الرئيسية » عن الأناشيد و المناشدين ، صلاح الدين الجورشى مثالا

عن الأناشيد و المناشدين ، صلاح الدين الجورشى مثالا

 

بقلم أحمد الحباسي

المتابعون للشأن السياسى يعرفون من هو السيد صلاح الدين الجورشى ، لكن من المؤكد أنه لا أحد يعرف ما يحويه ” صندوق ” هذا الصحفى و المحلل السياسى الذى تختطفه وسائل الاعلام و يؤثث السهرات السياسية لكثير من المحطات الإعلامية المختلفة ،

من طبيعة الأخوان أنهم متلونون بالفطرة و بالدربة و سى صلاح كما يحلو للبعض مناداته لا يشذ عن هذه القاعدة الذهبية و الذين يستمعون الى أطروحة الرجل يدركون أنهم سيخرجون فى نهاية التحليل الهادئ الممزوج بشيء من الطرائف و الاستطراد احيانا بيد فارغة و أخرى لا شيء فيها لان الرجل كالماء لا لون له و لا رائحة و هو يتعمد مسك العصا ليس من النصف فقط بل من كل الزوايا و الاتجاهات ، ربما تعلم الرجل هذا ” الفن ”

في الخطاب السياسى او الاعلامى انطلاقا من سياسة ” السمع و الطاعة ” التي يتفرد بها الاخوان دونا عن بقية الخلق فى العالم و لكن من الواضح أنه يستعمل كل ما أوتى من فكر و تلون و مهارة للخروج بأخف الاضرار و الايحاء بكونه قد خرج من عباءة النهضة ليدخل عالم البراغماتية السياسية أو عالم الخطاب السياسى الوسطى البعيد عن الخطاب التكفيري المتشنج للإخوان ، مع ذلك لا يزال الجميع ينظرون لسى صلاح بنفس النظرة الدائمة التى تقول أنه اخوان مهما تلون .

لا يختلف السيد صلاح الدين عن بقية الاخوان فى النهضة و ربما عن الاخوان فى مصر و تركيا بل هو احد الوكلاء الذى انسلخوا فى الظاهر و لكنهم يؤدون نفس الدور فى كل مكان داخل الفضاء الاعلامى و السياسى المشوب بكثير من الهنات و العلل ، ربما لبس الرجل عباءة أخرى ليغير من الشكل و لكن المضمون لا يزال على حاله و هو يستمر على عماه الدينى مصرا على ادبيات الاخوان بكثير من التنميق و الحذر و السلاسة المفتعلة و لذلك فهو يصر الحاحا على أن العمل السياسى لا يمكن أن يستمر إلا بوجود خلفية دينية اخلاقية اسلامية تمثل الاساس و الركيزة القوة لكل عمل سياسي ،

ربما هذا يتعارض في الظاهر مع خلاصة المؤتمر العاشر لحركة النهضة أين خرج ” الجماعة ” بنكتة باهتة تقول أنهم تخلوا عن الدعوى لفائدة السياسي لكن من يعرف الأخوان يدرك أن الأمر لا يتعلق إلا بتغيير في المواقع و ليس تغيرا في السياسة و المشروع ، بطبيعة الحال لم ينتبه البعض إلى موقف الرجل في خصوص ما طرح إعلاميا حول إمكانية ترشيح الحركة لمرشدها الغنوشى للانتخابات الرئاسية 2019 ، لقد انطلق سى صلاح بطريقته اللينة المعتادة و بسيل من العبارات ” الحيادية ” المنتظرة في خطاب معسول لا يبتعد عن خطب مناشدة بن على و تلك الشعارات البائسة ” الله أحد ، الله أحد ، بن علي ليس كمثله أحد ” .

في تاريخ سى صلاح كثير من المحطات السياسية المشبوهة و الخفية و كثير من حالات نقل السلاح من هذا الكتف إلى ذاك الكتف الموتورة أو بما يعبر عنه في لغتنا العامية التي يبرع الرجل في استعمالها و اللجوء إليها بانتظام يحسد عليه ب ” قلبان الفيستة ” و هو في هذه الحالة لا يختلف عن بقية الأخوان المسلمين ،

فنحن و رغم البحث و التدقيق و التمحيص لم نجد في ” أرشيف ” هذا النهضاوى الأليف ما يفيد أنه كان رغم ثقافته الواسعة و احتياج الوطن للمثقفين لقيادة التيار الرافض لسياسات القمع و الاستبداد من المطالبين أو الحاثين على الثورة أو الطامحين لقيادتها و هو كغيره من الأخوان استفاد من هذه الهزة الاجتماعية التي ذهبت بالنظام السابق و جاءت بالإخوان إلى سدة السلطة و هو من بقى رغم ذلك مدافعا عن فكر الأخوان رافضا الوقوف إلى جانب طموحات الثورة في العدالة الاجتماعية و التشغيل بل انه من الثابت أن الرجل لم يدن كل عمليات النهب و النصب و الاحتيال التي ارتكبتها عصابات الأخوان بمجرد وصولها للسلطة و التي أدت إلى انهيار الخزينة العمومية و وصول الدولة إلى حافة الإفلاس المعلن ،

