في اطار الاحتفال بخمسينية الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، أشرف صباح اليوم الجمعة 26 أفريل 2019، سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على افتتاح ندوة دولية تحت شعار” الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه على درب التحول الرقمي والانتقال الطاقي وتأمين المنظومات المائية الكبرى”، وذلك بحضو سمير الشفي الامين المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من اطارات الوزارة والسيد رضا السعيدي الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة.
وفي كلمة الافتتاح أفاد سمير الطيب أن بلادنا تتميز بندرة الموارد المائية التقليدية حيث تقدر حصة الفرد 450 مترا مكعبا في السنة بينما يبلغ مؤشر شح المياه الذي يحدد حصة الفرد الدنيا بــ 500 متر مكعب في السنة. وأنه من المنتظر أن تصل هذه الحصة إلى 360 مترا مكعبا في السنة في أفق 2030، مضيفا أن الموارد المائية ببلادنا تتعرض كذلك إلى العديد من العوائق والصعوبات من بينها تزايد الطلب على المياه في جميع القطاعات نتيجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد،و تأثيرات التغيرات المناخية وتزايد تواتر فترات الجفاف والفياضانات والاستغلال المفرط للموائد المائية وارتفاع درجة ملوحتها.
وبهدف تنظيم هذا القطاع النشيط وإزاء تنامي الطلب على الماء، أفاد الطيب أنه تمّ بعث “وكالة توزيع المياه” سنة 1947 وهو هيكل يتمتّع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي. وعهدت مهمّة استغلال شبكة تونس وأحوازها إلى شركة الغاز والتي تعرف حاليا بالشركة التونسية للكهرباء والغاز. ومع توسّع قطاع الماء وتزايد نسق الطلب على الماء الصالح للشرب وضخامة الاستثمارات أضحت الوكالة عاجزة على تلبية حاجيات المواطنين.وأنه بموجب القانون عدد 22-68 المؤرّخ في 02 جويلية 1968 والمنقح بالقانون عدد 21-76 المؤرّخ في 21 جانفي 1971 تمّ إحداث الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وهي مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية تخضع لإشراف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
كما أفاد وزير الفلاحة أن من خلال التوزيع الجغرافي للموارد المائية المتاحة في تونس، فإنّ 81 بالمائة منها متوفرة بالشمال و11 بالمائة في الوسط و8 بالمائة في جنوب البلاد، وأنّه بفضل السياسات والبرامج والخطط المعتمدة خلال الخمسين سنة توفّقت البلاد في ضمان التوازن بين العرض والطلب عبر إحكام تعبئة مواردها المائية المختلفة سواء الجوفية منها أو السطحية فضلا عن نجاحها في توفير الماء الصالح للشرب لكل المناطق العمرانية والتجمعات الريفية ومختلف النشاطات الاقتصادية بنوعية مطابقة للمواصفات وبصفة منتظمة خصوصا خلال فترات الجفاف.
وأكد السيد سمير الطيب أنه وبعد قطع شوطا هاما في مجال تعبئة الموارد المائية (بلوغ نسبة تعبئة 92 بالمائة سنة 2018)، تتطلب المرحلة المقبلة خاصة :حماية السدود الكبرى من الترسبات بدعم أشغال المحافظة على المياه والتربة و تأمين التزود بالمياه وذلك بربط السدود الكبرى بعضها البعض وتدعيم محاور جلب، المياه شمال-وسط-جنوب لتحويل فائض مياه الشمال إلى هذه المناطق و تدعيم سياسة إدارة الطلب على المياه من خلال :
تدعيم وتطوير برامج الاقتصاد في الماء، و تثمين الموارد المائية غير التقليدية بإعادة استعمال المياه المعالجة ومياه الصرف وتحلية المياه المالحة وشبه المالحة والنهوض بتصرف مستخدمي المياه ضمن مجامع مائية،و تدعيم برامج البحث العلمي و تطوير النصوص التشريعية المتعلقة بقطاع المياه.
وشدد الطيب على أن الشركة ما فتئت تعمل طيلة الخمسين سنة وإلى الآن على تحسين ظروف المواطنين وتقليص عبء نقل الماء “Corvée de l’eau ” ومجابهة ندرة الموارد المائية الذاتية والاستغلال المفرط للموارد المتاحة رغم التكلفة المرتفعة والمتزايدة خاصّة منها المتعلّقة بالطاقة. وأن المؤشرات تشير إلى أنّه خلال سنة 2018 بلغ عدد المشتركين حوالي 3 مليون مشترك وتمّ إنتاج ما يناهز 700 مليون م3 من الماء الصالح للشرب تمّ توزيعها من خلال شبكة تمتد على طول 55 ألف كلم. وان نسبة التزويد الوطنية بلغت 98% (100% بالوسط الحضري و94% بالوسط الريفي).، مضيفا أن الشركة قامت كذلك بمجهودات عامة في مجال تعبئة وتثمين الموارد المائية غير التقليدية من خلال انجاز 18 محطة معالجة و15 محطة لتحلية المياه الجوفية المالحة ومحطّة لتحلية مياه البحر بجربة.
وفي اطار حرص تونس على استغلال التكنولوجيات الحديثة والنهوض بمجال البحث في سبيل تحكم أفضل في الموارد المائية، أكد السيد سمير الطيب أن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تعمل حاليّا على إنجاح استراتيجية بناء القدرات في التصرف وتحسين الأداء التي تندرج في إطار “البرنامج الوطني لتدعيم وتأمين التزود بالماء الصالح للشرب بالبلاد إلى أفق 2035” والتي تعتزم الشركة اعتمادها على المدى القصير والمتوسط والهادفة أساسا إلى تعزيز نجاعتها عموما عبر تحسين قدراتها في التصرف والأداء التنفيذي وذلك بتطبيق خطّة عمل قائمة على الجوانب التالية :
الجانب التنفيذي و حوكمة الممتلكات، التصرف التجاري و إدارة الشؤون الماليّة ونظم المعلوم والتصرف في الموارد البشريّة و تحديث الهيكل التنظيمي للشركة.
وبين وزير الفلاحة أنه في ضلّ هذه الرؤية الاستراتيجية المستقبلية وبداية النقلة النوعية والتمشّي نحو بناء مؤسسة حديثة في عصر الرقمنة تم اختيار شعار هذه الندوة الدولية : ” الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه على درب التحول الرقمي والانتقال الطاقي وتأمين المنظومات المائية الكبرى”.
شارك رأيك