من الجزائر:عمّــــــار قـــــردود
إثر قرار وزارة التجارة الجزائرية إشتراط شهادة تثبت البيع الحر في البلد المنشأ , كلفت وزارة التجارة التونسية مديرياتها التجارية بتسليم شهادات البيع الحر إلى المصدرين التونسيين لإنقاذ 1 مليار دولار.
سارعت وزارة التجارة التونسية اليوم إلى تكليف مديريات التجارة التابعة إليها لتسليم شهادات البيع الحر إلى المصدرين التونسيين وذلك بعد أن تضررت الصادرات التونسية نحو الجزائر إثر قرار وزارة التجارة في الجزائر إشتراط شهادة تثبت البيع الحر في البلد المنشأ.
و قررت تونس التي يبلغ حجم صادراتها بالمتوسط نحو 1مليار دولار من السلع سنويا إلى الجزائر تسليم الشهادة السابقة لمن يطلبها من الصناعيّين أو التجار أو الحرفيّين أو مسدي الخدمات بموجب قرار صدر بالعدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة بتاريخ 16 مارس 2018.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة لتونس منير المؤخر إن القرار تمّ اتخاذه على خلفيّة إجراء طبقته الجزائر مؤخّرا يفرض على كلّ الموردين حيازة و إرفاق شهادة البيع الحرّ.
وأشار إلى أن عددا من الشركات المصدّرة التونسيّة تفاجأت من هذا القرار وتعطّلت صادراتها إلى الجزائر، مؤكدا أن وزارة التجارة تفاعلت إيجابيا مع المسألة وكلّفت غرف التجارة والصناعة الثمانية بتسليم شهادات البيع الحرّ.
و كانت وزارة التجارة في الجزائر قد عمدت مطلع السنة الجارية إلى توسيع قائمة الوثائق الضرورية عند التوطين البنكي للإستيراد يشمل وثيقة رسمية معدة من طرف هيئة مخولة في بلد المنشأ أو المصدر تثبت من خلالها على أن البضائع المستوردة سوق فعلا وبكل حرية على مستوى إقليمها ، طبقا لمقتضيات المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 12-203 المؤرخ في 06 ماي 2012 المتعلق بالقواعد المطبقة في ميدان أمن المنتوجات
وتهدف وزارة التجارة الجزائرية من وراء ذلك الى التصدي لظاهرة استيراد البضائع من أطراف ثانية غير الدول الأصلية المصنعة لتلك البضائع حيث تسهم هذه الظاهرة في رفع اسعار السلع المستوردة وتنامي البضائع المغشوشة و المقلدة.
مُتعاملون إقتصاديون جزائريون يشتكون من عراقيل بيروقراطية تونسية
هذا و قد إشتكى عدد من المتعاملين الإقتصاديين الجزائريين لــــ”أنباء تونس” من ثقل الإجراءات البيروقراطية التي تتعمدها السلطات التونسية للسماح لهم بتصدير عدد من السلع الجزائرية نحو تونس عكس ما يتلقاها المتعاملون الإقتصاديون التونسيون و الذين يلقون كل الترحيب و التسهيلات الإدارية و الجمركية لتصدير منتجاتهم نحو الجزائر.
و قال أحد المتعاملين الإقتصاديين الجزائريين من ولاية ميلة-شرق الجزائر-و الذي ينشط في إنتاج المواد الصيدلانية المتمثلة في المراهم الجلدية لــــ”أنباء تونس” أنه تقدم بشكوى رسمية واحدة مكتوبة و أخرى شفوية للقنصل العام التونسي بالجزائر تتضمن العراقيل البيروقراطية التي أعاقت إتمام صفقة تجارية لتصدير بضاعته بقيمة بلغت أزيد من ربع مليون أورو-300 ألف أورو تحديدًا-،بسبب طلب الجهات التونسية ملفًا يتكون من 22 وثيقة،لم يتمكن من جمعها طيلة 6 أشهر كاملة،و قد تفاجأ القنصل العام التونسي لهذا الأمر و وعد المتعامل الإقتصادي الجزائري بتسوية وضعيته في القريب العاجل و وعده بإبلاغ الحكومة التونسية بالأمر و التدخل لرفع مثل هذه الممارسات البيروقراطية في وجه المستثمرين الجزائريين.
