سعت روسيا، على امتداد الأعوام الخمسة عشرة الماضية، إلى استعادة نفوذها في شمال أفريقيا. ومن أجل تعزيز حضورها في منطقةٍ تتفاعل، بوتيرة أكبر، مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أظهرت موسكو قدرة على انتهاز الفرص عن طريق التعاون العسكري، ودبلوماسية الطاقة، والتجارة و السياحة.
و إزدادت متانة العلاقات بين روسيا وتونس منذ فترة،ومما يؤكد متانة العلاقة بين تونس وروسيا ومحاولة تطويرها أكثر الأرقام التجارية والسياحية التي تثبت ذلك، حيث تؤكد أرقام السياح الروس الذين زاروا تونس خلال الـــ3 سنوات الأخيرة والاتفاقيات الجديدة التي تحاول كلا البلدين إبرامها ناهيك عن تلك التي تم إبرامها.
و كانت تونس تعرضت في 2015 لانخفاض حاد في أعداد السياح من روسيا إلى المناطق السياحية التونسية بنسبة 83 بالمائة بعد هجومين إرهابيين كبيرين ضد السياح، الأول في مارس استهدف متحف بوردو والثاني استهدف منتجعًا سياحيًا في سوسة في جوان و أسفر عن مقتل 60 شخصًا بينهم 2 من المواطنين الروس.
و للإستثمار في هذا التحسن في العلاقات ترجو الحكومة التونسية أن يتحسن الميزان التجاري مع روسيا بالشكل الذي تستفيد منه كلا البلدين في التأسيس لعلاقة استراتيجية مستدامة، حيث يجري استغلال خط بحري يربط بين ميناء صفاقس بميناء نوفرسيسك الروسي عبر البحر الأسود، إذ تبلغ الرحلة بين الميناءين قرابة 3 أيام.
أما الميزان التجاري بين تونس وروسيا في العام 2014 فهو مائل لصالح روسيا بشكل كبير حيث صدرت روسيا إلى تونس نحو نصف مليار دولار فيما لم تتجاوز الصادرات التونسية إلى روسيا نحو 23 مليون دولار، علمًا أن روسيا تعد الشريك الاقتصادي الثالث لتونس منذ العام 2008 على صعيد التجارة الخارجية وسادس مزود للسوق التونسية.
حيث تستورد تونس الأخشاب والورق والسبائك الفولاذية والنفط ومشتقاته والكبريت والأمونيا من روسيا وتصدر لها زيت الزيتون والمنتجات الزراعية بأنواعها ومنتجات النسيج، وتمثل المواد والصناعات الغذائية 82 بالمائة من صادرات تونس نحو روسيا.
وكشفت الوزارة عن وجود مخطط تنموي يبدأ في العام الحالي حتى العام 2020، تسعى من خلاله الشركة التونسية الحكومية للملاحة، لاقتناء 4 سفن جديدة بمبلغ يفوق ربع مليار دولار لتشغيلها في الخط البحري الجديد مع روسيا، وأكد وزير النقل التونسي أن الخط البحري الجديد من شأنه أن يوفر خيارات إضافية أمام السائحين الروس على وجه الخصوص الذين يأتون بنسبة 57 بالمائة منهم عن طريق الجو، لذا تأمل الحكومة من خلال هذا المشروع زيادة عدد السياح القادمين إلى تونس.
ومن ضمن خطة المشروع أن تقوم الحكومة بتطوير قطاع النقل وتطوير الأسطول وملاءمة البنية التحتية في الموانئ وذلك عبر إنجاز ميناء المياه العميقة بالنفيضة الواقع في سوسة والمعروفة بواجهة تونس السياحية، بالإضافة إلى المنطقة اللوجستية وتنفيذ برامج لتحسين نوعية الخدمات بميناء رادس ومنطقة الخدمات بالميناء نفسه إلى جانب إنجاز قطب متخصص في حركة البتروكيماويات بميناء الصخيرة وقطب اقتصادي بجهة جرجيس.
