يزور وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، اليوم الخميس 12 جويلية 2018، ولاية الطارف الحدودية مع تونس، من أجل تفقد واقع التنمية في الولاية وتدشين مشاريع محلية، مع توجيه رسائل سياسية تقضي بضرورة رفع درجة اليقظة والتنسيق الأمني بين الجزائر وتونس، على خلفية إعتداء جندوبة الأخير الذي وقع بالقرب من الحدود الجزائرية.
فبعد 4 أيام من الهجوم الإرهابي الذي إستهدف عناصر الحرس التونسي أثناء دوريتهم في مدينة جندوبة قرب الحدود الجزائرية، يتوجه وزير الداخلية الجزائري إلى ولاية الطارف لرفع وتيرة التنسيق الأمني بين البلدين ولمواجهة الجماعات المتشدّدة الناشطة على الحدود، أهمها “كتيبة عقبة بن نافع” و”الجماعة السلفية للدعوة والقتال” و”داعش”.
و ما فتئت الجزائر تقديم المساعدة لتونس في مواجهة ظاهرة الإرهاب، التي أخذت منحى تصاعدياً وباتت أقوى بعد ثورة الياسمين عام 2011. وجدّدت الجزائر في أكثر من مرة دعمها لتونس في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب الأعمى، آخره عقب عملية جندوبة، التي راح ضحيتها 6 أمنيين، حيث أدان وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي الاعتداء المسلح. وقال بدوي في بيان صادر عنه: “تلقيت بكل أسى الاعتداء الإرهابي الجبان الذي استهدف دورية للحرس الوطني يوم الأحد 8 جويلية 2018 والذي أسفر عن استشهاد ستة من أعوانه الذين نحسبهم من الشهداء”. وأضاف الوزير الجزائري: “نحن نتقاسم معكم الأحزان، ندين هذا الاعتداء الغاشم، ونستنكر هذا الفعل الدنيء”.
وختم نور الدين بدوي، بيانه بقوله: “الجزائر، حكومة وشعبا تدين هذا الاعتداء الغاشم، كما نعرب عن دعمنا المطلق للشقيقة تونس وتعاوننا اللامتناهي من أجل استئصال بقايا هذا الورم الخبيث الذي يريد العبث باستقرار وأمن منطقتنا”.
كما سارعت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بالتنديد بالاعتداء الإرهابي، وقال الناطق باسم الوزارة عبد العزيز بن علي الشريف: “نعرب عن تضامننا التام مع تونس، وإننا نبقى على يقين أن الإرهاب الشنيع والأعمى لا يمكنه زعزعة عزم هذا البلد الشقيق وقادته وشعبه، على مكافحة هذه الآفة والتغلب عليها”.
هل تراجع مستوى التنسيق الأمني الجزائري التونسي؟
و يعود التنسيق الأمني الجزائري التونسي إلى ما قبل الثورة التونسية، لكنه أخذ منحى تصاعديًا وبات أقوى بعد الثورة، لمواجهة الجماعات المتشدّدة الناشطة على الحدود.
ففي ديسمبر 2012، أعلنت تونس والجزائر عن اتفاق لتعزيز التعاون الأمني على حدودهما البرية المشتركة “للتصدي لاختراقات” تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلام”، ومهربي المخدرات والبشر. وشمل الإتفاق التعاون والتشاور، بهدف مواجهة التحديات الأمنية، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة.
ورغم المستوى الذي بلغه التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، إلا أن عملية جندوبة الأخيرة، أثارت التساؤلات حول مدى نجاعة التنسيق الأمني الثنائي ، باعتبار أنها جرت على مقربة من الحدود بين البلدين، وأوقعت 6 قتلى، هذا بعدما كان جبل الشعانبي مسرح العمليات الرئيسي للمتشددين في المناطق الحدودية.
