعاتنا و خلافاتنا تحل بيننا و لا مجال لأي كان التدخل فيها. كلمة سيادة تطبق من الجانبين.
2. تاريخ البلدين مرتبط أشد الإرتباط و كان دائما تحت عنوان واحد : مساندة الشعب و الوقوف إلى جانبه.
3. يمكن أن تختلف سلطات البلدين أو تأخذ إتجاهات مختلفة في فترات معينة أو في قضايا معينة، احترام الرأي و الموقف و مواصلة الحوار هو الطريق الأمثل لتجاوز الخلاف.
4. تونس بلد لم تكن له يوما عقيدة عسكرية هجومية و لم تستثمر في التسلح العسكري خلافا للجارة، و هذا يمكن أن يقع تفسيره أو استغلاله على وجه الخطأو لذلك فان الدعوة للسلطة السياسية ببلادنا على العمل لوضع أسس التعاون العسكري في إطار متناسق و متوازن مع اتفاقياتنا المبرمة مع الدول الإقليمية و الدولية و ما يضمن سيادتنا و استقلالنا.
5. ثوابت سياستنا الخارجية هي العمل على وحدة المغرب العربي الكبير و دفع التعاون و الاندماج الاقتصادي .
هذه الاتفاقية التي وصفتها صفحة وزارة الدفاع الجزائرية بالمحطة الفارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين أثبتت أننا نعيش في تونس أزمة حكم و أزمة مؤسسات و أننا لا يمكن أن نواصل في هذا النهج المسدود، مهما كانت طبيعة الاتفاق و محتواه.
هي تعبير على أزمتنا قبل كل شيء.
* وزير سابق.



شارك رأيك