الرئيسية » مركز كارتر يدعو إلى اعتماد مجلة الجماعات المحلية قبل الانتخابات المحلية

مركز كارتر يدعو إلى اعتماد مجلة الجماعات المحلية قبل الانتخابات المحلية

 

دعا مركز كارتر إلى اعتماد مجلة الجماعات المحلية والقوانين ذات الصلة، في أقرب وقت ممكن قبل الانتخابات المحلية، وبروح الاحترام والدعم،, و قدم عدة توصيات بشأن مشروع المجلة والعمليات المطلوبة لاستكمال مجمل الإطار القانوني.

و في هذا السياق نشر المركز بيانا وضح فيه سبب وجوب الاعتماد على مجلة الجماعات المحلية و القوانين قبل الانتخابات البلدية القادمة :

“الحكم المحلي والسياق الحالي

انتهجت الدولة التونسية، في ظلّ دستور 1959، باستمرار استراتيجية تنموية مبنية على المركزية المفرطة، صيغت خياراتها بشأن الخطط الاستراتيجية والنموذج التنموي في العاصمة، مع مساهمة رمزية لسكان المناطق الداخلية التونسية. وعلى الرغم من أن ثورة 2011 أسفرت عن دستور جديد، إلا أن الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس في جانفي 2017، والتي تكررت في جانفي 2018، تظهر مدى الصبغة الملحة لمطالب التونسيين الذين يعيشون في وضع هشّ. وتتطلب الإستجابة لتلك المطالب تنفيذ سياسات جديدة، والتشاور مع السكان وإشراكهم، وصياغة إطار قانوني يوفر قدر أكبر من سلطة اتخاذ القرارات والإستقلال المالي للبلديات والجهات والأقاليم.

يعالج الباب السابع من دستور 2014، المتعلق باللامركزية، هذه المطالب. وكان هذا الباب، أول أبواب الدستور التي تحوز على توافق أعضاء المجلس الوطني التأسيسي. وقد أكد على الدور الأساسي لمشاركة المواطنين والمجتمع المدني في صياغة مشاريع التنمية الجهوية ومتابعة تنفيذها. ومع ذلك، فإن الأحكام الانتقالية للدستور جعلت تنفيذ الباب السابع مستوجبا لاعتماد العديد من القوانين، وأهمها مجلة الجماعات المحلية وهذا إضافة إلى ضرورة اصدار قانون متعلق باللامحورية الإدارية، يحدد صلاحيات السلطات المعيّنة التي تمثّل الدولة على المستويين الجهوي والمحلي (الوالي والمعتمد والعمدة)، واعتماد 34 أمرا ترتيبيا لتنفيذ القانونين.

عدّل قانون الانتخابات ليشمل قواعد الانتخابات المحلية. وفي حين أنه من الممكن أن تعمل المجالس البلدية المنتخبة طبقا للقوانين السارية، فإن ذلك من شأنه أن يتعارض مع نص وروح الدستور الجديد. حيث أنه، في صورة عدم تحيين القوانين، فإن المجالس البلدية لن تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ولن تكون قادرة على تكريس آليات الديمقراطية التشاركية ومبادئ الحوكمة المفتوحة.

وعلى الرغم من أن تفعيل بعض أحكام الدستور يتطلب إجراء انتخابات جهوية، فإنه لا توجد أحكام في الإطار القانوني الحالي لتنظيم الهياكل اللامركزية الجهوية أو تحديد صلاحياتها. بحيث أنه حتى لو أجريت الانتخابات البلدية قريبا، فإنها وحدها لا تستطيع أن تفضي إلى تلبية حاجيات المواطنين في مجالات التنمية والتشغيل والبيئة وجودة الحياة، وسيتطلب ذلك التفعيل الكامل لمسار اللامركزية. بيد أن الحكومة تقترح التدرج في إرسائه على مدى 27 عاما. وهذه العملية المطولة تتعارض مع الصبغة العاجلة لانتظارات المواطنين.

أوجه القصور في مشروع القانون

يرحب مركز كارتر بالتقدم الحالي لمناقشة واعتماد مشروع مجلة الجماعات المحلية من اللجنة التشريعية المختصة. وفي هذا السياق، يلاحظ مركز كارتر عدة أوجه قصور ضمن مشروع القانون من بينها ما يلي:

• خلافا لروح ومبادئ الباب السابع من الدستور، فإن مشروع القانون يعتمد مقاربة بالحد الأدنى. حيث يكرس الدستور مبدأ التدبير الحر والاستقلال المالي للجماعات المحلية، غير أن مشروع القانون المقترح من الحكومة قد أبقى على صور متنوعة لرقابة الدولة، لاسيما في المجال المالي. وإذا كان حرص الحكومة على الحفاظ على وحدة الدولة مشروعا، فإن عدم تحديث الهياكل البلدية يحد من قدرتها، كسلطة محلية، على ممارسة ولايتها الدستورية بشكل كامل.

• منح المجلس الأعلى للجماعات المحلية، الذي أنشئ كبديل لحجرة ثانية للبرلمان لتمثيل الجماعات المحلية، صلاحيات استشارية فحسب. وتغاضي مشروع القانون، فيما يختص بتركيبة المجلس، على اعتماد مبدإ المساواة العددية بين الأعضاء من الجنسين ومبدإ التمييز الإيجابي لفائدة البلديات الأقل حظا.

