عندما تضعف المشاعر الوطنية ينفرط عقد الدولة، وعندما يخطئ رجال السياسة في مفهوم الوطن يتوقف استمرار الدولة ودوام قوتها. لقد أفسدت السياسة أشياء كثيرة في حياتنا وفي مؤسساتنا… وأبرزها إفراغ المفاهيم والقيم العليا من مدلولاتها.
بقلم العقيد محسن بن عيسى *
من أبرز السمات التي تميّز بها المجتمع التونسي انفتاحه على العمل الجمعياتي. وإيمانا بدوره وقيمته في تكريس قيم المواطنة وترسيخ عملية البناء الذاتي داخل المجتمع، اعتمدت دولة الاستقلال على قياداته وتشكيلاته. أُنتدبت في ذلك التاريخ جلّ إطارات وأعوان الدولة من أبناء الكشافة و الشبيبة، واعتبر هذا الخيار شكلا من أشكال الحصانة للمجتمع والدولة.
لقد عرفت هذه المنظمات حضورا فاعلا في معارك تدعيم السيادة والاستقلال… لعل أبرزها معركتي حمام الأنف وبنزرت… ولوطنية رجالها شارك رئيس المجلس الأعلى للشبيبة الدستورية في الإجتماع الحاسم يوم 10 جويلية 1961 بمقر ولاية بنزرت والذي حضرته القيادات العسكرية والأمنية والسلطات الجهوية لإعداد ترتيبات مواجهة الجيش الفرنسي والاستعداد لمعركة الجلاء.
هناك ضرورة لربط الترشح للمؤسسات والهياكل بوزارات السيادة بروح التشبع بالمبادئ والقيم الوطنية وإحياء دور المنظمات في تكوين وتأطير الشباب كمنطلق أساسي
لقد سجل التاريخ بالنسبة للحرس الوطني بادرة “الكشّاف المسلم” الذي أرسل البعض من قياداته إلى المدارس العسكرية العربية للتكوين ليضطلعوا بعد ذلك بدورهم في معارك الاستقلال وتجسيم السيادة. ولا يمكن أن ننسى أنّ النواة الأولى للحرس الوطني انطلقت من معسكري سوق الاربعاء (جندوبة) وبوفيشة وكانت من الكشفيين والدستوريين والفلاقة.
عندما تضعف المشاعر الوطنية ينفرط عقد الدولة، وعندما يخطئ رجال السياسة في مفهوم الوطن يتوقف استمرار الدولة ودوام قوتها. لقد أفسدت السياسة أشياء كثيرة في حياتنا وفي مؤسساتنا… وأبرزها إفراغ المفاهيم والقيم العليا من مدلولاتها.
* متقاعد من الحرس الوطني.
مقالات لنفس الكاتب بكابيتاليس :
العنف: كيف يستقيم السلوك العام بين “قوة القانون” و”قانون القوة “؟
شارك رأيك