ومن مظاهر الانفتاح الحاصل في العلاقة بين البلدين المباحثات المقررة على صعيد التبادل التجاري بين البلدين وما أشار إليه وزير التجارة التونسي محسن حسن عن قرب انطلاق مفاوضات تونسية روسية لتوقيع اتفاقيات للتبادل الحر بين البلدين واتفاقيات شراكة في مجالي السياحة والتجارة وتوقيع اتفاقية بين البنك المركزي التونسي وبنك عمومي روسي للمباشرة في اعتماد الروبل الروسي والدينار التونسي في المبادلات التجارية بين البلدين، وهذا سيساهم في رفع الصادرات التونسية المتوجهة إلى روسيا.
هذا و أقيمت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وتونس في 11 جويلية 1956. واعلنت تونس اعترافها بروسيا في 25 ديسمبر 1991. وعقد أول لقاء في تاريخ العلاقات الروسية التونسية بين رئيسي روسيا وتونس على هامش مؤتمر قمة الالفية الذي عقد في نيو يورك عام 2000.وجرت في ماي 2001 وأبريل 2002 أول زيارتين لوزيري الخارجية الروسي والتونسي في تاريخ العلاقات الروسية التونسية إلى كل من تونس وموسكو.
وفي نوفمبر2005 قام وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف بزيارة تونس في اطار جولته في المغرب العربي. وفي أكتوبر 2008 زار موسكو وزير الخارجية التونسي آنذاك عبد الوهاب عبد الله.
و في تقرير لمعهد “كارنيغي للشرق الأوسط” تحت عنوان “لحظة موسكو في المغرب العربي” من إعداد دالية غانم-يزبك و فاسيلي كوزنتسوف جاء فيه أن “التعاون في المجال العسكري-الأمني هو الأكثر تقدّماً بين أشكال التعاون بين روسيا وشمال أفريقيا. فقد زادت روسيا نفقاتها العسكرية في المنطقة، ولا تزال جهةً جاذبة لتزويد بلدان المنطقة، ولاسيما مصر والجزائر، بأسلحة لقاء أسعار معقولة. والجزائر، حليفة موسكو منذ فترة طويلة، هي من الشارين الخمسة الأوائل للأسلحة الروسية، إذ تتلقّى من روسيا أكثر من 80 في المئة من معدّاتها”.
و أشار ذات التقرير “تعمل روسيا أيضاً على تحسين علاقاتها الاقتصادية مع بلدان المغرب العربي” و قال ” تكتسب السياحة أهمية في التقدّم الذي تحققه روسيا في شمال أفريقيا. ففي حين أن مصر تشكّل وجهة للسيّاح الروس منذ سنوات، مع استقبالها نحو 3.1 ملايين سائح روسي في العام 2014، إلا أن هذا الواقع تغيّر دراماتيكياً بعد قيام تنظيم تابع للدولة الإسلامية بقصف طائرة ركّاب روسية في أكتوبر 2015. فقد حظّرت موسكو الرحلات المباشرة إلى مصر على امتداد عامَين ونصف العام، وأعادت توجيه السيّاح نحو تونس، حيث ازداد عددهم إلى 515000 في العام 2017، أي أكثر من ضعف ما كان عليه في العام 2014. يمهّد الكرملين، من خلال السياحة وتأثيرها على الاقتصاد التونسي، الطريق لممارسة نفوذ روسي أكبر في البلاد.
تعمل روسيا على تنويع روابطها إلى حد كبير في شمال أفريقيا. وفي حين أن التعاون في مجال الطاقة يبقى ملتبساً بسبب التكاليف الباهظة للمشاريع والوقت الذي يستغرقه إنجازها، غالب الظن أن التعاون العسكري سيستمر. مع ذلك، لا يجب المبالغة في تصوير نفوذ الكرملين، لأن شمال أفريقيا ليس ضمن الأولويات الروسية، لكن من المؤكّد أن على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التكيّف مع حضور متوسِّع للكرملين في شمال أفريقيا في السنوات المقبلة”.
600 ألف سائح روسي يتوافدون على تونس قبل نهاية عام 2018
و وفقًا لوكالة الأنباء الروسية “تاس” فقد توقعت ” السلطات التونسية أن يصل عدد السياح الروس المتوجهين إلى تونس 600 ألف سائح قبل نهاية عام 2018.وصرّحت وزيرة السياحة والصناعات التقليدية التونسية سلمى اللومي لوكالة تاس الروسية، عشية زيارة العمل التي ستقوم بها إلى موسكو، “نتوقع أن نستقبل في تونس من 550 إلى 600 ألف سائح روسي نهاية في هذا العام، بنسبة أعلى من العام السابق بمقدار 6 بالمائة، ولدينا كافة الموارد لتحقيق هذا الهدف”.
