خرج المناضل محمد الكيلاني عن صمته وكتب على صفحته بالفايس بوك نصا طويلا تحدث فيه عن اللغط الذي اثارته زيارة الغنوشي لحفل زفاف ابنه بيرم حيث وصل الامر الى حد التشكيك في جدية بيرم واتهامه باللعب على الحبلين وازدواجية الخطاب.
محمد الكيلاني لم ينس التذكير بمعاناته مؤكدا انه سيظل على العهد وانه لن يتغير ولم يغير موقفه من النهضة رغم علاقاته مع بعض رموزها مؤكدا انه لم يتلق في حياته مليما من الدولة أو من أي جهاز من أجهزتها منذ أن تمَ طرده من الشركة الوطنية للسكك الحديدية عام 1984 بعد ترسيمه لعدم استظهاره ببطاقة عدد 3 التي تطلب من الرفاق الذين اطلق سراحهم من السجن في 28 جويلية 1980 ، وانه رفض ان يعالج على حساب الدولة . وفيما يلي اهم ما جاء في تدوينة محمد الكيلاني.
” ليست المرة الأولى التي تشتعل فيها “الشبكة” على مصافحة أو صورة في مقهى أو مطعم أخذت خلسة، أو أخرى رسمية أخذت في ندوة أو حفل توقيع…، مع ذوات أو رمزيات متعارضة أو متقاربة، توضع للتدليل أو التأكيد أو الإشارة أو الاثارة، وتعتمد برهانا لتأكيد السياق الذي يراد لها.
جميع من حضر الزفاف أتوا لبيرم، لأنه بيرم أحب من أحب وكره من كره، تعرفونه جيدا لا يبطن كلامه وأحكامه. وتهنئة الغنوشي له لن تغير من بيرم شيئا، فله قناعاته ورؤيته لمجتمعه وتصوره لمستقبله. وهي قناعات ثابتة لن يزحزحها عناق وقبضة يد. وإذا لم يكن الأمر كذلك، ترى مع من سنراه غدا، مع حمة أم مع محسن مرزوق أم مع الغنوشي أم مع السبسي أم منذر الزنايدي؟ مع من؟
الاختلاف السياسي لا ينفي العلاقات الاجتماعية
يمكن لنا أن نتقابل ونتزاور ويفرح ويتألم بعضنا لبعض في الشأن الخاص دون أن يؤثر ذلك على مواقفنا من النمط المجتمعي وشكل الدولة ومن المشروع الاقتصادي والاجتماعي ومن الموقف من علاقة الدين بالدولة وبالسياسة ومن كيفية تناول المسألة الدينية. ولا أظن أن بيرم في هذا الصدد “غشيم”وبإمكان أن لقاء خاص أو عام يمكن أن يبهره وينسيه الأساسي. فماذا تقولون عن زيارة عبد اللطف المكي والعجمي الوريمي لي في منزلي لما كنت في طور خطير من مرضي؟ وماذا تقولون عن عبد اللطيف المكي الذي مكنني من أن يتابع وضعي أحسن أساتذة الطب، أستاذ جامعي، في الطب الباطني؟ فهل غيَر ذلك من موقفي من حركة النهضة؟ كلا. أما عن لطفي زيتون الذي كنت ألقبه بمدفعية حركة النهضة خلال سنوات 2011 و2012 و2013، وقد “اشتبكت” معه في النقاشات في الملفات، ثم تدرج إلى التخلي عن تلك الحدية وعبَر في مناسبات عديدة على مواقف تذكر وأصبحنا كلما تقابلنا عاملنا بعضتا باحترام؟ فهل جعلني ذلك أن أغير موقفي من حركة النهضة؟ كلا.
المراهنون على السلطة مباشرة لهم أغراض اتصالية من علاقاتهم الاجتماعية
أنا لا أنكر أن الساسة المراهنين على السلطة يحبون كل خطوة ولا ألومهم على ذلك لآن المسألة تصبح لها علاقة بالصورة التي يريدون ترسيخها لدى الرأي العام وفي المجتمع، هذه الصورة التي تخترق الأيديولوجيا لتصبح سلوكا وأداء ومظهرا ووعودا وشعارات . الذنب ليس ذنب بيرم إن كان جزءا من عالمه الاجتماعي هو عالم المجتمع السياسي، وكان هذا المجتمع حاضرا في حفل زفافه. الذنب ليس ذنبه إن كان عالم شغله يجمعه بالضرورة مع رجال السياسة من اليمين واليسار والوسط، في السلطة والمعارضة. لذلك يكون الزفاف أو الموت يحمل كل هذا المزيج.