في جانفي الماضي أكد وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي أن تونس “تعمل على التنسيق مع الجارة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب بتبادل المعلومات الحينية وعقد الإجتماعات الدورية لمزيد إحكام مراقبة الحدود البرية في ضوء التحديات الأمنية بالمنطقة “، ودعا وزير الدفاع التونسي، على هامش الزيارة التفقدية التي أداها بتاريخ 30 جانفي 2018، إلى الفوج 13 مشاة ميكانيكية بمحافظة جندوبة شمال غرب البلاد والمتاخمة للحدود الجزائرية، إلى مزيد تكثيف التكوين والتأهيل والتدريب الخصوصي على حذق استعمال المعدات الحديثة بما يساهم في الرفع من جاهزية العسكريين ودعم قدراتهم القتالية.
كما أن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية سابقًا العميد خليفة الشيباني أكد خلال جلسة استماع بالبرلمان التونسي أن الحدود الغربية “يتم تأمينها بالتنسيق مع الشقيقة الجزائر في حين توجد منظومة أمنية وعسكرية بالجنوب لحماية حتى الحدود البحرية “، وأشار مراقبون للشأن المغاربي إلى أن التنسيق الأمني والإستخباراتي بين الجزائر وتونس يشهد مستوى رفيعًا في مجال ملاحقة العناصر الإرهابية ومراقبة تحركاتها وتبادل المعلومات بشأنها بشكل آني، إذ كانت سلطات البلدين وسعت صلاحيات غرف العمليات العسكرية التي يشرف عليها قادة عسكريون على الحدود، وتم توفير قنوات تواصل عسكري مباشر للتحرك بسرعة عند رصد أي تحرك للمجموعات المسلحة على حدود البلدين.
ومن المعروف أن تونس، نظرًا لتزايد مواجهتها للإرهاب في الجبال خاصة مع التحاق عدد من العناصر الإرهابية التي تحمل الجنسية الجزائرية بـ” كتيبة عقبة بن نافع” الناشطة في مرتفعات الشعانبي، دخلت في تنسيق متواصل مع الجانب الجزائري، وحسب معطيات فإن تونس تستفيد من تجربة الجيش الجزائري الكبيرة في ميدان مكافحة الإرهاب إضافة إلى عتاده وتجهيزاته العسكرية المتطورة.
وبالتالي فإن قضية التنسيق الأمني بين البلدين ضرورية وملحة، من أجل تكثيف مراقبة الحدود المشتركة، خاصة مع الوضع الأمني المتدهور في الجارة المشتركة ليبيا واستغلال مجموعات تلك الأوضاع لتهريب الأسلحة إلى الجزائر وتونس.
وتجدر الإشارة إلى أن الزيارة الأخيرة لوزير الداخلية التونسي السابق لطفي براهم إلى الجزائر قدمت للجانب التونسي صورة متكاملة عن الدرجة العالية للتجهيزات الأمنية المتوفرة والتكوين في الجزائر، ما دفع الوزير التونسي للاتفاق مع المسؤولين الجزائريين بإرسال إطارات أمنية تونسية للتكوين في المؤسسات الجزائرية وتعزيز التنسيق.
في مارس 2017 أكد الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني التونسي آنذاك خليفة الشيباني أن “الوحدات الأمنية التونسية والجزائرية تقوم باجتماعات شبه يومية للتنسيق للتصدي للإرهاب التعاون الأمني التونسي الجزائري مميز“، وأشار الشيباني أن العمليات الأمنية ”تكاد تكون يومية لتفكيك الخلايا الإرهابية مع المداهمات المتواصلة لتفكيك خلايا الإسناد“، مضيفا أن اليقظة ”لازمة“، وأفاد أن ”هزائم التنظيم الإرهابي داعش على المستوى الإقليمي ساهمت في تقليص استقطاب الشباب، خاصة مع تنشيط العمل الإستخباراتي والمضايقة المتواصلة للخلايا الإرهابية“، وفي ذات السياق قال الشيباني إن متساكني المناطق الحدودية يعيشون الفقر لكنهم لم ينجروا مع الإرهابيين.
و وقعت تونس والجزائر خلال انعقاد الدورة الـــ21 للجنة المختلطة العليا الجزائرية التونسية التي عقدت بتونس في مارس 2017 على 7 اتفاقيات بين البلدين في مختلف مجالات التعاون، خاصة التعاون الأمني والقضايا الأمنية بالمنطقة.