• لم تقم المجلة بتوضيح المبدأ الدستوري المتعلق بالتفريع بما من شأنه أن يؤدي إلى تنازع في الاختصاص. ومبدئيا يعني التفريع أنه متى تواجدت سلطات مختلفة بنفس الحيز الترابي (بلدية وجهة وإقليم) فسيعود الإختصاص للجماعة المحلية التي تكون هي الأجدر بممارستها بحكم استجابتها الأحسن لمعياري القرب من المتساكنين والقدرة التقنية. فمثلا فإن تقسيم الاختصاصات بين الجهات والأقاليم، في مجالات تخطيط المشاريع التنموية وتنفيذها، غير دقيق. وبوجه أعم، فإن المبدأ الدستوري المتمثل في التمييز الإيجابي لفائدة المناطق المهمشة لم يتناوله المشروع بشكل ملموس.

• لم يتولى مشروع المجلة تعريف آليات التسوية والتعديل التي يتم من خلالها توزيع الدعم لفائدة الجماعات المحلية الأقل حظا، وهذا ما من شأنه أن يجعل من الصعب تحديد المقاربة الأفضل لتيسير تكريس مبدإ “التضامن” الوارد بالدستور.

• تبدو الحوكمة المقترحة للهياكل الداخلية للجماعات المحلية غير ملائمة لضمان أداء ديمقراطي فعال، باعتبارها لا تضمن زيادة النجاعة أو الديناميكية الإدارية. كما لم يتم إحداث وظيفة عمومية محلية يمكن أن تكون متماشية مع خصوصية ومتطلبات الهياكل المحلية، بما يمكنها من أداء مهامها على نحو جيد. وكما هو منصوص عليه، يحافظ مشروع القانون على الهياكل الإدارية البلدية الحالية، بما في ذلك دور الكاتب العام في إدارة البلدية.

• إن المبادئ الدستوریة تمكّن مبدئيا الجماعات المحلیة من تحدید منھجیتھا الخاصة لتكريس الدیمقراطیة المحلیة التشارکیة. ولكن يحد مشروع القانون من قدرتها على القيام بذلك، باعتبار أن المنهجية المذكورة ستحدد بأمر من رئيس الحكومة، بما من شأنه أن يكرس مقاربة الحكومة على حساب تصور الجماعات المحلیة.

توصيات

وبروح الاحترام المتبادل والدعم، يقدم مركز كارتر التوصيات التالية للمساعدة في دفع المسار قدما:

إلى الحكومة:

• تقديم مشروع قانون إلى مجلس نواب الشعب يحدد مسؤوليات السلطات الممثلة للدولة على المستويين الجهوي والمحلي وذلك في أقرب وقت ممكن.

• إصدار الأوامر الترتيبية الضرورية لتيسير تنفيذ القوانين المتعلقة باللامركزية وباللامحورية الإدارية.

• القيام بحملة واسعة النطاق لتوعية المواطنين تشرح المبادئ الجديدة لللامركزية والطبيعة التدريجية لعملية إرساءها الكامل التي تقتضي إستيفاء مراحل تمتد على مدى 27 عاما.

إلى مجلس نواب الشعب:

• اعتماد مجلة الجماعات المحلية وتحديد صلاحيات السلطات الممثلة للدولة على المستويين الجهوي والمحلي في إطار زمني معقول، بما يسمح بتفعيل الأحكام المعتمدة قبل الانتخابات المحلية.

• تعديل مشروع مجلة الجماعات المحلية لغاية:

ضمان أن تكون تركيبة المجلس الأعلی للجماعات المحلیة أكثر إنصافا من خلال تكريس المبدأ الدستوري المتعلق بالتناصف بین الجنسین في المجالس المنتخبة وتدابیر التمییز الإیجابیة لتمثیل البلدیات الأقل حظا. وينبغي أيضا أن يتمتع المجلس الأعلى ببعض صلاحيات اتخاذ القرارات، لاسيما منها اعتماد القرارات المشتركة مع سلطات الدولة والخاصة باختيار استراتيجيات التنمية الاقتصادية والإجتماعية وإرساء مبدإ التمييز الإيجابي لصالح الجهات المهمشة.

توضيح ترتيبات تفعيل مبدإ التفريع الوارد في الدستور، بما في ذلك توزيع الصلاحيات بين الجهات والأقاليم في مجال التخطيط للمشاريع التنموية وتنفيذها ، وذلك لتجنب تنازع الإختصاص أو الإعتراض على ممارسته.
تحديد آليات التسوية والتعديل قصد الحد من التفاوت بين الجماعات المحلية المحظوظة و الأقل حظا لتخويل تفعيل المبدإ الدستوري للتضامن.

ü إعادة تنظيم الهياكل الداخلية للجماعات المحلية للحد من الممارسات البيروقراطية القديمة وغرس روح جديدة تتمحور حول الديمقراطية التشاركية وأخلاقيات العمل المتجددة.
تمكين الجماعات المحلية من تحديد منهجية وترتيبات وآليات تكريس الديمقراطية التشاركية.
ü إنشاء وظيفة عمومية محلية تخص الجماعات المحلية الجديدة.”

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.