ما حدث ويحدث وسيحدث في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى مثير للإهتمام ويطرق باب ألف سؤال ويعطي المتابعين نظرة شاملة على ما وصل إليه القضاء من ابتعاد عن مطالب الثورة وحقوق المواطن ومساعي فتح الطريق أمام مخرجات الإنتقال الديمقراطي وتركيز دولة المؤسسات ومؤسسة القضاء العادل.
بقلم أحمد الحباسي
نحن نعلم أن حركة النهضة قد فخخت القضاء طيلة سنوات حكمها وجاءت بقضاة تحت الطلب وفصلت المتنطعين منهم والذين وصموا بالعلاقة الاثمة مع الرئيس زين العابدين بن علي وهناك من ساومتهم باسم ماضيهم الأسود تماما كما يحدث مع عملاء المخابرات ليصبحوا قضاة مزدوجين يخدمون مصالح الحركة ومشاريعها المشبوهة في مساومة رجال الأعمال وإتلاف الملفات الخطيرة التي تكشف خطاياهم وتعدد جرائمهم وما نفذوه في حق هذا الوطن من مؤامرات تمس بالأمن القومي وبالسلم الإجتماعية.
نزول منسوب ثقة الشعب في الهيكل القضائي
لقد كانت الفترة التي عقبت الثورة وصعود حركة النهضة للحكم من أفدح الفترات التي عانى منها القضاء ونزل فيها منسوب ثقة الشعب في هذا الهيكل المنهك ولعل القضاء لا يزال يعاني من تبعات الأضرار التي حصلت إلى الان.
ما جرنا إلى الحديث عن وضع و وضعية القضاء هو فتح النيابة العمومية بحث تحقيقي لدى قطب الإرهاب إثر المعطيات الخطيرة والماسة بأمن الدولة التي كشفت عنها الندوة الصحفية لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي. كل ذلك بعد مرور ما لا يقل عن أسبوع من تاريخ الندوة وتحت ضغوط الرأي العام وبعد افتضاح أمرها في خصوص ثبوت تعاملها بمكاييل و موازين مختلفة و مشبوهة مع الملفات القضائية الحارقة ومن بينها ملف الناشط السياسى والعضو في نداء تونس السيد برهان بسيس وملف وزير الداخلية السابق الهارب المتخفى ناجم الغرسلى وملف وزير الداخلية السابق أحمد فريعة وملف التحقيق في تسفير الإرهابيين إلى سوريا وملف المحامين المتهمين بتبييض الإرهاب و نقل المعلومات للإرهابيين داخل السجون إلى غير ذلك من الملفات.
ربما هناك لغط كبير حول دور سيء للنيابة العمومية وهناك إتهامات بالجملة والتفصيل تتعلق بالمسار التي تتبعه هذه الهيئة القضائية في معالجة الملفات والتعامل معها بروح المسؤولية القضائية والبحث عن أنصاف الضحايا وعقاب المتهمين ولكن مجرد أن تفتق ذهنها بعد الضغط والإكراه الشعبي المعنوي على فتح تحقيق لدى قطب الإرهاب على معنى الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية جعل المتابعين يرددون العبارة الشهيرة “صمتت دهرا و نطقت كفرا”.
الإلتفاف على قضية شهيدي الوطن بلعيد والبراهمي
من المفارقات العجيبة أن الشهيد شكري بلعيد المعروف ببلاغته وحسن تطويع اللغة العربية كان يسمى حكومة الترويكا – غمزا إلى حركة النهضة – بحكومة “الإلتفاف على الثورة”، توصيف مختزل لكنه معبر عما اقترفته حركة الإرهاب والإخوان من جرائم مقصودة و مبيتة ضد الثورة وضد شعاراتها الخالدة وضد مصلحة الوطن و المواطن.
بطبيعة الحال استغل المتابعون هذا التوصيف المعبر لإسقاط معناه على قرار النيابة العمومية معتبرين إياه قرار “الإلتفاف على قضية شهيدي الوطن”، هذا التوصيف السياسي والقضائي والمعنوي ينطبق طبعا على قرار النيابة العمومية المشبوه ويعطي صورة دقيقة عما وصلت إليه القضية من صراع بين أصحاب الدم المتمثلين في رفاق الشهيد وأيضا في هذا الشعب الذي رفض الجريمة جملة وتفصيلا وبين المتهمين بتنفيذها جملة وتفصيلا مقربون من حركة النهضة و بالذات جهازها العسكري السري المتورط في كثير من الجرائم و بالذات التخابر مع دول أجنبية والبحث عن الإستيلاء على الحكم وضرب مؤسسات الدولة.
يمكن القول اليوم بمنتهى التأكيد أن النيابة العمومية بفتح التحقيق على معنى الفصل 31 قد فضحت نفسها وكشفت عن مساوئها الأخلاقية قبل القانونية تجاه قضية وطنية وتجاه أبناء عائلتي الشهيدين وتجاه مشاعر الملايين من التونسيين.
لقد ذكرت هيئة الدفاع بالأسماء والمؤيدات والقرائن القانونية هوية المشبوه فيهم الذين كانوا على علاقة وصلة يومية مباشرة بالمتهم الرئيسي الإرهابي مصطفى خضر المحكوم عليه ب 8 سنوات سجنا والنزيل بالسجن حاليا والسؤال عطفا على منطوق الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية أين “المتهم المجهول” في الملف وكيف تفتح النيابة تحقيقا ضد “مجهول” وأسماء المتهمين مطروحة عليها وموجودة بملفات قضية المتهم مصطفى خضر؟
لكشف المجهول نطرح كثيرا من الأسئلة من بينها لماذا تعمدت النيابة العمومية فتح البحث تحت هذا البند القانوني المثير للشبهة وهي النيابة التي كان لهيئة الدفاع عن الشهيدين ولمناضلي حقوق الإنسان ومكونات المجتمع المدنى وأغلبية الشعب مآخذ وشبهات كثيرة عليها؟ ما علاقة الغرفة السرية السوداء التي كشفها قضاء التحقيق وأنكرها وزير الداخلية بموقف النيابة العمومية؟ هل هناك أطراف قضائية متورطة في ملف الشهيدين؟ من يحاول ربح الوقت بفح تحقيق على معنى الفصل 31؟ لماذا رفض حاكم التحقيق المأذون له بفتح البحث اعتماد فصل الإحالة بعد أيام قليلة من قرار النيابة العمومية المشبوه؟ هل سيكون تحول قاضى التحقيق الى وزارة الداخلية لتشميع الغرفة السوداء و اثبات وجودها تحولا قضائيا غير مسبوق منذ الاستقلال؟ ما هي تبعات هذا القرار وهل ستشهد النيابة العمومية نفس التحول في التعامل مع ملف الاغتيال؟
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
أخطاء المملكة العربية السعودية وخطاياها بمواجهة التغيرات العالمية
لأن كل شيء “موازى” عند حركة النهضة فهي كاذبة دوما فلا تصدقوها
شارك رأيك