من الجزائر: عمّـــــــار قــــــردود
كشف مصدر ديبلوماسي جزائري مطلع لـــ”أنباء تونس” أن العاصمة الموريتانية نواكشوط ستستضيف قمة دول الجوار الليبي، على هامش قمة الإتحاد الإفريقي الحادية والثلاثين على مستوى الرؤساء يوم الأحد المقبل.
وهي القمة التي ستكون على مستوى وزراء الخارجية، تشارك فيها تونس ممثلة بخميس الجهيناوي والجزائر ممثلة بعبد القادر مساهل ومصر بسامح شكري. وذلك للتباحث حول آخر التطورات في الملف الليبي خلال الأسابيع الأخيرة والذي شهد مستجدات خطيرة من خلال إندلاع مشادات مسلحة بين الفصائل حول ما يسمى بـــ”الهلال النفطي” في محاولة السيطرة على منابع البترول في البلاد.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد أدانت “الهجوم على مينائي تصدير النفط في راس لانوف و السدرة”. وقالت إن “هذا التصعيد الخطير في منطقة الهلال النفطي يعّرض إقتصاد ليبيا للخطر ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد”.
و إضافة إلى الأزمات الإقتصادية والأمنية التي تعاني منها ليبيا بسبب الخلافات السياسية القائمة، فإن وزراء خارجية دول الجوار الليبي سيسعون بدورهم لبحث أفضل السبل للمساهمة في تهيئة الأجواء لإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية تقبل نتائجها من كل الأطراف الليبية، وهو التحدي الكبير المطروح اليوم على مختلف الفصائل الليبية.
و من جهة أخرى أكّد مسؤولون في موريتانيا، الثلاثاء الماضي، إن جدول أعمال القمة الأفريقية يتضمن مؤتمرًا لدول الجوار الليبي على مستوى وزراء الخارجية، وتشارك فيه الجزائر ومصر وتونس، وذلك لنقاش آخر التطورات في الملف خلال الأسابيع الأخيرة، منذ التوافق الأفريقي والدولي على التعجيل بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ليبيا قبل نهاية العام 2018 خلال آخر اجتماع بباريس. ويسبق القمة الأفريقية اجتماع لوزراء الخارجية سيعقد يومي 28 و 29 جوان الجاري.
وبدأت الإثنين الماضي أعمال الاجتماعات التحضيرية للمندوبين الدائمين لدى الاتحاد الإفريقي للإعداد لجدول أعمال القمة التي تعقد يومي الأول والثاني من جويلية المقبل، حيث يدرسون ملفي الأزمة الليبية وبؤر التوتر والفساد في القارة الأفريقية. وكان رئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى حول ليبيا، رئيس دولة الكونغو دينيس ساسو نغيسو، دعا الاتحاد الإفريقي إلى انتهاج موقف موحد بشأن ليبيا حتى تؤخذ جهودهم في الحسبان في عملية إنهاء الأزمة في ليبيا، وجاء ذلك خلال عرضه تقريره حول الوضع الليبي بناء على نتائج تحركات اللجنة التي يرأسها في القمة الأفريقية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أواخر شهر يناير الماضي.
و تأتي قمة وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر بإعتبارها دول جوار ليبيا، و في وقت تزايدت الضغوط الأوروبية التي تريد إيجاد حل لتدفق المهاجرين من السواحل الليبية بإتجاه أوروبا، وهو ما دفع بوزير الداخلية الإيطالي إلى زيارة ليبيا من أجل وقف ما أسماء “شُحنات اللحم البشري” في إشارة إلى تدفق المهاجرين على بلاده.
السبسي يزور نواكشوط من أجل كسب الدعم الإفريقي لمبادرته حول ليبيا
و أفادت مصادر ديبلوماسية و إعلامية متطابقة أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي من المتوقع أن يقود الوفد التونسي للمشاركة في قمة الإتحاد الإفريقي الحادية والثلاثين يومي الأحد و الإثنين المقبلين بالعاصمة الموريتانية نواكشوط خصيصًا من أجل كسب الدعم الإفريقي لمبادرته الهامة حول ليبيا.
في 20 فبراير2017 وقع وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر إعلان مشترك لدعم التسوية السياسية الشاملة في ليبيا، حيث أكد على تحقيق المصالحة برعاية دول الجوار والأمم المتحدة والتمسك بالحل السياسي، ورفض الحل العسكري والتدخل الخارجي في ليبيا.
وبعد يومين من الاجتماع، تلا الإعلان وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في مؤتمر صحفي مشترك بالعاصمة التونسية مع وزير خارجية مصر سامح شكري ووزير الشؤون المغاربية والأفريقية والعربية الجزائري عبد القادر مساهل؛ حيث شدد على أن “ضررًا بالغًا لحق بليبيا” بسبب تعطل العملية السياسية، و”أن حالة الجمود في ليبيا لا يمكن أن تستمر”. وتقوم المبادرة المطروحة على ستة مرتكزات، هي على الشكل التالي وفق نص الإعلان
– مواصلة السعي الحثيث لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا دون إقصاء في إطار الحوار الليبي بمساعدة من الدول الثلاث وبرعاية الأمم المتحد.