وقد استخدمت وزارة السياحة التونسية جميع الإمكانيات والاستراتيجيات اللازمة لجذب المزيد من السياح الروس، وأهمها استخدام التقنيات الرقمية الحديثة، ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي المختلفة في الكشف عن كل ما هو مفضل لدى السائحين الروس على اختلافهم.وأكدت اللومي على أن السلطات التونسية تضع أمن وسلامة السياح، في أعلى سلم أولوياتها، وتستخدم مواردها البشرية والتقنية لتحقيق ذلك.
وأوضحت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي أن “السوق الروسية سوق مهم بالنسبة لتونس، خاصة وأن السائحين الروس ظلوا يزورون تونس حتى خلال الفترات العصيبة التي مر بها قطاع السياحة”، مشيرة إلى أن “هذا أمر مهم لأننا لاحظنا تفهما كبيرا من الجانب الروسي للوضع في تونس، واستعدادا كبيرا للمساعدة في إبقاء السوق السياحة مفتوحا بين البلدين”.
وتسعى تونس لاستقطاب 10 ملايين سائح في الموسم الحالي حتى نهاية السنة الجارية 2018، لتعويض التراجع خلال المواسم السياحية الأخيرة، بفعل الهجمات الإرهابية التي شهدتها، خاصة الهجوم على متحف باردو وسط العاصمة في مارس 2015 والهجوم على منتجع سوسة في جوان 2015، والتفجير الانتحاري الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في نوفمبر من نفس السنة.وبحسب إحصائيات سابقة صادرة عن وزارة السياحة التونسية، فقد بلغ عدد السائحين البريطانيين الذين زاروا تونس العام الماضي 2017، 8900 سائح بزيادة عن العام 2016 الذي سجل سبعة آلاف سائح.
وأضافت الوزيرة أن “الانطباع الإيجابي والأسعار المعقولة بالنسبة للسائح الروسي، خاصة بعد تحسن الخدمات والمرافق والوضع الأمني المستقر جدا، كلها عوامل ساهمت في تدفق السياح الروس على تونس”، مشيرة إلى أن تونس تسعى لاستعادة السوق السياحية الأوربية والروسية وتوسيع مجال جذب سائحين من مناطق أخرى جديدة، خاصة من الصين التي بدأ تدفق السائحين منها خلال الأشهر الأخيرة.
وعملت تونس خلال الفترة الماضية وانطلاقًا من الموسم السياحي 2016، على استرجاع مكانتها بوصفها وجهة سياحية مفضلة لأعداد كبيرة من السياح الأوروبيين، إلا أن مخاوف الوافدين من مخاطر الإرهاب وتواصل عدم الاستقرار الأمني الكامل، ما يزال وراء إحجام كثير من الأسواق الأوروبية التقليدية عن التوجه إلى تونس.
و أطلقت هياكل وزارة السياحة التونسية لإطلاق حملات الترويج للسياحة التونسية بأغلب الأسواق الأوروبية، وذلك مع نهاية شهر جوان 2017، وأكدت أنها وفرت لهذا الغرض ميزانية لا تقل عن 23.7 مليون دينار تونسي (نحو 9 ملايين دولار)، آملة في مواصلة انتعاشة القطاع السياحي في تونس وتجاوز عتبة السبعة ملايين سائح خلال هذا الموسم بعد سنوات عجاف تأثر فيها القطاع السياحي وبقية القطاعات الاقتصادية المرتبطة، ومن بينها حركة نقل المسافرين والصناعات التقليدية.وتطور عدد السياح الوافدين على تونس خلال شهر يناير 2017 بنسبة 10.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، ليصل إلى أكثر من 231 ألف سائح.
وواصل القطاع السياحي استرجاع أنفاسه من خلال ما سجله من نتائج إيجابية خلال الثلث الأول من هذه السنة، وسجل عدد السياح ارتفاعا بنسبة 35 في المائة، وهو ما أنعش الآمال بعودة النشاط السياحي إلى سالف نسقه المعهود.
