
من الجزائر:عمّـــــار قــــردود
حذّر مركز الأزمات الدولية، في تقرير نشر اليوم الخميس، من “الانجراف نحو التسلط والعودة إلى نظام الاستبداد في تونس، بعد سبعة أعوام على الثورة التي وضعت حدًا لعقود من الديكتاتورية”.
و جاء هذا التحذير الدولي بالتزامن مع مرور 7 سنوات على ثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس المعزول زين العابدين بن علي واضعة بذلك حدًا لعقود طويلة من النظام الديكتاتوري و الإستبدادي منذ إستقلال تونس سنة 1956،و كذلك بالتزامن مع موجة احتجاجات ،منذ الأحد الماضي، على غلاء الأسعار وإجراءات تقشف اعتمدتها السلطات في الآونة الأخيرة ضمن قانون المالية لسنة 2018.
ويتهم مركز الأزمات الدولية الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بـ”جعل النظام رئاسيًا” و”تشريع الأصوات التي تدعو الى تعديل دستور 2014 بهدف توسيع صلاحياته”، في سياق جدل حول إمكانية ترشح السبسي (91 عاما) لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2019 أو احتمال تقدم ابنه-حافظ السبسي- لهذه الانتخابات بدلاً منه.
ويعتبر المركز أن ضعف المؤسسات لا يعود الى الدستور، إنما الى عدم تطبيقه، داعيا، في التقرير ذاته، القادة التونسيين إلى “عدم القيام بمراجعات دستورية قد تدفع الحكم في تونس إلى أن يصبح أكثر اختزالا في يد الرئيس”، أو أن “تقسم الساحة السياسة بعنف في وقت تدخل تونس في مرحلة من الغموض الانتخابي”.
ويضيف التقرير أن ما يعرقل تطبيق الدستور فهو “انعدام الثقة بين الحزبين الرئيسيين في الائتلاف الحكومي، المكون من القوميين المنتمين إلى حزب نداء تونس وإسلاميي حركة النهضة”.
وحسب مركز الأزمات الدولية فإن الخلافات بين هذين الحزبين اللذين سيتنافسان في انتخابات 2018 و2019، “ساهمت في عرقلة إنشاء المحكمة الدستورية، المؤسسة الرئيسية التي تحسم القضايا في حالة الأزمة”.
وتم تشكيل ثلاث هيئات من الهيئات المستقلة الخمس التي ينصّ عليها الدستور، لكن “مع الوقت، الأكثريات النيابية قلصت استقلالية هذه الهيئات”، بحسب المركز.
ويشير مركز الأزمات الدولية إلى أن البرلمان نفسه يعاني من نقص في الاستقلالية الإدارية والمالية، و”قد يصبح غرفة لتسجيل القرارات السياسية التي اتخذت قبل طرحها على البرلمان، على غرار ما كان يحدث في عهد بن علي”.
وقال المركز: “الطبقة السياسية لم ترضخ بعد إلى هذه المحاولة التسلطية”، لكن “في سياق الركود الاقتصادي، يعود الحنين إلى الدولة القوية، على غرار صورة الدولة التي كان النظام السابق يدعي الدفاع عنها”.
وجاء في تقرير المركز: “من أجل استكمال مساره الديمقراطي النموذجي، يفترض بالبلد الوحيد الذي نجح في تجربة الربيع العربي أن يعزز مؤسساته عبر احترام وتطبيق دستوره”.
و خلُص التقرير إلى أنه و :”بدلاً من المحاولة عبثًا لإعادة بناء مؤسسات النظام القديم، والتي تندرج في إطار المغامرة، يجب على تونس ترسيخ مؤسساتها احترامًا وتنفيذًا للدستور. ومع ذلك، فلكي تتمكن هذه الأخيرة من تعزيز انتقالها وتمكينها من مواجهة ما هو غير متوقع، ينبغي أن تتجنب الطبقة السياسية تعديل الدستور. يجب أن العثور بسرعة على الإرادة اللازمة لتنفيذ المحكمة الدستورية، مما يزيد من استقلالية البرلمان وتشكيل الهيئات الدستورية المستقلة دون تفريغ محتوياتها وتنظيم الانتخابات البلدية في عام 2018. والشركاء الدوليين من تونس ينبغي مواصلة دعم هذه الإصلاحات، التي يمكن وحدها تعزيز الدولة والحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل”.


شارك رأيك