الرئيسية » من الآن نحن في 2019

من الآن نحن في 2019

 

 

بقلم محمد فوزي معاوية
كمساهمة في خضم هذه الحيرة الواسعة وكمحاولة قد تشارك في انارة السبيل نتقدم بهذه الملاحظات
(1) البلاد منهكة تدخل من الآن في سنة 2019
كل هذه التحركات وكل هذه التشنجات و كل هذه الاصطفافات و راء شخصيات قيادية تقدم بصورة مبالغة فيها كزعامات هو التسارع للدخول في 2019 و الغالب أن ذلك يتم لدى الاكثرية بصورة واعية أو غير واعية وفق اعتبارات ذاتية و مصلحية ضيقة يطغى عليها الطابع الفردي و الأنانية القطاعية المفرطة أما البلاد والعباد …و الثورة و الانتقال… ففي الغالب حدث و لا حرج.
و ما يدعو الى التسائل و الحالة هذه هو هل أن البلاد و هي ليست بعيدة عن الهاوية قادرة على تحمل أعباء هذه التجاذبات و هذه الصراعات المرشحة الى الدوام و الى مزيد من الاستفحال و سقف ” التوافقات ” الوطنية و المصيرية يكاد يسقط على رؤوسنا جميعا ؟
(2) خطيئة استنزاف مفهوم ” الوحدة الوطنية”
الا يحسن ان نعيد ما قلناه مرارا وتكرارا و ان الديمقراطيات ان كانت ناشأة أوعريقة تستمد قوتها من كونها توفر للافراد و الفئات الحق في للدفاع عن مصالحها مهما كانت خصوصية و ضيقة ولكن ذلك يشترط يشترط بالضرورة التى لا محاد عنها ” تتمثل في اتفاق وطني حول أعلى سقف ممكن للتوافقات تلك التوافقات التى بها نحمي دعائم الدولة و مناعة الوطن و التى لا تقتصر على ما هو مسجل في الدساتير لتشمل الخيارات الاصلاحية المصيرية التى لا بد أن تحسم القضايا حولها خارج التجاذبات و أن غياب ذلك يترك الباب مفتوح لآفتين مدمرتين ، انتهاك مقومات السيادة الوطنية و استفحال التدخلات الأجنبية من جهة و فتح المجال للوبيات الفساد و الخراب وهي المتربصة تحت ألف غطاء و المتموقعة داخل مفاصل الدولة و المجتمع من جهة ثانية.
ألا تتجسم أكبر خطيئة اقترفناها و نتحمل مسؤوليتها جميعا مع ما للائتلاف الحاكم من قسط وافر فيها في التلاعب بقضية القضايا الا وهي قضية ” الوحدة الوطنية ” و اقحامها في حسابات سياسوية و استخدامها في مناورات دون وعي بالمخاطر الجسيمة التى قد تنجر عن ذلك فمنحناها بصورة ملفقة لحكومة سرعان ما أفقدناها السند و تركناها تعتقد أنها صاحبة القرار بلا منازع بفضل ما لها من أغلبية برلمانية فغاب عنها وأنها في مرحلة تأسيسية مهما كانت نتائج الانتخابات الحاصلة… و غاب عنها ةأيضا أن في السياسة العبرة بالنتائج و ان الاستغلال المفرط لمؤسسات الدولة و الاعلام لتغطية حصيلة الفشل و اكتساب المواقع من أجل تحقيق مصالح ذاتية أو حزبية قد ينتهي الى عكس ما خطط اليه و أن ذلك لا يخدم مسارنا الانتقالي الذي يمر بأعسر مرحلة تاريخية يجتازها.
(3) دور نخبنا في الميزان
و هكذا نفتح اليوم أبواب الصراعات و التجاذبات بعنجهية وفي غير مواعيدها و بدون محصنات ونجد نخبنا وفي مقدمتها المهتمة بالشأن السياسي تبدو غير قادرة ،وهو ما يعني أنها غير مؤهلة على الأقل بصورة كافية ، لقيادة المرحلة بتحدياتها و بالحد الادنى من الاستقرار و العقلانية و ذلك في مختلف مواقع الفعل و اتخاذ القرار فيكفي أن تمسك الأفراد أو الجماعات مهما صغرت بشىء من أطراف السلطة حتى ،وفي الحين ، تنتفخ ذواتها وتدخل في دائرة التكالب على مواقع النفوذ خارج مقتضيات الموضوعية و التبصر التى بتغيبهما نساهم و لا شك في فتح الأبواب للانتكاسة لا قدر الله وللمجهول …و هو في حقيقة الأمر معروف يجسمه التطرف وغياب الاعتدال و االنخراط في مغالاة مدمرة تنبئ بما لا يحمد عقباه .
(4) المفارقة الكبرى النهضة ماسكة “وحدها” بالمقود
و أمام مأساة تفكك حزب ” النداء” و بداية انهياره تتقاذفه رياح ” توريث “مدمرة و عبثية من جهة و نزعات توظيف لتموقع الأفراد خارج أي رؤية و أي توجه أو برنامج ماعدا احتكار السلطة و النفوذ من جهة ثانية و أمام تشتت مدمر أيضا لبقية الجبهات و الأحزاب التى بدورها و ضعت أفرادها قبل هياكلها و هياكلها قبل مصلحة البلاد و الشعب و أمام جانب من” المستقلين ” المصطفين عن وعي وغالبا بدونه وراء هذا الزعيم “الصاعد ” أوذاك و فقا لتقلب مواقع نفوذ مهتز… فان السفينة ليست في مأمن و ما تبقى من مقودها أصبح في نهاية الأمر بيد حركة النهضة تؤدب الأبن الضال على ما اقترفه من أقوال ونعوت لا تغتفر تجاه رئيسها أولا ثم من أفعال مرشحة للاستفحال ثانية …و تمهل رئيس الحكومة ليبقى في موقعه بفضلها ..وهو الساعى على الدوام للحصول عن السند المفقود لدى اتحاد الشغل حينا و لدى حزبه احيانا ثم لدى النهضة مؤخرا لأنها على و عي وأن الاقرار بالحصيلة الفاشلة لحكومته سيلحق بها أضرارا لها تابعاتها السلبية و قد يفتح ذلك الأبواب لمحاسبات تتجاوز هذه الحصيلة. و مع كل ذلك تبقى المفارقة الكبرى في تونس الريادية في توجهاتها الحداثية (هكذا ) تتمثل في بروز حركة النهضة للخارج و الداخل في ثوب القوة الفعلية الواعية بأطراف المعادلة الصعبة بين مستلزمات استمرار تقدم الانتقال الديمقراطي وضروريات أخذ موازين القوى بعين الاعتبار .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.