تتواصل موجة الإحتجاجات الشعبية في الجزائر رفضًا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، بعد مسيرات الجمعة، الأحد، الإثنين الماضيين و اليوم الثلاثاء 26 فيفري 2019 يانطلقت دعوات لمسيرات جديدة يوم الجمعة القادم في مختلف أنحاء البلاد.
من الجزائر: عمّار قردود
فيما راح الطلبة الجامعيون اليوم يشيعون الرئيس بوتفليقة إلى مثواه الأخير رمزيًا، وذلك من خلال تنظيم جنازات رمزية عبر كامل الجزائر في محاولة توضح بقوة كره الجزائريين للسلطة القائمة و المطالبة بالتغيير الذي لا مناص منه.
يحدث هذا في غياب الرئيس بوتفليقة الذي سافر مساء الأحد الماضي إلى العاصمة السويسرية جنيف لإجراء فحوصات طبية روتينية وفقًا لما ذكره بيان للرئاسة الجزائرية الخميس الماضي.
وتساءلت مجلة “لكسبريس” الفرنسية في أحد أعدادها الصادرة في جانفي الماضي إن كان بإمكان بوتفليقة الترشح لولاية خامسة في الإنتخابات الرئاسية هذا العام 2019، موضحة أنه منذ عدة أشهر لم يعد باستطاعة الرئيس الجزائري استعادة الوعي سوى لمدة ساعات يوميا؛ ليدخل في حالة غيبوبة تامة طيلة الوقت المتبقي؛ وهو يخضع لعلاجات مكثفة من آثار الجلطة الدماغية التي أصيب بها عام 2013.
خرجة إعلامية وحيدة للرئيس كل شهر
“لكسبريس” نقلت عن مصادر أمنية جزائرية تأكيدها أن إقامة بوتفليقة بالضاحية الغربية للجزائر العاصمة باتت أشبه بمستشفى كامل التجهيز ويتولى الإشراف عليه طاقم طبي صيني متخصص؛ حيث يتلقى الرئيس البالغ من العمر 81 سنة – 82 في مطلع مارس المقبل -؛ علاجات متواصلة على أمل تحسن حالته الصحية وزيادة فترة حكمه وقتاً إضافيًا.
وأضافت المجلة أن الرئاسة الجزائرية تُنظم شهرياً خرجة إعلامية وحيدة للرئيس وهو على كرسيه المتحرك من أجل مواجهة الشائعات المتعلقة بوضعه الصحي وتأكيد بقائه حيا وممارسة وظائفه كرئيس للبلاد رغم صعوبة مهمة إثبات قدرته عَلى إدارة شؤون البلاد وهو الذي يعيش ظروفا صحية توصف بأنها كارثية.
وقد تسببت التصريحات الرسمية المتعددة من طرف قادة حزب جبهة التحرير الحاكم؛بشأن ترشيحه لفترة رئاسية خامسة في القضاء على أمل التداول على السلطة خلال الإنتخابات الرئاسية المقررة شهر إفريل المقبل.
“لكسبريس” أشارت إلى أن بوتفليقة يَستمدّ قوته من تاريخه النضالي في حرب تحرير الجزائر وحنكته الدبلوماسية، حين كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس هواري بومدين حيث كان يلقب بالدبلوماسي الثوري وصورته الراسخة في الأذهان بوصفه منقذ الجزائر من العشرية الدموية التي انتهت برئاسته للبلاد عام 1999 وإعلانه المصالحة الوطنية الشاملة خلال السنوات الموالية.
حرص على استقرار الجزائر وخشية من سقوطه في موجة العنف
ولفهم سر نفوذ بوتفليقة وتسمك حزبه به كمرشح وحيد؛ قالت “لكسبريس” إنه يجب قراءة المراحل التاريخية التي مر بها هذا الأخير منذ انخراطه في الشأن العام؛ إنطلاقا من أدواره في ثورة تحرير الجزائر، مرورا بتعيينه وزيراً للخارجية في ستينات القرن الماضي حيث سجل نجاحات دبلوماسية كبرى له شخصيا وللجزائر كدولة في تلك المرحلة، ثم عودته للجزائر بطلب من دوائر السلطة نهاية التسعينات، ويقدم على أنه أعاد البلاد إلى بر الأمان بعد إنتخابه رئيساً لها عام 1999.
ويُفسر مراقبون صمت فرنسا والولايات المتحدة عن الوضع في الجزائر بحرصهما على استقرار هذا البلد وخشيتهما من سقوطه في موجة العنف التي سقطت فيها دول مجاورة مثل ليبيا ومالي. كما أن علاقات فرنسا مع الجزائر تعرف نوعًا من الجمود والتوتر بسبب ذاكرة الاستعمار الفرنسي للجزائر والتي أضعفت تأثير فرنسا في الداخل الجزائري.
وخلصت “لكسبريس” تقريرها بالتوضيح أن الحياة السياسية في الجزائر تبدو اليوم مشلولة وفِي وضع مُعقد وبعد عقدين من رئاسة بوتفليقة؛ تماماً مثل الوضع الصحي للرئيس المرشح لخلافة نفسه للمرة الخامسة على التوالي؛ وهو مثبت على كرسي متحرك.
وتذكر بعض المصادر أن بوتفليقة يعاني من عدة أمراض على مستوى الرئتين وسرطان في المعدة، فضلا عن إصابته منذ أبريل 2013 بجلطة دماغية أثرت كثيرا على قواه الجسدية والصحية، وسبق أن تنقل في عدة مستشفيات أوروبية للعلاج، أشهرها مستشفى فال دوغراس الفرنسي، ومستشفى “جينوليي” قرب جنيف.
وفي ظل التكتم على ملف صحة الرئيس، وغياب التواصل الرسمي من طرف المؤسسات الحكومية مع الشعب بغية التوضيح، يستقصي الشارع الجزائري أخباره من وسائل إعلام أجنبية، ومن شبكات التواصل الإجتماعي، الأمر الذي فاقم حالة القلق والترقب، وازداد حدة بعد ترشحه إلى عهدة رئاسية خامسة أغضبت الجزائريين و أخرجتهم للشارع للاحتجاج، حيث لأول مرة يقوم الجزائريين بالمطالبة بإسقاط الرئيس منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي عندما قام أنصار حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بإسقاط الرئيس الشاذلي بن جديد آنذاك من خلال عصيان مدني في ماي 1991.
خاص بــ”أنباء تونس”: قائد السبسي يزور الرئيس الجزائري بوتفليقة للإطمئنان على صحته بسويسرا
شارك رأيك