السياسة ليست دائما “الصبع على الزناد”
أود التأكيد على أن نغادر عالم السياسة المملوء بالأحقاد والتحارب. صحيح أنه مجال الصراع الطبقي المكثف، الذي يأخذ شكل صراع أيديولوجي وثقافي واقتصادي اجتماعي وسياسي، ولا يصل إلى الحراب إلا ساعة بلوغه أعلى درجات التوتر المولدة للثورة وللمشروع المجتمعي البديل. لذلك ففي مراحل الهدوء والأشكال الهادئة يتزاور الناس ويتبادلون التهاني والتعازي ولا حرج في ذلك إلا فيما ندر، لما تنشأ أحقاد سياسية أو اجتماعية يعسر تجاوزها. وفي هذه الحالة لا ينبغي على الواحد أن يفرض على غيره موقعه الخاص. ومن لا يعرف أن السياسة هي مواصلة للحرب بصيغ أخرى لا يقدر على فهم كيف يمكن لأعداء تقاتلوا وتحاربوا وخلفوا ضحايا، بما يعني، أن بينهم دم وإذا يجلسون على طاولة المفاوضات ويعقدون اتفاقات وبإمكانهم أن يعقدوا أحلافا وقد يبنون مشروع دولة ومجتمع جديد. وأشير فقط في هذا المجال إلى نيلسن مانديلا الذي وضع اليد في اليد مع عنصري الأمس لبناء إفرقيا الجنوبية الجديدة.
لست ممن يعتقد أنه “باش يشدني” أو “باش نشد ولدي”، أحرار يجمعنا العقل وحب الوطن والإيمان بقضايا الشعب الكادح وبالحداثة والتقدم والديمقراطية والمساواة والعدل الاجتماعي، كلانا يتبنى هذه الحزمة من الأهداف والقيم ويعمل على تحقيقها بطريقته الخاصة. وكلانا يحترم الآخر ويحبه كما هو ولا يريد أن يصنعه على صورته.
وآخر الكلام أتوجه بلوم وعتاب لمن تعرض له ولي بالمساس من تضحياتنا القديمة والحاضرة، حيث لم نتمسح على أعتاب أي سلطة، لا بورقيبة ولا بن علي ولا المبزع ولا المرزوقي ولا السبسي، ودون أدنى شك أن وزارة الداخلية مازالت تحمل بين ظهرانيها، رغم عمليات الغربلة والإبادة(بحرق الوثائق وتحويلها على ذمة بعض الأشخاص) التي حصلت في عهد الترويكا، العديد من التقارير لأشخاص ومجموعات تدعي النقاوة الثورية أو تتعلق بها تؤكد علاقاتها لا أقول بنظام بت على بل ببوليسه. والغريب في أمر أحد السادة أن قال ما الفرق بيني وبين الغنوشي فقد شربنا من دم الشعب.
لم اتلق مليما واحدا من الدولة
لم أتلق في حياتي مليما من الدولة أو من أي جهاز من أجهزتها منذ أن تمَ طردي من الشركة الوطنية للسكك الحديدية عام 1984 بعد ترسيمي لعدم استظهاري ببطاقة عدد 3 التي يتم طلبها من أي من الرفاق الذين خرجنا من السجن في 28 جويلية 1980، وقمت بقضية عرفية أقرت بأن الطرد تعسفي ومع ذلك رفضت الشركة إعادتي إلى شغلي. وتمكنت من العمل “بيجيست” مع جريدة الشعب الأسبوعية بـ20 د على كل مقال وتمَ إنهاء تعاوني معها على إثر مقال حول انتفاضة في أندونسيا أطاحت بالنظام القائم هناك، غيرت النخب عنوانه في أحاديثهم إذ أصبح “إين تونيزيا”، In tunisiaوكان سندي الوحيد وسند ذريتي في هذه المحن زوجتي الفاضلة وكان بيرم سندي في مرضي، ورغم أن رئيس الدولة حاول إقناعي عن طريق صديق مشترك بتكفل الدولة بمعالجتي رفضت وطالبت فقط بالتعجيل في إجراءات تمكيني من جراية التقاعد بصفة مطرود تعسفيا من العمل ولي حكم قضائي في ذلك رفضت تنفيذه، وليس تعويضا على من الدولة على سجني وملاحقتي وتعذيبي.”
شارك رأيك