“حتما إنه ليس شكري بلعيد، بل هو مقاربة فنية لشخصية شكري بلعيد دون ريب، فالجدل الحاصل حول مدى “مطابقة” التمثال لشخصية الشهيد بلعيد، يعيد إلينا جدلا قديما حول علاقة المرجع بالمنحوتة، ويؤكد من جديد أننا مازلنا نبحث في ” الصورة” بجميع تمثلاتها عن المشابهة التامة مع الواقع..
” و يعيدني هذا الجدل إلى قول ألكسندر دل جوكندو زوج الموناليزا حين رفض استلام بورتريه زوجته من ليوناردو دافنشي قائلا باحتجاج” هذه ليست صورة زوجتي” وظلت “الموناليزا” اللوحة ، مهجورة في مرسم الفنان لسنوات دون ان يتقاضى دافنشي مقابلا لعمله، ومنذ ذلك الوقت أضحى البحث عن “المطابقة” ترجمة لغياب الفكر الجمالي لدى المشاهد ، وهذه الحادثة ليست فريدة زمانها فقد رفض المشاهدون تمثال الأديب بلزاك الذي نحته النحات الفرنسي الكبير رودان لذات السبب بحجة أنه لا يمتّ بصلة إلى ملامح رودان بل يسيء ، إلى شخصه، ويعبّر الجدل عن حالة صحية في طرح أسئلة العلاقة بين الفن والواقع ، لذلك فالمشاهد بحسب وعيه الجمالي سينظر الى التمثال، البعض سيعتبره “مسخا” لبلعيد “الأصل” وبعضهم سيرى فيه استنساخا لأشخاص آخرين ملهمين ، مفكرين وقيادات سياسية، وبعضهم سيرى فيه صورة شخص ينتمي إلى أسرته، وبعضهم سيرى فيه مجرد قراءة شخصية للنحات لشخصية المنحوت/الغائب، وهكذا سيقع الاختلاف في موضوع خلافي في الفن ذاته، وهذا الاختلاف يقيس حتما درجة حضور أو غياب الثقافة الفنية في مجتمعنا، وإجمالا فإنّ تمثال شكري بلعيد في صفاقس، يثير نقاشا عميقا لا يمكن حصره في دائرة (التمثال/الوثن) أو دائرة “خيانة”النحات للأصل، إنه يعني أساسا تقييم منظورنا الجمالي للعالم ، ومعرفة مستوى وعينا بالعمل الفني، وانتظاراتنا الجمالية والثقافية منه”.
هذا و قد تم “تدشين مجسم تذكاري للشهيد الوطني شكري بلعيد بصفاقس ، بحضور الأخ الأمين العام نور الدين الطبوبي و الأخوة منعم عميرة وأنور بن قدور ومحسن اليوسفي أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و الأخ يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس و الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي للشغل بصفاقس و عبد المجيد بلعيد شقيق الشهيد و عدد كبير من النقابيات والنقابيين”، وفق ما نشره إتحاد الشغل.
شارك رأيك