من الجزائر:عمّـــــــار قـــــردود
إرتقعت نسبة الغضب والإحتجاجات وسط التونسيين بسبب رفع اسعار المواد الإستهلاكية والبطالة وسط الشباب، لأعلى مستوياتها ، حيث قام المحتحون بغلق كل المعابر الحدودية البرية لتونس مع الجزائر وتوقيف حركة المرور بل و شلها بشكل كلي تقريبًا.
و أفادت مصادر أمنية و جمركية جزائرية متطابقة “أنباء تونس” أن كل المعابر الحدودية البرية للجزائر مع تونس المتواجدة بولايات الوادي،تبسة،سوق أهراس و الطارف كانت شبه مغلقة خاصة خلال الــــ72 ساعة الماضية،أي بداية من يوم الإثنين و حتى صباح اليوم الخميس،و لم يتم تسجيل إلا أعداد قليلة من المسافرين من و إلى تونس.
وشهدت عدد من المناطق التونسية مشادات عنيفة فى عدة مدن فى شمال وجنوب تونس، خلال اليومين الماضيين، بعد قرارات حكومية بفرض ضرائب جديدة ورفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، وأسفرت الأحداث عن مقتل شخص و توقيف أزيد من 200 آخرين و إمتدت أحداث الشغب لتمس أزيد من 11 ولاية تونسية.
و قد وجد الآلاف من الجزائريين المتواجدين في مناطق متفرقة من تونس، أنفسهم عالقين،بداية من الثلاثاء الماضي،خاصة في بعض المدن التونسية التي تشهد منذ أيام موجة احتجاجات عارمة و غير مسبوقة، على غلاء مختلف المواد الاستهلاكية، ما تسبب في حدوث موجة من الغضب الشعبي واندلاع سلسلة من الاحتجاجات التي توسعت رقعتها مع مرور الأيام، بعدما أقدم المحتجون في مختلف مناطق البلاد على غلق معظم الطرقات بالحجارة والمتاريس، وإضرام النيران في العجلات المطاطية، ما تسبب في إحداث شلل على مستوى العديد من الطرقات والمحاور الرئيسية بين المدن التونسية،وحتى على حدودها مع الجزائر، حيث تسببت احتجاجات سكان ساقية سيدي يوسف بولاية الكاف التونسية، المتاخمة للمعبر الحدودي البري “الحدادة” بولاية سوق أهراس، في إجبار المسافرين الجزائريين المتوجهين إلى تونس على العودة من حيث أتوا والبحث عن منافذ أخرى عبر المعابر الحدودية البرية بولايتي الطارف وتبسة، و نفس الشيء بالنسة للقادمين من تونس باتجاه الجزائر.
و في ظل إستمرار موجة الإحتجاجات رغم تسجيل إنخفاض في حدتها خاصة في بعض المدن التونسية دون أخرى،طالب عدد من الجزائريون العالقون بعدد من المدن التونسية المختلفة بضرورة التدخل الفوري و العاجل للسلطات الجزائرية من أجل العمل على فتح المعابر الحدودية البرية حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم أو البحث عن حل يسمح لهم بالعبور إلى الجزائر و إذا تطلب الأمر إجلاءهم من خلال تخصيص عدد من الطائرات أو السفن لذلك،خاصة و أن عدد من العائلات الجزائرية لديها إلتزامات خاصة بالعمل و الدراسة،مع العلم أن معظمهم دخلوا تونس لدواعي طبية و لظروف خاصة.
إرتفاع نسبة العائدين إلى الجزائر من تونس جوًا بنسبة 45 بالمائة في ظرف 5 أيام
و بحسب مصدر مسؤول بشركة الخطوط الجوية الجزائرية لـــ”أنباء تونس” فإنه قد تم تسجيل إقبال كثيف من طرف الجزائريين على السفر نحو الجزائر من تونس عبر الطائرات،رغم غلاء تذاكر السفر جوًا،لكن يبدو أنهم أقدموا على ذلك مضطرين بسبب تدهور الأوضاع في تونس و تسبب المحتجين التونسيين في غلق الطرقات و جميع المنافذ المؤدية إلى المعابر الحدودية البرية،و قدّر نسبة الإرتفاع بأزيد من 45 بالمائة في ظرف 5 أيام فقط،و تم تسجيل عودة مئات الجزائريين عبر الجو من تونس نحو الجزائر.