إطلاق أول عملية تصدير عبر السكك الحديدية من برج بوعريريج الجزائرية نحو تونس
من جهة أخرى،أفادت مصادر جزائرية مطلعة لــــ”أنباء تونس” أن مؤسسة النقل بالسكك الحديدية،أطلقت،بحر هذا الأسبوع، أول عملية تصدير نحو تونس إنطلاقًا من المنطقة اللوجيستيكية غير المرفئية “الميناء الجاف” ببلدية “تكستار” بولاية برج بوعريريج الجزائرية.
وأوضحت ذات المصادر أنّ أول تجربة للتصدير عبر السكة الحديدية بدأت مع أحد المتعاملين الإقتصاديين الذي سينقل ما بين 70 إلى 80 حاوية أسبوعياً من السلع الجزائرية نحو تونس.
و أشارت مصادرنا أن هذه العملية تهدف إلى تمكين المتعاملين الاقتصاديين والتجار من رفع حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات،حيث أن مداخيل الجزائر من العملة الصعبة ترتكز على نسبة 95 بالمائة من المحروقات.و سيتم-وفقًا لنفس المصادر-منح التسهيلات والبدائل الكافية لتشجيع المتعاملين الاقتصاديين والتجار على التصدير والبحث عن أسواق خارجية.
وأشار ذات المسؤول لوكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن هذا الميناء الجاف عرف تطورًا ملحوظًا في نشاطه مع بداية العام الجاري.كما تم برمجة زيارات ميدانية إلى المناطق الصناعية والوحدات الإنتاجية لشرح التدابير ومختلف التحفيزات التي تساعد على ترقية التصدير خارج المحروقات،وتقديم ملاحظات إلى أصحاب الشركات حول الطرق السليمة في التصدير لتفادي التأخر في الإجراءات.
و كان المدير الجهوي للجمارك الجزائرية بسطيف-شرق الجزائر، محمد دحماني، قد أعلن ،في أواخر فيفري الماضي،خلال زيارة قادته إلى الميناء الجاف بـــ”تكستار” الواقعة شرق ولاية برج بوعريريج، أنه خلال شهر مارس الجاري ستكون أول عملية تصدير عبر السكك الحديدية نحو تونس، انطلاقًا من المنطقة اللوجيستيكية أو ما يعرف بالميناء الجاف بتكستار.
و أضاف المتحدث، أنه تم الاتفاق مع المتعامل الاقتصادي على الشروع في التصدير بالقطار بمعدل 80 حاوية أسبوعيًا لمختلف السلع نحو تونس. كما أن هذه العملية ستمكن من منح تسهيلات للمتعاملين الاقتصاديين والتجاريين، من خلال تقديم البدائل الكافية في سبيل تشجيعهم على التصدير والبحث عن أسواق خارجية، بالتالي رفع حجم الصادرات خارج المحروقات، هذه الأخيرة التي أكد بشأنها أنها ارتفعت في الولايات الخمس التابعة للمديرية الجهوية، ويتعلق الأمر بسطيف، بجاية، جيجل، المسيلة وبرج بوعريريج، خلال العام المنصرم بنسبة 300٪، أي ما يعادل تحصيل 800 مليون دولار.
