اجتمع المكتب السياسي لحركة مشروع تونس مساء الثلاثاء 05 جويلية 2022 للنظر في الموقف من الاستفتاء ومشروع الدستور المقترح من طرف رئيس الجمهورية.
وبعد نقاش معمّق، أفضى التصويت داخل المكتب السياسي إلى اتخاذ أغلبية كبيرة من أعضائه القرار بعدم المشاركة في الاستفتاء المقبل. علما أن موقف عدد من أعضاء المكتب السياسي كان يوصي بالمشاركة في الاستفتاء بـ “لا”.
كما طالبت الحركة بتأجيل الاستفتاء والعودة لحوار وطني جادّ يجمع القوى الوطنية الحقيقية للاتفاق على دستور يضمن الحوكمة الديمقراطية المؤسساتية السليمة الناجعة والحقوق ويؤكد هويّة الأمة التونسية.
وعلى هذا الأساس فإنّ موقف حركة مشروع تونس هو عدم المشاركة في استفتاء 25 جويلية للأسباب التي يبيّنها البيان التالي.
المكتب السياسي
حركة مشروع تونس
بيان تفصيلي
لقد كانت حركة مشروع تونس أول من نبهت لضرورة المرور نحو جمهورية ثالثة باستفتاء الشعب، تقوم على نظام رئاسي ديمقراطي ونادت بتعديل النظام الانتخابي وتمثيل الجهات بطريقة مختلفة، ووضع رؤية اقتصادية واجتماعية وتربوية جديدة لتونس تدفعها نحو القرن الواحد والعشرين وترفع مستوى معيشة الأمة التونسية.
كما نبهت، دون جدوى، خلال سنوات 2019 و2021 بأزمة قادمة لابد من استباقها. ومع حلول 25 جويلية رأت الحركة في الحدث فرصة للشروع في هذا التغيير الضروري المنشود.
ولكن إدارة مرحلة ما بعد 25 جويلية عوض التأسيس لمرحلة جديدة من الانتقال الديمقراطي، بالقطع مع سيئات المرحلة السابقة، فقد انزلقت لاتجاه النكوص عنه. فقد شابها التأخير في المسار وعدم الاكتراث بضرورة توفير الحد الأدنى من شروط الشرعية والمشروعية والارتجال وتأجيج الصراعات السياسية والاجتماعية وغياب أية بشائر لتوجّهٍ اقتصادي واجتماعي يعالج مشاكل تونس المستعصية، وتواتر انتهاكات حقوق الانسان والتعسف في مجالات عدة، مقابل التركيز على الغلوّ في السلطة الفردية.
ولم يشذّ مسار إعداد دستور جديد والاستفتاء عليه عن قاعدة هذا التوجه الذي عوض حل الأزمة، فإنه يؤسّس لأزمات أخرى. إذ وقع رفض مقترحات حوارٍ مع القوى الوطنية وتعويضه بتنظيم حوار استشاري انتقائي؛ بل حتى مخرجات هذا الحوار وقع رفضها.
كما أُهملت القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها مقابل التبشير بأنّ مجرد تركيز السلطة الفردية كفيل بحل كل المشاكل. و تبدّى واضحا السعي بتصحير الحياة السياسية والفكرية وتعويضها بعلاقة عمودية من الفرد إلى الجمهور.
أما الدستور المقترح لاستفتاء 25 جويلية فقد كتب على عجل وشابته أخطاء فادحة في الشكل، وقام على أسس إيديولوجية فئوية و تأكيدٌ على منهج حكم فردي غير قابل للمساءلة [وهذا مخالف للنظام الرئاسي الديمقراطي]، كما لم يركز، كما كان معلنا، على القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والمعلوماتية أو البيئية التي ستؤسّس لتونس القرن الواحد والعشرين.
ومن جهة أخرى، فإن الطريقة التي حصلت بها التغييرات داخل الهيئة المستقلة للانتخابات تلقي بظلال الشك على حياديّتها.
أمّا على المستوى الوطني، فقد وصل التناحر والصراع والاضرابات حدًّا جعل السياق العام أقرب إلى تنافس انتخابي تشريعي منه إلى تنافس حول استفتاء سيشكّل مَعبرًا إلى جمهورية ثالثة. وكان من الممكن التقليل من حدة التوتر لأقصى حدّ لو حصل حوار وطني حقيقي وفعلي لا يقصى منه إلّا من يرفض المسار.
إننا نأمل أن يقع تعديل المسار قبل فوات الأوان بتأجيل الاستفتاء وتقديم وثيقة الدستور المقترحة لإطار تعديلي يصلحها ويأخذ بعين الاعتبار حاصل المتفق عليه بين القوى الوطنية الحقيقية، الطامحة لإرساء جمهورية ثالثة ديمقراطية حديثة ترتقي بالأمة التونسية حضاريا. كما يصلح أيضا البيئة الانتخابية ليكون الاستفتاء شفافا و محايدا.
وفي غياب ذلك، فإن حركة مشروع تونس لن تشارك في الاستفتاء، لأنه بصيغته الحالية والمسار المؤدّي إليه يفتقر لمقوّمات الشرعية والمشروعية، وليس هدفه التركيز على حل مشكلات الشعب المعيشية الاقتصادية والاجتماعية وإنّما التأسيس لسلطة فردية. والسلطة الفردية مهما كانت شخصية شاغلها هي في تجربة بلادنا والعالم مجلبة للمشاكل بكل أنواعها.
واستعدادا للمرحلة المقبلة التي تبدو صعبة، تؤكد حركة مشروع تونس انفتاحها على العمل مع كافة القوى الوطنية دون قيد أو شرط، لأن انقسام هذه القوى هو أحد أسباب المنزلق الذي تجد البلاد اليوم نفسه. حفظ الله تونس و أعلى راية أمتها”.
شارك رأيك