كتب النائب الصحبي بن فرج مقالا بتاريخ 17 مارس 2016 بعنوان “في تونس، دولة رسمية بأجهزتها ومؤسساتها وقوانينها وبرلمانها وحكومتها ورئيسها ورجالها ونسائها” و اعاد نشره اليوم الاحد معلقاّ “سأنشره بدون اي تعليق إضافي”.
و المطلع على النص تستحضره مقولة “ما اشبه اليوم بالبارحة” فنفس المناخ السياسي و نفس المعوقات تحكمنا اليوم و كبلت العمل الحكومي سنتين خلتا.
وجاء في النص المنشور:
في هذه الدولة “الرسمية” يجتمع البرلمان،وتلتئم الحكومة ويترأس الرئيس وتنتصب المحاكم وتشتغل الاجهزة والادارات…………فقط من أجل تصريف الاعمال
يمنع عليها أن تتجاوز ذلك ممنوع عليها أن تجتهد أو أن تفتح الملفات أو أن تحسم القضايا الهامة أو أن تقرّر أو تتحدّى أو تقترب من المحرمات أو تتجرأ على الاصلاحات لأنه، توجد في تونس، دولة أخرى…….موازية ….لها أمنها ولها قضاؤها ولها رموزها وسياسيوها وأحزابها ومافياتها الخ الخ الخ
الدولة الموازية في تونس ، شبكة من العلاقات واللوبيات والمصالح ممتدّة عموديا وأفقيّا ومتغلغلة في الاجهزة والادارات والمؤسسات، لها قوانينها غير المكتوبة وآليات عملها المضبوطة وأدواتها التي تحرّكها متى رأت ذلك وأعوانها التي تحميهم مهما كانت التكاليف
بقطع النظر عن قلّة الكفاءة والخبرة والاحترافية والجراة لدى الحكومة، وانعدام الرؤية ومحدودية الآفاق عندها ،وحدود النظام السياسي وسلبيات النظام الانتخابي……هناك معطى هام لا يجب أن يغيب عنا:
اليوم، ومنذ فترة ، نحن في مرحلة التعايش بين الدولتين الرسمية والموازية، بحكم الضرورة أو بحكم الواقع أو بحكم الجهل آو بحكم الغباء أو بحكم العمالة أو بحكم المصالح أو بحكم التراخي والاستسلام والتسليم أو بحكم التآمر ……..تتعدد الاسباب والنتيجة واحدة: دولة رسمية متعايشة مع دولة موازية وهو ما يعني السير رويدًا رويدًا نحو الدولة الفاشلة.
راجعوا، جميع القضايا الخطيرة والملفات المصيرية والقرارات التي لا تتحرك أبدا والقطاعات المتأزمة التي تعرفونها جيّدا: هل فُتِحٓ ملفّ واحد؟ هل كُشِف النقاب عن قضية واحدة؟ هل وصلنا الى حقيقة واحدة؟ هل عرفنا متّهما مهمّا واحدا؟ هل قمنا بإصلاحٍ واحد؟ هل غيرنا من حال قطاعٍ واحد؟أبدًا……..ببساطة شديدة لان الدولة الموازية متعايشة مع الدولة الرسمية فيما يشبه قانون الصمت الذي يسود في نابولي عاصمة الكومورا الايطالية(مجتمعا ودولة وأجهزة امنية وقضائية)
اليوم، البرلمان مشلول،الحكومة عاجزة،الرئاسة مقيّدة بالدستور ومكبّلة بغير الدستور، الأجهزة الامنية مخترقة أو متصادمة مع الاجهزة القضائية(وهي بدورها مخترقة) ،والاقتصاد منكمش والمالية العمومية في عرفة الانعاش
في هذا المناخ،يضرب الإرهاب حيث تسنح له الضروف ويستشري الفساد حيث تعجز الدولة
وفي هذا المناخ أيضا،يتصدّى الوطنيون حيثما وُجِدوا وحيثما قدٓروا وكيفما استطاعوا:في الامن، في الجيش،في البرلمان،في الحكومة ،في المجتمع المدني،في الاعلام، في القضاء، في الأمن….وفي عامّة الشعب
تبدُ الموازين غير متكافئة والامكانيات متباينة ولكن العارفين بتجارب الانتقال الديموقراطي حول العالم،يؤكدون أننا نمر بمرحلة مصيرية:
•إما أن تستوعب القوى الموازية الدولة برمتها وتبتلعها •وإما أن تنجح الدولة الرسمية وقواها الحيّة في فرض سلطتها وتحجيم الدولة الموازية والقضاء عليها
نحن نعيش اليوم صراعًا حقيقيًّا ضد الزمن:كم ستتحمل الدولة العميقة(الطبقة الوسطى ،الإدارة،النقابات،دوائر المال والاعمال،المثقفون ،الاجهزة المختلفة……..) ؟؟
كم ستصبر؟ هل تصبر؟ هل تصمد؟
شارك رأيك