وتأتي هذه الأرقام وسط بوادر انتعاشة للسوق الأوروبية نحو الوجهة التونسية، وخاصة منها السوق الفرنسية والبريطانية. وتعول تونس على الأسواق السياحية التقليدية ممثلة في السوق الفرنسية والألمانية والإيطالية وتعتبرها قاطرة لعودة القطاع السياحي إلى سالف انتعاشه.
وخلال سنة 2016، قدر العدد الإجمالي للسياح الوافدين على تونس بنحو ستة ملايين سائح، أي بزيادة قدرت بنسبة 7 في المائة عن سنة 2016، وبلغ عدد الليالي المقضية نحو 18 مليون ليلة سياحية.
ويعزى هذا الارتفاع إلى تطور السياح الجزائريين بنسبة 22 في المائة (1.8 مليون سائح)، وهذا ما جعل وزارة السياحة التونسية تخصص ما قدره مليون دينار تونسي (نحو 400 ألف دولار) للترويج للسياحة التونسية في الجزائر. وانطلقت في تنفيذ هذه الحملة داخل السوق الجزائرية بداية شهر ماي الماضي.
كما ارتفع عدد السياح الروس بنسبة ألف في المائة، وذلك بتسجيل قدوم نحو 623 ألف سائح، كما سجلت السياحة الداخلية تطورا بنسبة 4 في المائة حيث بلغ عدد الليالي المقضية 5 ملايين ليلة سياحية.
تونس تستهدف إستقطاب ما بين 3 أو 4 ملايين سائح روسي مستقبلاً
ما بين 3 إلى 4 ملايين سائح روسي يبحثون عن وُجهات سياحية بديلة للوجهات السياحية المصرية والتركية. و بعد نجاح تونس في إجتذاب أعداد متزايدة من السياح الروس خلال العام الماضي و توقعات بأن تستقبل 600 ألف سائح روسي قبل نهاية 2018. و بسبب تجنّب الروس السفر إلى مصر وتركيا بسبب الخوف من عمليات إرهابية محتملة من جهة وبسبب العقوبات الروسية التي طالت العام الماضي حركة السفر بين تركيا وروسيا من جهة أخرى. فإن بيانات وزارة السياحة التونسية تشير إلى أن عدد السياح الروس زاد خلال الأشهر العشر الأولى من 2016 بشكل هائل ليصل إلى ليصل إلى 620 ألف سائح مقابل 40 ألف سائح فقط في عام 2015 فيما بلغ العام الماضي 515 ألف سائح روسي. وهناك إمكانية لمضاعفة أعدادهم خلال فترة قصيرة إذا استمر تدفقهم بنفس الوتيرة في ظل النجاح الكبير للإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها لحماية المنتجعات السياحية التونسية من التهديدات الأمنية والإعتداءات الأرهابية.
و يعزوا متتبعون للعلاقات التونسية الروسية سبب الزيادة الكبيرة في عدد السياح الروس في تونس إلى إرادة سياسية لتعاون أوثق من قبل حكومتي تونس وروسيا. فالجهود التي بذلتها تونس عن طريق وزارتي السياحة والخارجية أثمرت في استجابة روسية للعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياحية بين الطرفين، لاسيما وأن تونس لديها أيضا منتجات أخرى زراعية وصناعية متنوعة تطلبها السوق الروسية. كما أن روسيا تسعى أيضا إلى تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في بلدان المغرب العربي عبر البوابة التونسية. ويزيد من فرصها هناك تزايد الخلافات التونسية الأوروبية حول درجة الأمان التي تتمتع بها تونس حاليًا. في هذا السياق تنتقد الحكومة التونسية والقائمون على قطاع السياحة الشركاء الغربيين بسبب حذرهم من اعتبار تونس وجهة آمنة للسياح حاليًا.
