الرئيسية » حادثة قرقنة : جنازة الاحداث… فشل حكومة…و إقالة وزير

حادثة قرقنة : جنازة الاحداث… فشل حكومة…و إقالة وزير

اولا نترحم على أرواح من قظوا  في حادثة الموت الازرق من شباب و نساء و اطفال و حتى اجنة فاحدى المتوفيات كانت حامل .

ظاهرة الهجرة السرية في شمال افريقيا منتشرة على طول الشريط الساحلي الشمال افريقي.و لا شك أن العصابات الضالعة في التسفير الغير شرعي لا تتحرك بطريقة اعتباطية ، او ان لا تكون لها اختراقاتها سواء في الأحياء الشعبية او بعض المواقع الحساسة التي تسهل لها عملها ، فتهريب البضائع يستحق إلى مرشدي طريق و يد عون من بعض البائعين لضمائرهم في بعض المواقع الحساسة فما بالك بتهريب البشر ، و هناك بعض المحللين الذين يرون ان داعش في ليبيا و غيرها من التنظيمات الارهابية صارت تمسك بهذا النشاط الخطير و تستغله حتى تدر اموالا على تنظيماتها و إلى جانب ذلك اقلاق راحة ” الافرنجة الكفرة ” حسب تعبيرهم في الشمال ، اي في اروبا ، بالتالي فنحن لسنا أمام جريمة عادية لا من حيث آداء الفعل الاجرامي حتى غاياته ،خصوصا بعد سقوط النظام في ليبيا صارت أخطر بكثير ، و كنت قد حذرت في احد مقالاتي من قبل ان تراجع داعش في تونس و خسارتها أمام الضربات الامنية و العسكرية النوعية لا يعني بالمرة ان هذا التنظيم يتركنا و شأننا بسهولة بل أنه سيحاول استغلال كل الازمات و كل الثغرات ليعبر من خلالها على وجوده المهزوم . بيتروفاك قرقنه و الاحداث التي أحاطت بها و الاحتحاجات الاجتماعية و الضغط الذي مورس حتى يتم تعطيل العمل الأمني في تلك الجزيرة العزيزة على قلوبنا ، و القرارات السياسية الارتجالية التي تم اتخاذها منذ 2017 بداية السنة و التي لم تكن حلولا بل كانت مجرد كمادات تقليدية الصنع لجرح غائر في مكان استراتيجي من جسد التراب التونسي ، مما نتج عنه تعمق الجرح في كل مرة و كانت فاتورة فشل السياسيات الحكومية تؤديها المؤسسة الامنية التي ينزل بها المواطن جام غضبه إلى ان وصل الامر لإلقاء السيارات الامنية في البحر فتكون النتيجة الحتمية ان نرى جثثا ترمى في البحر غياب الامن و تكبيل يديه لن يؤدي إلا إلى تلك النتيجة المنطقية و المأساوية . داعش ليبيا كانت لفترة ما تعد لهجوم عبر البحر و قد خططت لذلك خصوصا في أواخر سنة 2015 بالتالي فإن خطر هذه الجماعات و إمكانية محاولة تسللها إلى المدن الساحلية و من بعد تنفيذ عملياتها الدنيئة وارد جدا ، الحكومة التونسية تعرف ان هذا الخطر قائم و تعرف ان المدن الساحلية بوابة الجنوب الاروبي بدورها خطر اذا ما بقيت دون استراتيجيا شاملة خطر على السائح في بلده الأم و عندما يحل بتونس ، لكن رغم ذلك و لفترة دامت أكثر من سنة فإن السياسات المعمول بها كانت سياسة المهادنة و الكمادات التقليدية و إلى الآن لا حل و لا احتجاج و الوضع على صفيح ساخن على كل حال الامر لا يبدوا مختلفا عن تطاوين و القصرين و قفصة و غيرها من الجهات التي تعاني من التهميش . طبعا عندما نقول هجرة غير شرعية نقول مهاجر ، و نقول كذلك حالة من اليأس و الانتحار او مغامرة انتحار