في هذه الرسالة المفتوحة يذكر الكاتب السيد رضا شرف الدين، الرئيس المستقيل من النجم الرياضي الساحلي، أنه دخل النجم على صهوة “المنقذ” ويطلب منه ألا يخرج من باب “رمي المنديل” فهو باب لا يليق بقامته ونضاله وما قدمه للنادي من خدمات محفورة في سجلات تاريخه وتاريخ الرياضة التونسية عموما.
تحية وبعد،
دأبت على كتابة مثل هذا الرسائل “الخاصة جدا” إلى كبار المسؤولين السياسيين والاجتماعيين وأصحاب النفوذ كلما اشتعلت الأضواء الحمراء ، وتلبدت السماء بالسحب السوداء، وانسدت الآفاق، لكني وجدت نفسي أحيد عن هذه العادة وأنا أكتب إليك هذه الرسالة كرئيس مستقيل لجمعية النجم الرياضي الساحلي المجيدة.
إن النجم يعيش مرحلة انتقالية ناجحة متحديا كيد الكائدين، وما ترشحه لدوري المجموعات في رابطة الأبطال الإفريقية رغم الصعوبات والظروف والعراقيل إلا أكبر دليل على ذلك، خاصة وقد تمكنتم في ظرف قصير نسبيا من إزالة العديد من العراقيل والمطبات العالقة، وأبطلتم الفخاخ التي نصبها الخصوم والأصدقاء على حد سواء، وقضيتم على ما تبقى من أعشاش الدبابير، التي كنت نبهتك لخطورتها في العديد من المرات، وقد مكنكم هذا النجاح من مباشرة حملة واسعة على المنظومة التي سيطرت على لعبة كرة القدم التونسية وحولتها إلى مستنقع خطير فشوهت سمعة الرياضة التونسية بالخارج وأقضت مضاجع الساهرين على أمن البلاد واستقرارها.
سيدي الكريم،
كنت، في مقالات سابقة بالعديد من الصحف الورقية والإلكترونية الناطقة بالعربية والفرنسية، قد صنفتك ضمن قائمة “الرؤساء المنقذين” في النجم، وقد أنقذت النجم فعلا من سقوط كارثي في فترة هي الأحلك في مسيرته، بعد أن استولى عليه بعض المتطفلين والباحثين عن الشهرة الرخيصة، ولكني اكتشفت مع مرور الأيام وتواتر الوقائع بحلوها ومرها واشتداد الصراعات في ساحة رياضية موبوءة بالآفات والعلل أنك أكثر من “منقذ عابر”، لما أبديته من سخاء وقدرة على القيادة ومواجهة الأزمات الطارئة ومصارعة الأمواج العاتية، والتمسك بالقيم الأخلاقية في زمن رياضي انحدرت فيه الأوضاع إلى أسفل السافلين، فصنت بذلك عهد مؤسسي مدرسة النجم الرياضي الساحلي ورواد الحركة الرياضية في كل أنحاء البلاد منذ الاستقلال، فوسعت حملتك لإنقاذ كرة القدم التونسية من براثن اللوبيات والتيارات ومراكز قوى التهديم والتخريب والاستغلال ووجدت إلى جانبك كل الرياضيين التونسيين الأصيلين فٱلتفوا حولك، متناسين انتماءاتهم، وساندوك ودعموك في الكشف عن الحقائق وإسقاط الأقنعة وفضح كل المناورات والدسائس التي فتكت بكرة القدم التونسية في السنوات الأخيرة وحولتها إلى خطر جسيم يهدد البلاد والعباد.
يعرف القاصي والداني أنك لم تأت إلى قطاع كرة القدم والرياضة بصفة عامة لتحقيق مآرب شخصية… ولم تأت للبحث عن حصانة مهما كان نوعها كما فعل ويفعل الآخرون، ولم تأت بحثا عن أحضان تأويك وتحميك كما سعى ويسعى إلى ذلك الكثيرون، بل جئت إلى الرياضة حبا وعشقا وشغفا ورغبة جامحة في الإفادة والمساهمة في إعلاء راية الوطن، وقد حققت نسبة كبيرة من أهدافك، وكل المؤشرات الراهنة تؤكد أنك ستحقق البقية وتكسب أكبر الرهانات وأولها رهان إسقاط هذه المنظومة التي رزحت على قلوب كل الرياضيين التونسيين.
لقد حاولوا إبعادك مرارا… ولم يفلحوا… حاولوا إغتيالك لضرب البلاد بأكملها في مقتل فلم يفلحوا… وحاولوا زعزعتك بالإشاعات المسمومة ولم يفلحوا… وحاولوا عرقلتك ووضع الحواجز في طريقك ولم يفحلوا.. بحثوا في كل التفاصيل التي تخصك ووجدوك شفافا فأدبروا خاسئين.
سي رضا،
دخلت تاريخ النجم من الباب الكبير وكتبت صفحة ناصعة في سجله المجيد، فلا تترك لهم الفرصة ليسجلوا عليك أنك خرجت من “الباب الصغير”. إن استقالتك في منتصف الطريق وفي هذا الظرف بالذات تمثل خدمة مجانية لأعداء النجاح وأعداء النجم والرياضة عموما وسقوطا في الفخ الذي نصبوه لك.
أعرف أنك وجدت نفسك وحيدا في مواجهة التحديات والرهانات والصعوبات، وأدرك مدى ما تعرضت له من مكائد، وأتفهم مخاوفك من إمكانية الفشل في تحقيق الأهداف المرسومة، ولكني أختلف معك إختلافا شديدا في جنوحك إلى تقديم إستقالتك من رئاسة النجم الساحلي كما اختلفت معك في العديد من المسائل الأخرى رياضية وسياسية.
سي رضا،
إن تراجعك عن الإستقالة، التي قدمتها وأنت في حالة غضب ويأس وإحباط، سيرفع من شأنك مجددا ويؤكد لأنصارك وخصومك على حد سواء أنك فارس حقيقي، والفرسان الحقيقيون لا يترجلون في منتصف الطريق. إن النجم الساحلي مازال بحاجة إلى خدماتك وسخائك وعشقك الأسطوري ونضالك من أجل رفع رايته رغم الأخطاء العديدة التي ارتكبها المحيطون بك والذين منحتهم ثقتك فخانوا الأمانة، وهي أخطاء تحملت مسؤوليتها ومسؤولية تداعياتها بشجاعة نادرة. تذكر أنك دخلت النجم على صهوة “المنقذ” فلا تخرج من باب “رمي المنديل” فهو باب لا يليق بقامتك ونضالك وما قدمته للنجم الساحلي من خدمات محفورة في سجلات تاريخه وتاريخ الرياضة التونسية عموما.
شارك رأيك