نشر، اليوم الثلاثاء 28 أوت 2018، النائب عن الكتلة البرلمانية الجديدة ‘كتلة الائتلاف الوطني’ والمستقيل من ‘كتلة الحرة لمشروع تونس’ الصحبي بن فرج على صفحته الرسميّة بموقع ‘فايسبوك’ تدوينة حول الحرب على… الحرب على الفساد وقضايا تتعلق بموقوفين تونسيين وأجانب على ذمة التحقيق بالقطب الإقتصادي والمالي، وفي ما يلي نص التدوينة…
حرب على الحرب على الفساد : الأخطبوط (La Piovra ) هل “توقّفت” الحرب على الفساد؟ كيف ؟ ولماذا؟ يتساءل الكثيرون غالبا بعفوية مشروعة وأحيانا بسوء نية مقصود.
قضية الحال تتعلّق بموقوفين تونسيين وأجانب على ذمة التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، من أجل جرائم ديوانية وتهريب وتهرّب ضريبي وغسيل اموال، وتقدّر مبالغ الخطايا والمخالفات بمئات المليارات.
يوم 23 أوت 2018 يصدر في حق الموقوف الرئيسي قرار بإطلاق سراحه بداعي انتهاء الآجال القانونية للايقاف التحفضي (14 شهرا) وسيّب الحوت وأخلط عليه…
كي نفهم ما حصل، سنتدرّج خطوة خطوة للإجابة عن سؤال رئيسي: كيف وقع الإفراج عن متهم في قضية فساد لأسباب إجرائية تافهة والحال ان التهم ثابتة وموثّقة ؟
أولا، لماذا “يتمطط” و”يتمغّط” و”يتمدّد” التحقيق في قضية واضحة أكثر من عام؟ الى درجة تجاوز الآجال وإخلاء سبيل المتهم ؟ مثلا، قرار ختم البحث صدر في قضية الحال في 19 جويلية (أي 26 يوما قبل نهاية الآجال) علاش؟
ثانيا، لماذا لا توجد منظومة معلوماتية/قضائية لمتابعة مسار مثل هذه القضايا الخطيرة (خاصة في مجال الإرهاب والفساد) ؟ من المسؤول عن غياب هذه المنظومة؟ قيل لي، والله أعلم، أن الأمر متعمد… نعم، لأن تفعيل هذه المنظومة سيغلق بابا كبيرا يستعمل لإطلاق من يراد إطلاقه… ويبدو أنها موجودة ولكنها معطّلة وتنتظر فقط التفعيل… والله أعلم كم من فاسدٍ استفاد من تجاوز آجال الإيقاف وغياب المتابعة لمسار قضيته؟ كم من إرهابي استفاد من هذا”الخلل”؟ وأُطلق سراحه وذاب في الطبيعة؟ والأخطر من ذلك: من هو المستفيد المُقبل؟
هذا – كما يقول السادة القضاة – على المستوى العام، لنغوص قليلا في المعطيات الخاصة بقضية الحال:
• تصل القضية الى محكمة الإستئناف بتونس يوم 7 أوت (8 أيام قبل نهابة الآجال فقط!!)
• يوم 9 أوت (أي قبل 6 ايام من نهاي الآجال) تقرر محكمة الاستئناف تعيين جلسة ليوم 19 سبتمبر للنظر في أصل القضية بتعيين هذه الجلسة للنظر في الأصل، وقع قانونيا غلق “باب” الإفراج من أجل تجاوز آجال الإيقاف التحفظي طبقا للأحكام الصريحة الواردة في الفصل 107 من مجلة الاجراءات الجزائية (يسمّى هذا: قطع الآجال الى حين البتّ في الأصل).
إذًا كيف وقع الإفراج رغم ذلك يا تُرى؟ هنا يتدخل الأخطبوط… مرة أخرى:
1- يوم 23 أوت يتقدّم محامي المتهم الرئيسي الى محكمة الإستئناف بتونس بمطلب إفراج عن منوّبه لتجاوز آجال الإيقاف.
2-ي وم 23 أوت بالذات (ويا سبحان الله) تُصدر إدارة المحكمة مذكّرة عمل بتكليف قاضٍ جديد بالإشراف على الدائرة الجناحية الصيفية المكلّفة بالنظر في مطالب الإفراج وأعمال دائرة الإتهام والحال أن الدائرة تشتغل بصفة عادية وبرئاسة قاضٍ آخر الى حدود يوم 23 جويلية صباحا (سأحتفظ هنا عن بعض التفاصيل).
3- دائما يوم 23 أوت (ويا سبحان الله رقم 2)، تُصدر دائرة الاتهام قرارها بالإفراج الوجوبي عن المتهم الرئيسي والإستجابة لطلب محاميه في مخالفة صارخة وفاضحة وواضحة لأحكام الفصل 107. وللتذكير ، هذا الفصل يأمر باعتبار بطاقة الإيداع سارية المفعول الى حين بت دائرة الإتهام في أصل القضية.
هذه مجرد إنارة بسيطة للراي العام عما يجري في دهاليز محاكمنا، وغيض من فيض الحربِ على… الحربِ على الفساد، علما بأننا لم نخرق سرية المعطيات، ولم نتدخل في عمل السلطة القضائية المستقلة، نحن نتكلّم في تنظيم القضاء الذي يدخل في مجال سلطتنا الرقابية على الجميع وطبعا، جميع المعطيات الواردة هنا (وغيرها) ثابتة وسليمة وموثقة وسيتم تحويلها فورا الى وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء للنظر والتحقيق فيها رسميا.
شارك رأيك