مغلفة بالرغبة في الحياة ، نقول إلى جانب ذلك ظروف اجتماعية تعيسة فلا أتصور أن شخصا ما يحس بالاستقرار العائلي و المهني و النفسي ان يعرض نفسه لمغامرة موت او سجن و النسبة الاضعف نجاحها ، فأكثر من ثلاثة ارباع محاولات الإبحار خلسة تبوء بالفشل فإما السجن او الموت و أضعف الايمان خسارة تحويشة العمر و إضافة نكد عيش على همه ، بمعنى أن الحل الامني لا يمكن ان يكون حلا وقائيا و الحال ان بلدان اروبا تدعمنا لتحريك حلول وقائية داخل المجتمع حتى يتم نزع هذه الفكرة من اذهان العازمين عليها فهل اعدت الحكومة التونسية و لو لمرة واحدة ومضة تحسيسية حتى مكتوبة ضد الهجرة الغير شرعية ؟ هل وضعت كتابة دولة متفرعة لهذه الظاهرة المستفحلة و الخطيرة التي تأكل من شبابنا و عائلاتنا و امننا القومي هل تمت عمليات متابعة نفسية معمقة مع الاشخاص الذين نجو من قوارب الموت ؟ و الاهم هل وجدت حلول لكل الذين حاولوا ان يأخذوا مسلك بحر الموت حلا ليحسوا ان هناك هنا دولة كذلك تفكر في مواطنيها و ليس الغرب فقط يفكر فيهم ؟ بالتالي فإن مقاومة نزيف الهجرة السرية ليست مجرد مسؤولية وزارة واحدة بل هي مسؤولية حكومة كاملة كل له دوره من رئيسها إلى كل عضو فيها و عدد الارواح التي سقطت يقول ان الحادث جلل و ان المسؤولية يتحملها الجميع ، و هو فشل سياسات حكومة كاملة الا ان وزيرا واحدا يحمل كل نتائج الفشل و الحال ان دوره يأتي في الحلقة الاخيرة وزير لم يعين اي مسؤول من المسؤولين الاداريين بالجهة ، هي سياسة اللحام الصحي الذي يأتي لثقب يقطر ماء في مسلك الماء و يزينه بالنحاس عوض قطع كل التركيبة الهشة ، هي الحلول المتجذرة في الدكتاتورية و سوء التقدير و الفهم ، لذلك فإن هذا القارب و اولئك الموتى رحمهم الله لن يكونوا الاخيرين ما دامت نفس السياسات تسير و نفس العقليات لم تتغير ، اليوم الحكومة الايطالية الجديدة بدأت ترسل قلقها طبعا نحن لا نوافق باي حال من الأحوال التدخل في الشأن الوطني و الفشل التونسي في انهاء الظاهرة يقابله فشل امني ايطالي في الإطاحة بقوارب الموت و منعها من العبور للمياه الاقليمية الايطالية ، لكن ما اردت قوله ان هذه الظاهرة بدأت تتسبب في أزمات ديبلوماسية نحن الآن في غنى عنها و إلا هل ننتظر ان تصنف تونس في قائمة البلدان المتساهلة مع الهجرة الغير شرعية فنصنف في قائمة سوداء أخرى ؟ في الحقيقة الامر لما نتأمل فيه نلاحظ أن القراءة الامنية لوحدها غير كافية ، اذن تحمل هذه الحكومة على الاستقالة احتراما لأرواح مواطنينا التي سقطت ، و احتراما اكثر لنفسها لانها اساءت التقدير في قراءة أبعاد هذا الملف ، خصوصا و أنها ليست الحادثة الأولى في ظل هذه الحكومة التي تخسر فيها عددا كبيرا من الضحايا و إلا فهل ان قدرنا مع هذه الحكومة ان يصبح ابناءنا طعاما لسمك البحر و في كل فينة و اخرى تعيش جل ولاياتنا جنازات جماعية لتشييع ابناءنا فيصبح لنا في كل حي ميت و كل ولاية جنازات و كل الوطن حداد .

بقلم : المحلل السياسي و القانوني وليد الوقيني

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.