مشكلة السائح الروسي أنه بخيل…؟
لكن و رغم التوقعات التي تتنبأ بتزايد إقبال السياح الروس على تونس خاصة هذا العام،إلا أن المختصون يعتقدون أن تدفق السياح الروس إلى تونس لن يعوض عن تراجع السياحة الغربية،ربما قد يساهم الروس في إنتعاشة جزئية للسياحة التونسية لكن لن يكونوا بديلاً للسائح الأوروبي و خاصة الفرنسيين و الألمانيين و البريطانيين،بسبب عقلية السائح الروسي الذي لا ينفق كثيرًا عكس نظرائه الأوروبيون الذين ينفقون بكرم حاتمي.
بسبب الإرهاب زاد عدد السياح الروس الوافدين على تونس و بسبب الإرهاب كذلك مخاوف من إنخفاضهم
في نوفمبر 2015،و في ظرف شهر واحد فقد السياح الروس أفضل وجهتين لهم: مصر وتركيا. ففي بداية الشهر، أعلنت موسكو وقف رحلاتها الجوية نحو مصر في أعقاب حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء ومقتل 224 راكبًا على متنها. وهي العملية التي تبناها تنظيم “داعش”. وبعد أقل من 20 يومًا، جاء إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية “سوخوي 24” ليحرم السياح الروس من وجهتهم الثانية المفضلة، بعدما أوصى اتحاد السياحة الروسي وكالات الأسفار بوقف الرحلات نحو تركيا.
وكانت مصر وتركيا وحدهما تمثلان ثلث سوق السياحة أمام الروس، حيث زار تركيا سنة 2014 نحو 4.38 مليون روسي، فيما زار مصر 3.1 مليون. لكن بعد الحادثين، وجد السياح الروس أنفسهم مرغمين على البحث عن وجهات جديدة. و توقفت الرحلات السياحية بين القاهرة وموسكو حتى مطلع سنة 2018، فيما لم يرفع الحظر على رحلات الطيران السياحي نحو تركيا إلا في أوت 2016
و في ظل ذلك الوضع، غير السياح الروس وجهتهم نحو تونس التي زارها في النصف الأول من عام 2016 أكثر من 300 ألف روسي. وفي أشهر الصيف، كانت الرحلات منتظمة بين تونس وأكثر 20 مدينة روسية. فاستطاعت تونس أن تعوض الانخفاض، بنسبة 83 في المئة، الذي عرفه عدد السياح الروس بعد هجومي متحف باردو في مارس 2015، والذي قتل خلاله سائحان روسيان، ومنتجع سوسة في جوان 2015. في المقابل، يبدو أن الهجوم على قافلة الأمن الرئاسي في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (نفس يوم إسقاط الطائرة الروسية)، لم يؤثر على تدفق السياح الروس. بل على العكس، ارتفعت أعدادهم بنسب قياسية مع حلول 2016.
لكن و إذا كانت تونس قد إستفادت كثيرًا من التوافد القياسي للسياح الروس عليها بسبب الإرهاب في مصر و تركيا،فإن عودة السياح الروس إلى مصر بالتزامن مع الإعتداء الإرهابي بعين سلطان بولاية جندوبة و الذي أسفر عن مقتل 6 عناصر من الحرس الوطني التونسي و إحتمال عودة اللاإستقرار السياسي في البلاد قد يعصفان بالسياح الروس من تونس و يعود الوضع مثلما كان عليه سابقًا.
طبعًا السلطات التونسية لم تبقى مكتوفية الأيدي و تسعى إلى جعل تونس وجهة دائمة للسياح الروس حتى بعد عودة العلاقات الروسية التركية المصرية إلى مجراها الطبيعي. ويفكر الديوان الوطني التونسي في توسيع نشاطه في روسيا بفتح مكتب جديد في مدينة سان بطرسبورغ ، ينضاف إلى مكتبه في موسكو. وفي جوان 2016، أدلت وزير السياحة التونسية سلمى اللومي بتصريحات قالت فيها إن بلادها اتخذت مجموعة من الإجراءات للحفاظ على السياح الروس، من بينها تعزيز الملاحة الجوية مع موسكو ووضع أسعار مناسبة، بالإضافة إلى الترويج للمنتوج التونسي في روسيا بمبلغ يفوق مليوني دولار.
من الجزائر:عمّـــــــار قـــــردود
رابط تقرير “معهد كارنيغي للشرق الأوسط”:http://carnegie-mec.org/diwan/76603
شارك رأيك