مع ما يبدو من غرابة في أنّ مشروع الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس قيس سعيد على استفتاء 25 جويلية القادم قد تجنّب إطلاق صفة المدنية على الدولة، فإنه قطع بفصله الأول الطريق بين تجار الدين المشرّعين للكذب والتخلف والإرهاب وبين البسطاء من العقول والطمّاعين.
بقلم سعيد الخزامي
أنا لم أصوت لقيس سعيّد في رئاسية 2019. لم أنتخبه لأنه لم يطرح برنامجا يقنعني، ولأنه كان غامضا. لكنني كنت أعلم بأن الرجل نظيف، وبأنه وطني صادق في حبه لتونس. ويَثبت أن الصفات الثانية أنبل وأجدى من الأولى بعد أن اقتنعنا تماما بأن ساسة البرامج وشعارات الوضوح ونبيل القيم المعلنة كذبا هم الذين عبثوا بتونس ورموها إلى التخلف والفقر والفساد…
مشروع الدستور الجديد إنجاز جديد لسعيّد من أجل إنقاذ بلدنا من أيدي الفاسدين والدجّالين والانتهازيين وأولهم جماعة الإسلام السياسي.
قطع مشروع الدستور بدء بفصله الأول الطريق بين تجار الدين المشرّعين للكذب والتخلف والإرهاب وبين البسطاء من العقول والطمّاعين. لقد أَخرج الدين من اللعبة السياسية وأَبعده عن القوانين التشريعية الإسلامية حتى لا يكون الإسلام دين الدولة ويبقى دين الفرد ينظم علاقته وحده بربه الأعلى… لا يحق للسياسي، بعد الآن، أن يزايد بمعتقداته الدينية أيّ هي معتقداته، ولا يحق أيضا للأحزاب أن تتكئ على الدين في حملاتها الانتخابية وخطاباتها السياسية، ولا يحق ثالثا للهيئات ولا للجمعيات الخيرية أن تتنصل من القانون المدني والمراقبة المالية.
بمشروع الدستور الجديد أصبح الاشتراك في المواطنة وفي احترام القانون هو الأصل، فالدولة تضمن حرية المعتقد وحرية الضمير (الفصل السابع والعشرون) والدولة تحمي حرية الشعائر الدينية ما لم تخل بالأمل العام (الفصل الثامن والعشرون)…
ومع ما يبدو من غرابة في أنّ مشروع الدستور الجديد قد تجنّب إطلاق صفة المدنية على الدولة، فإن الوارد هو أن تكون الدولة، لاحقا، أمام اختبار إلغاء الأحزاب الدينية والجمعيات المغشوشة التابعة لها، إن لم يكن بأثر ملفات قضائية فموجب قانون جديد للأحزاب والجمعيات.
صحفي و محلل سياسي,
شارك رأيك