تم اليوم الأربعاء الإعلان عن مشروع مركز صفاقس للفضاء والطيران وإطلاق عملية تصنيع أول قمر صناعي تونسي وطائرات دون طيار في إطار شراكة تونسية أجنبية بين مجموعة “تلنات” التونسية ومؤسسات يابانية وفرنسية وذلك بمناسبة الملتقى الدولي الذي ينتظم بمدينة صفاقس يومي 25 و26 أفريل الجاري تحت شعار “الفضاء : أفق جديد لريادة الأعمال” بمشاركة ثلة من الخبراء والباحثين من تونس وعدد من الدول الأجنبية.
وسيقع إنجاز هذا المركز الجديد في إطار شراكة ثلاثية بين مجموعة “تلنات” والشريك الفرنسي قطب الفضاء بمدينة تولوز والقطب التكنولوجي بصفاقس الذي سيحتضن المركز بحسب ما بينه الرئيس المدير العام لمجمع “تلنات” محمد الفريخة، متوقعا أن يقع إطلاق القمر الصناعي التونسي الذي أطلق عليه اسم “تحدي 1” في سنة 2020.
وتميز الملتقى بمشاركة وفد من الخبراء من مدينة تولوز الفرنسية التي تصنف بالعاصمة الأوربية للفضاء بالنظر إلى ريادتها في هذا المجال ووفد ياباني متخصص في الطائرات دون طيار والخبير عن مجمع سعودي في المجال عبد العزيز النملة إلى جانب عديد الباحثين والأكاديميين والمهندسين التونسيين.
وتم في الحصة الافتتاحية للملتقى تقديم تجارب عدد من المؤسسات العالمية العاملة في مجالات الفضاء وأنشطته العلمية والاستشعار عن بعد وقاعدات البيانات وصناعة الأقمار الصناعية الصغرى والتكوين في مهن الفضاء وغيرها. كما قدم التونسي محمد عبيد عن وكالة الفضاء الأمريكية “نازا” مداخلة بتقنية “سكايب” حول الأقمار الصناعية الصغرى وأهميتها وآخر المستجدات العلمية التي تعرفها. كما استعرض بيانات علمية عن القمر الصناعي “ماركو” الذي سيتم إطلاقه قريبا في كوكب المريخ.
وعرفت انطلاقة الملتقى توقيع مجموعة “تلنات” التونسية اتفاقية مع شركة “فوجي إيمفاك” اليابانية المختصة في تصنيع الطائرات دون طيار وستشرع “تلنات” بمقتضى هذه الاتفاقية في تصنيع الطائرات دون طيار في القطب التكنولوجي بصفاقس بالاعتماد على مهندسين تونسيين في حين سيتمثل دور الشركة اليابانية في التكوين ونقل الخبرات في مجال تصنيع هذه الطائرات والمساعدة على تسويقها.
كما وقعت “تلنات” اتفاقية ثانية مع شركة الشرق الأوسط لصناعة كابلوات الألياف البصري السعودية بغاية تطوير وإدماج الخدمات في الفضاء والطاقات المتجددة والاتصالات والميلتميديا.
وشدد الرئيس المدير العام لمجمع “تلنات” محمد الفريخة على أهمية قطاع الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار كمجال تنافسي واستراتيجي واعد دوليا ومحليا معتبرا أن تونس لها الإمكانيات لاقتحام هذا المجال.
وذكر أن الملتقى سيتيح فضلا عن ورشات التكوين فرصة متابعة تجارب مؤسسات كبرى مثل “ايرباص” في مجال الأقمار الصناعية الصغرى وتقديم تطبيقات في ملاحظة الفضاء واستكشافه مبينا أن مركز الفضاء والطيران الذي سيحتضنه القطب التكنولوجي بصفاقس سيكون فريدا من نوعه على المستوى العربي والإفريقي وستؤثثه عديد المؤسسات الناشئة والمهندسون المختصون في المجال وفق قوله.