و بحسب بعض الجزائريين العائدين لتوهم من تونس إلى الجزائر عبر الجو لـــ”أنباء تونس” فقد شهد مطار قرطاج الدولي بالعاصمة التونسية إقبالاً كثيفًا و غير مسبوق من طرف الجزائريين الذين حاولوا العودة إلى الجزائر عبر المعابر الحدودية البرية لكن دون جدوى بسبب غلق الطرقات من طرف المحتجين التونسيين.
كما أفاد مصدر جزائري مطلع لــــ”أنباء تونس” أنه قد تم تعليق حركة النقل البري بين الجزائر و تونس منذ مساء الإثنين الماضي،و تم تسجيل توقف كلي لنشاط الناقلين عبر البر بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في تونس و غلق الطرقات من طرف المحتجين و تخوفهم من أي أذى قد يلحق بهم و بمركباتهم.
تواصل الإحتجاجات بتونس مع تراجع في حدتها
هذا و قد اندلعت صدامات جديدة مساء أمس الأربعاء، لليلة الثالثة على التوالي، بين متظاهرين وقوات الأمن في العديد من المدن التونسية التي تشهد موجة احتجاجات على غلاء الأسعار وإجراءات تقشف اعتمدتها السلطات في الآونة الأخيرة.
وفي سليانة الواقعة في شمال غرب البلاد رشق شبان قوات الأمن بالحجارة والقنابل الحارقة وحاولوا اقتحام محكمة في وسط المدينة، في حين ردت عليهم الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع، كما أفاد مراسل لوكالة “فرانس برس”.
وفي مدينة القصرين الواقعة في وسط البلاد الفقير تجددت الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، إذ حاول شبان تقل أعمارهم عن 20 عاما قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة وعمدوا أيضا إلى رشق عناصر الأمن بالحجارة.
وفي طبربة – 30 كلم غرب تونس العاصمة- نزل عشرات المتظاهرين الى شوارع هذه المدينة التي شهدت شيعت الثلاثاء رجلا توفي أثناء صدامات دارت ليل الاثنين. وردت الشرطة على المتظاهرين برميهم بكميات كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع، بحسب ما أفاد أحد السكان.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن مواجهات مماثلة دارت في عدد من الأحياء القريبة من العاصمة، بينما أعلنت وزارة الداخلية في حصيلة جديدة أن عدد الموقوفين على خلفية هذه الصدامات بلغ 237 شخصا.
وبعد سبع سنوات من “ثورة الحرية والكرامة” التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بدأت تظاهرات سلمية متقطعة الأسبوع الماضي في تونس احتجاجا على ارتفاع الأسعار وموازنة تقشف دخلت حيز التنفيذ في 1 جانفي 2018 ونصّت على زيادة الضرائب.
وبعد سنوات من التباطؤ الاقتصادي وتوظيف أعداد كبرى في القطاع العام، تواجه تونس صعوبات مالية كبرى، إذ فاقت نسبة التضخم 6 بالمئة نهاية 2017 في حين بلغ الدين والعجز التجاري مستويات مثيرة للقلق.
وحصلت تونس في العام 2016 على خط قروض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 2,4 مليار يورو على أربع سنوات مقابل برنامج يهدف إلى خفض العجز في الموازنة.
تراجع اقبال الجزائريين على تونس بسبب تدهور الوضع الأمني
فجأة و بعد أن بلغ عدد السياح الجزائريين المتوافدين على تونس خلال أواخر شهر ديسمبر الماضي حوالي مليون سائح جزائري مع إحتساب الجزائريين القادمين من دول أخرى عبر الحو و البحر و البر،تم تسجيل تراجع رهيب في إقبال الجزائريين على تونس بسبب الوضع الأمني بداية الأسبوع الجاري،و ذلك تخوفًا من تكرار سيناريو سنة 2011 عندما إندلعت ثورة الياسمين التونسية و التي أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي،حيث بقي عدد معتبر من الجزائريون عالقون بتونس و لم يتمكنوا من العودة إلى الجزائر لا عبر البر و لا عبر الجو لعدة أسابيع،و لهذا فضّل عدد من الجزائريين تأجيل سفرهم إلى تونس بعد عودة الهدوء و الإستقرار و في أذهانهم إحتمال إندلاع ثورة ثانية في تونس يبقى قائمًا و بقوة.و هم يمنون النفس بأن تعود المياه إلى مجراها الطبيعي بهذا البلد الغالي على قلوب الجزائريين دون إستثناء.
شارك رأيك