في التدوينة التالية التي نشرها بصفحته على الفايسبوك اليوم الجمعة 12 جوان 2020 تحت عنوان “يبكي الوزير عالمصير” كنب النائب السابق الصحبي بن فرج عن سبب بكاء الوزير الشاب وهو الوضع الكارثي الذي عليه الوضع الاقتصادي و المالي في تونس. و في ما يلي نص التدوينة…
السيد نزار يعيش وزير المالية بكى أمام لجنة المالية والعهدة على النائب أسامة الخليفي الذي أورد خبرا خطيرا مرٌ مرور الكرام في خضم الملْهات السياسية الدائرة أمامنا،
دموع الوزير تعني أن أمرا جللا قد حدث أو سيحدث وسط لا مبالاة تامة من الجميع أدت الى إحساس عميق بالغبن والعجز والقهر لدى أعلى سلطة مالية في البلد.
لماذا يبكي وزير المالية؟ بكل بساطة لأن الوضع كارثي حسب ما نُقل عنه والترجمة العملية لهذا الكارثة هي أن الدولة التونسية تواجه خطر الإفلاس…. كيف ذلك بأكثر بساطة؟
الموارد المالية للدولة تتوجه نحو الإنهيار ، هي أصلا كانت متداعية قبل الكورونا وهي اليوم منهارة بمفعول الكورونا : توقف النشاط الاقتصادي طيلة أشهر ، ركود الاسواق الدولية التقليدية، احتضار الموسم السياحي الحالي، تراجع المداخيل الجبائية بحكم توقف آلة الانتاج وتصدير السلع والخدمات وصعوبة وبطئ عودتها الى حجم الاعمال العادي…
يواجه الوزير مشكلة تعبئة الموارد لتغطية الاحتياجات العادية لتسيير الدولة ( قرابة11 الف مليار مستوجبة لاقفال الميزانية) ، ويواجه كلفة الاحتياجات الاستثنائية التي خلفتها أزمة الكورونا( تقدر بآلاف المليارات)، وأخيرا على الوزير أن يبحث عن مصادر لتمويل ما تحتاجه الخدمات العمومية والبنية التحتية من اعتمادات لإصلاحات طال انتظارها(صحة تعليم، نقل، ثقافة، تكوين، انتدابات…. أي الاف مليارات أخرى)
هذا الصورة القاتمة وغيرها ماثلة أمام السيد وزير المالية، ومن خلال معرفتي الدقيقة بالعقلية السياسية والاقتصادية الكلاسيكية التي تدير الدولة التونسية منذ عشر سنوات، وبكواليس الادارة التونسية لن يكون أمام الوزير سوى اللجوء الى الوصفة التقليدية التونسية العريقة : المزيد من قروض+ المزيد من الضرائب+ المزيد من التقشف (الأجور، الانتدابات، ميزانية التنمية…) وهذا يعني بالضرورة المزيد من الحلقة المفلسة والمفلسة التي تدور فيها البلاد والحكومات المتعاقبة والتي ستؤدي يوما ما الى الافلاس الاقتصادي و الانفجار الاجتماعي.
ومع ذلك، فإن هذه العقلية السياسية والادارية الكلاسيكية المحافظة لن تبحث (لن الزمخشرية) عن حل يخرج عن هذه الثلاثية العتيقة، قروض|ضرائب|تقشف،
وإن حدثت المعحزة وبحثت فغالبا ما ستبحث بدون إرادة حقيقية أو في غير المكان المناسب،
وإن وجدت حلا (أو أُعطيت حلا من خارج المنظومة) فستتكفل الادارة والقوانين والاجراءات والمجلس والمحاصصة والسياسة والحقوق المكتسبة، والمجموعات المستفيدة من بقاء الامر غلى ما هو علي….. ستتكفٌل بتعطيل الحل وتمطيطه وافراغه من أي جدوى
نعم لهذا، بكى وزير المالية السيد نزار يعيش…
شارك رأيك