– التمسك بسيادة الدولة الليبية ووحدتها الترابية وبالحل السياسي كمخرج وحيد للأزمة الليبية، على قاعدة الاتفاق السياسي الليبي الموقع (بالصخيرات) في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 باعتباره إطارا مرجعيا، والاتفاق على مساندة المقترحات التوافقية للأطراف الليبية قصد التوصل إلى صياغات تكميلية وإلى تعديلات تمكّن من دفعها.
– رفض أي حلٍّ عسكري للأزمة الليبية وأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية لليبيا باعتبار أن التسوية لن تكون إلا بين الليبيين أنفسهم، والتأكيد على أن يضم الحوار كافة الأطراف الليبية مهما كانت توجهاتها وانتماءاتها السياسية
– العمل على ضمان وحدة مؤسسات الدولة الليبية المدنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي – المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة – بما في ذلك الحفاظ على وحدة الجيش الليبي وفق بنود الاتفاق السياسي الليبي، للقيام بدوره الوطني في حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والهجرة غير النظامية.
– تواصل الدول الثلاث جهودها على المستوى الوزاري في التنسيق فيما بينها ومع مختلف الأطراف السياسية الليبية لتذليل الخلافات، ويتم رفع نتائج الاجتماع الوزاري إلى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تمهيدا للقمة الثلاثية في الجزائر العاصمة..
ويكون إعلان تونس الوزاري أرضية لتكثيف وتعزيز الحوار بين الأطراف الليبية في إطار جدول زمني محدد يتم التوافق بشأنه لاحقا، بعد التشاور مع الأطراف الليبية المعينة والأمم المتحدة باعتبارها الراعي الرسمي للاتفاق السياسي الليبي وأي
تفاهمات جديدة تتعلق بتنقيحات أو تعديلات فيه.ستقوم الدول الثلاث بشكل مشترك ورسمي بإحاطة الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بإعلان تونس الوزاري، باعتبارها وثيقة رسمية لدى المنظمات الثلاثة.
و أكد الرئيس السبسي على أن المبادرة التونسية تستمد روحها من الالتزام بالقرارات الأممية، مبرزا في هذا الإطار “أهمية التعاون مع منظمة الأمم المتحدة في ترتيبات العملية السياسية لإنهاء الأزمة.”
وكشف الرئيس التونسي، في هذا السياق، “أن المبادرة التونسية لحل الأزمة الليبية ترمي إلى مساعدة مختلف الأطراف الليبية وتشجيعها على الحوار من أجل بلوغ الوفاق المنشود خدمة لمصلحة ليبيا وتونس ودول الجوار”. وتابع: “أن التنسيق جار خاصة مع كلّ من الجزائر ومصر لإنجاح هذه المبادرة وتحقيق أهدافها”.
و كان وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي قد زار، بتاريخ 20 جوان الجاري، إيطاليا ليوم واحد. و أكد خبراء ديبلوماسيون على أن الملف الليبي تصدّر أجندة لقاءات الوزير في روما، فيما قال آخرون أن ملف الهجرة السرّية طغى على برنامج الزيارة.
و إعتبرت زيارة المسؤول التونسي، الأولى من نوعها بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سلفيني بشأن تونس. وكان سلفيني قد قال بداية جوان الجاري بأن “تونس، البلد الحرّ والديمقراطي لا يرسل إلى إيطاليا أناسًا شرفاء بل في أغلب الأحيان وبصفة إرادية مساجين سابقين”.
وأثارت هذه التصريحات عاصفة من النقاشات في الأوساط الإعلامية والسياسية في تونس، قبل أن تعبّر الخارجية التونسية للسفير الإيطالي بتونس عن “استغرابها الشديد من مثل هذه التصريحات، التي لا تعكس مستوى التعاون بين البلدين في مجال معالجة ملف الهجرة”. وذكر بيان للخارجية التونسية بأن تلك التصريحات “تنمّ عن عدم إلمام بمختلف آليات التنسيق القائمة بين المصالح التونسية والإيطالية لمواجهة هذه الظاهرة”.
كما إستحوذ الملف الليبي على لقاءات المسؤولين الإيطاليين مع وزير الخارجية التونسي. حيث أن الموقف التونسي مبني على مبدأ رفض التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا – وهو متوافق تمامًا مع الجزائر و مصر-، كما تسعى السلطات التونسية إلى التسويق لمبادرتها بشأن هذه الأزمة المستمرة منذ سنوات.وكانت تونس قد عبّرت في وقت سابق عن رفضها للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا وأكدت دعمها للحلول السياسية بين الفرقاء الليبيين.
شارك رأيك