وقال الفرنسي فيليب لاتس عن قطب الفضاء بمدينة تولوز “أييرو سبايس فالي” إن الفضاء يمكن أن يكون مجالا حقيقيا لدفع الشراكة رغم أنه بقي يصنف كمجال خاص منذ 50 سنة ولكن التكنولوجيات الرقمية غيرت الوضعيات وفتحت الأبواب أمام اقتحامه بحسب تعبيره. واعتبر أن تكاثر الأقمار الصناعية دليلا على ذلك، مشيرا الى تعدد فرص تنويع المنتوجات التي يمكن توظيفها في عديد القطاعات على غرار القطاعي الفلاحي على سبيل المثال.
ودعا الخبير الفرنسي الى ضرورة تسريع نسق الانخراط في المجالات التكنولوجية الرقمية التي تيسر الدخول في عالم الفضاء وتطبيقاته.
وبين ناكاياما تومو عن مؤسسة “فوجي إيمفاك” اليابانية المختصة في مجال الطيران أن مؤسسته شاركت في تصميم عديد المؤسسات الوطنية في تونس وكذلك القمر الصناعي “عربسات” وفي تمويل عديد مشاريع أخرى.
وشدد على أن الطائرات دون طيارين الذي تختص فيه مؤسسته باستعمال تقنيات اتصالية وتكنولوجية متطورة قادرة على قطع مسافات تفوق ألف كيلومتر. وأضاف قوله إن هذه الطائرات يمكن ان تقوم بمهمات في مراقبة قوارب الصيد البحري والقنوات النفطية والغابات وغيرها من التطبيقات التي تمكن من تطوير الاقتصاد والتقليص من الكوارث ومجابهتها.
واعتبر أن نقل التكنولوجيا من اليابان الى تونس صار ممكنا من خلال الاتفاقية التي تم امضاؤها مع مجمع تالنات.
واعتبر الرئيس المدير العام للقطب التكنولوجي بصفاقس فاتح كريشان من أن الطاقات التونسية لها كل الإمكانيات العلمية والمعرفية لاقتحام المجال. وذكر أن اتفاقية أولى تم إمضاؤها مع قطب الفضاء بمدينة تولوز لتدعم التكوين والشراكة في المجال الذي قد يمكن تونس من التموقع عالميا في هذا المجال.
وقال كاتب الدولة للبحث العلمي خليل العميري أن المشروع المركز الجديد للفضاء والطيران الذي أعلن عنه بمناسبة هذا الملتقى عالي المستوى ويبين أن اقتحام مجال الفضاء لم يعد حكرا على الدول المتقدمة تقليديا. وأشار الى الإمكانيات الكبيرة التي يمكن أن تتيحها التطبيقات التكنولوجية في مجال الفضاء في مجالات التنمية المستدامة ومقاومة التلوث وتطوير الفلاحة والصيد البحري والتخطيط الحضري واكتشاف المواقع الأثرية وغيرها من المجالات الكثيرة.
واعتبر وجود مؤسسات من طراز تكنولوجي عال في تونس على غرار مجموعة “تلنات” من العوامل المساعدة على خوض مجال الفضاء فضلا عن تموقع تونس دوليا وقدرتها على استثمار عديد نقاط القوة مثل الكفاءات العلمية والذكاء لكسب رهان المنافسة في هذا المجال. وشدد على ضرورة دفع الشراكة أكثر بين القطاعين العمومي والخاص واستثمار شبكة العلاقات الدولية مع الشركاء العرب والأفارقة والأوروبيين.
ووصف رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أنور التريكي انخراط تونس في مجال صناعة الفضاء بالمحتشم على حد الآن مؤكدا استعداد القطاع الخاص والاتحاد في جهة صفاقس للانخراط بكل قوة والاستثمار في المجال بما يساهم في تحقيق نتائج أكثر تطور ونجاعة في المستقبل.
يذكر أن مؤسسة “تلنات” أسست منذ 23 سنة وحققت رقم معاملات بحوالي 44 مليون دينار خلال سنة 2017 ولها أربع مواقع إنتاج كبرى في كل من صفاقس (المؤسسة الأم) وفرنسا وتونس العاصمة وتختص في تصنيع وترويج مجموعة من منتجات وخدمات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
شارك رأيك