في حين لم تتجاوز خلال سنة 2016 مبلغ 260 مليون دولار. كما يتوقع أن تتضاعف أكثر هذه السنة، خاصة بعد تزايد إقبال المتعاملين الاقتصاديين والتجاريين على ميناء بجاية والميناء الجاف بتكستار في برج بوعريريج، حيث أكد أنه بدأ يعرف تطورًا كبيرًا منذ السنة الماضية، خلافًا لما كان عليه سنة دخوله حيز الخدمة عام 2016، بعد انتقاله من النقل البري للسلع والبضائع نحو الموانئ، إلى التصدير المباشر للحاويات باستعمال عربات نقل السلع والبضائع بالسكك الحديدية، كونه يتوفر على قاعدة للسكك الحديدية، بهدف رفع قيمة الصادرات وتحريرها من قطاع المحروقات، وأكد دحماني أن المديرية العامة للجمارك أطلقت العديد من الحملات التحسيسية والإجراءات التحفيزية والتسهيلات الجمركية لفائدة المصدرين، مع توعيتهم بضرورة الانفتاح على الأسواق الخارجية.
و أوصى تقرير دولي صادر في أوت 2016، عن الأمم المتحدة حول التنمية البشرية في دول شمال أفريقيا، بالعمل على تطوير شبكات النقل البحري والسكك الحديدية بين هذه الدول وتوسيع قدرات المراكز الحدودية، لرفع حجم التبادل التجاري وحركة النقل بين البلدان.
ويشير التقرير إلى أن الطرق البرية تعرقل تطور المبادلات التجارية بين دول المنطقة، حيث يتم نقل البضائع براً، بينما تؤدي رداءة شبكة الطرق إلى رفع تكاليف نقل البضائع وتأخر وصولها.
ويلفت إلى أن الجزائر وتونس ترتبطان بتسعة معابر حدودية، ثلاثة منها لعبور المسافرين والبضائع، وخمسة خاصة بالمواطنين، ومعبر وحيد خاص بنقل مواد الطاقة.
حجم المبادلات التجارية بين الجزائر و تونس يفوق 2 مليار دولار
و بالرغم من إمضاء أكثر من 115 اتفاقية بين تونس و الجزائر، لا يزال تطوير مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين محدوداً.ويجمع خبراء الاقتصاد ورجال أعمال جزائريون و تونسيون لـــ”أ،باء تونس”، على أن السوق الجزائرية يمكن أن تحمل الكثير للاقتصاد التونسي و أن السوق التونسية يمكن كذلك أن تحمل الكثير للإقتصاد الجزائري، إذا ما تم تفعيل الاتفاقيات المبرمة والقضاء على التهريب، عبر إحداث منطقة تبادل حر على الحدود-تم الإعلان عنها من طرف الحكومتين الجزائرية و التونسية يوم 8 فيفري الماضي بمدينة ساقية سيدي يوسف-، لاستيعاب نزيف السلع المتدفقة خارج الأطر القانونية.و يبلغ حجم المبادلات التجارية بين الجزائر و تونس 2 مليار دولار،وبلغ حجم المبادلات التجارية بين تونس والجزائر في 2015، نحو 1.4 مليار دولار، حيث صدرت الجزائر إلى تونس ما قيمته 857 مليون دولار، واستوردت منها ما قيمته 571 مليون دولار.
وتتصدر المواد الغذائية قائمة المنتجات التونسية المصدرة نحو الجزائر، مقابل توريد المحروقات “المنتجات البترولية” والغاز الطبيعي، حيث أسعفت الجزائر في مناسبات عدة تونس بتزويدها بالغاز الطبيعي والكهرباء بأسعار دون الأسعار المتداولة في السوق العالمية.
و يعتقد خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال الجزائريين و التونسيين إن تحسين التعاون الاقتصادي مع الجزائر متوقف على قرارات سياسية جادة في هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن كل الإمكانات متاحة من أجل تحسين مناخ الأعمال بين البلدين خدمة للاقتصاديين.
و إتفقوا على أن التهريب أنهك اقتصاد البلدين، وهو ما يستدعى التعجيل بإحداث منطقة للتبادل الحر، لاسيما وأن الجزائر باتت تتكبد فاتورة مرتفعة جراء المحروقات المهربة.
شارك رأيك