لم يدن الرجل أيضا عمليات الاغتيال الإرهابية بصورة واضحة صريحة بل انه و رغم سعة إطلاعه و معارفه و علاقاته لم يشأ أن يؤكد المؤكد من أن حركة النهضة هي من تقف وراء حملات التسفير للإرهابيين إلى سوريا و من تقف وراء إدخـــــال كميات السلاح و تدريب العناصر الإرهابية و لم ير فائدة في الإشارة إلى الدور الخبيث الذي لعبته و لا تزال المحمية القطرية الصهيونية في ضرب السلم الاجتماعية و إنهاك مؤسسات الدولة خدمة للأغراض الصهيونية في تفتيت الدول العربية و تقسيمها .

ربما امتلك هذا الرجل المشبوه قدرة فائقة على تغيير محطاته السياسية و لكن ليس إلى الأفضل طبعا و لا إلى المطلوب من رجل وطني يعيش حالة ثورية غير مسبوقة في تاريخ العالم العربي ، من هنا نتساءل لماذا وقف الرجل مع ما سمي بالثورة السورية القذرة التي امتطته الدول الغربية و إسرائيل و دول الخليج المتآمرة لضرب سوريا باعتبارها آخر قلعة عربية لإسناد المقاومة و رفض الاحتلال الصهيوني ،

يتذرع الرجل عن لؤم واضح ب” إحساسه المرهف ” تجاه القضايا الإنسانية و المطالب المحقة للشعوب العربية لكن من يعرف الإخوان يدرك أنهم لا يتعاملون مع الأحداث السياسية و الاجتماعية بلغة المشاعر بل بلغة النفاق السياسي و حالة غير مسبوقة من الانتهازية الكريهة و ما دفع الرجل لإسناد هذه ” الثورة ” المتآمرة هو وجود مصالح الإخوان المسلمين في سوريا و ضرورة إسنادهم في جميع الأحوال حتى لو تحالفوا مع إسرائيل و بقية الدول الغربية و العربية المتآمرة ، ربما وقف الرجل مع الشعب اليمنى لكن هذا الموقف لم يكن مبدئيا بالأساس بل هو موقف انتهازي تطلبته العداوة المعلنة بين المحمية القطرية الصهيونية و مملكة المافيا السعودية لأنه لا شيء يجمع بين فكر سى صلاح و طموحات الشعب اليمنى و توجهاته قيادته الثورية بل علينا القول أن هذا الموقف يكشف عورات الرجل الإيديولوجية المساندة لمشروع الإسلام السياسي المتمثل في إقامة إمارة الدولة الإسلامية على ارض الميعاد تونس الخضراء .

من هو صلاح الدين الجورشى ؟ ربما انتبه البعض الآن لهذا السؤال و ربما اندهش البعض لأنه لم يتوجه إلى نفسه بهذا السؤال و هذه الحيرة التي تنتاب المتابع لشان الجماعات الإسلامية و على رأسها حركة النهضة الحاكمة هي نفس الحيرة التي نلحظها عند كبار المحللين الذين يشتغلون منذ الثورة على الأقل على فهم و تشريح هذه الفئة المشبوهة المنتمية إلى جهات أجنبية من حيث مبادئها و خفاياها و مخططاتها و مشاريعها المعلنة و الخفية ، على هذا الأساس يحار البعض في تشريح ” عقل ” و فكر الجورشى و ينتهون خائبين دائما نظرا لقدرته العجيبة على التلون بكل ألوان الطيف السياسي و زئبقيته الفكرية المبالغ فيها و التي يدرك المتابعون أنفسهم أنها نتاج لمبدأ الإخوان في التقية و التمكين استنادا إلى مبدأ لا يقل أهمية.

و هو السمع و الطاعة الذي يمثل عصب العلاقة الذهنية بين مرشد الأخوان و مناصريه مثل الإخوان صلاح الدين الجورشى ، بطبيعة الحال نحن لم نجب عن السؤال : من هو صلاح الدين الجورشى ؟ و لن نصل إلى جواب طبعا ، لكن من واجبنا أن نثير هذا السؤال مرات و مرات حتى لا يغيب عنا هذا الفكر المتخفي وراء عباءة الدين و إيديولوجيا الإخوان المرتبطة بأهداف المخابرات الصهيونية الأمريكية .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.