و أعلنت تونس، أول أمس الثلاثاء، وقوع تبادل إطلاق نار بين قوات أمنية وعسكرية ومجموعة إرهابية بولاية جندوبة، على الحدود مع الجزائر، وذلك بعد يومين من هجوم مسلح استهدف قوات تونسية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية التونسية، عن مصادر أمنية لم تسمها، أن تبادل إطلاق النار وقع في “وادي إيروق” الفاصل بين قرى تونسية وجزائرية بولاية جندوبة، شمال غربي تونس.
ورجحت ذات المصادر أن تكون المجموعة الإرهابية هي نفسها التي استهدفت عناصر مركز الحرس الوطني العملياتي المتنقل التابع للمركز الحدودي المتقدم عين سلطان بولاية جندوبة، الأحد 8 جويلية، والذي أسفر عن مقتل 6 من أعوان الأمن وجرح 3 آخرين.ولفتت الوكالة إلى أن العملية ما زالت متواصلة الثلاثاء، وأن طائرات الهيلكوبتر تطوق المكان من مختلف الاتجاهات.
يشار إلى أن الجزائر وتونس وقعتا سابقاً عدة اتفاقيات للتنسيق الأمني والعسكري عبر الحدود من أجل مواجهة التنظيمات الإرهابية الناشطة بالمنطقة.
الجزائر قلقة وتبدي مخاوفها الشديدة
و إنطلاقًا من أن الهجوم الإرهابي على دورية لحرس الحدود بعين سلطان هو الأعنف من نوعه على الشرطة منذ سنتين، ويُعَدُّ الهجوم هو الأكبر في البلاد بعد حادثٍ مماثلٍ وقع في 7 مارس 2016 بمدينة بن قردان على الحدود الجنوبية مع ليبيا، وأسفر عن مقتل 12 من عناصر الأمن والجيش، فقد أعلنت السلطات الجزائرية قلقها الكبير من التراخي الأمني في تونس وأبدت مخاوفها الشديدة وأبلغت السلطات التونسية بالرفع من درجة التنسيق الأمني بين البلدين.
و لأن الجزائر و تونس مقبلتين على أهم موعد إنتخابي وهو الرئاسيات سنة 2019، فإن الإعتداء الإرهابي الأخير الذي كانت جندوبة مسرحًا له سارع في تحريك سلطات البلدين وإستنفار مصالحهما الأمنية والعسكرية بغية تطهير ما تبقى من أماكن بالبلدين من العناصر الإرهابية التي تهدف لتنفيذ هجمات إرهابية إستعراضية خلال هكذا مناسبات هامة.
2000 عسكريّ جزائري في عملية أمنية على الحدود التونسية
أطلق الجيش الجزائري عملية عسكرية واسعة النطاق في ثلاث ولايات حدودية مع تونس، لـ”منع تسلل العناصر الإرهابية خلال مطاردة قوى الأمن التونسي لها”.
وذكرت وكالة الأناضول نقلاً عن مصدر أمني جزائري أنّ “قرابة ألفي عسكري يشاركون منذ ليلة الاثنين في تمشيط ولايات تبسة، وسوق أهراس، والوادي الحدودية مع تونس تزامنا مع عملية للجيش التونسي على الجهة المقابلة من الحدود بهدف ألّا يكون التراب الجزائري ملاذا للعناصر الإرهابية”.
كما أوضح المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن “العملية ستتواصل إلى غاية إنهاء قوى الأمن التونسية مطاردة المجموعة الإرهابية التي تقف وراء هجوم الأحد في ولاية جندوبة التونسية قرب الحدود مع الجزائر”، مشيرا إلى أنّ “المجموعة التي تقف وراء الهجوم لم تتسلل من الجزائر وهناك نظام إنذار مشترك بين الجهات الأمنية من البلدين يشتغل مباشرة بعد أي عمل إرهابي من أجل التأكد من عدم وقوع التسلل”.
من الجزائر:عمّــــــار قــــردود
شارك رأيك