أصوات نواب الحزب الدستوري الحر ضرورية لإنجاح لائحة اللوم ضد راشد الغنوشي لكن نواب كتلتي التيار و الشعب يتعففان و يرفضان أي تقارب مع زعيمة هذا الحزب عبير موسي، و كأنهم بهذا السلوك غير العقلاني و غير المنطقي لا يريدون لهذه اللائحة أن تنجح. هي فقط مناورة خسيسة لمغالطة الرأي العام والتغطية (وقتيا) على تعاملهم القديم والمتجدد مع الإسلاميين.
بقلم توفيق زعفوري *
تفاخرت العائلة الوسطية الحداثية الديمقراطية “النمطية” بتقديم لائحة سحب ثقة من رئيس البرلمان راشد الخريجي الغنوشي، في ما يشبه الانتصار الملحمي، و هم بالكاد حصلوا على أصوات قليلة بعد السبعين، و تفاخروا أكثر عندما وقع تسليمها إلى مكتب الضبط.
الحقيقة أن ذاك أقصى ما يمكنهم الوصول إليه، إنهم يعلمون علم اليقين أنهم لن يتمكنوا من سحب الثقة من الغنوشي دون أصوات الحزب الدستوري الحر، الحزب الذي بدأ إجراءات سحب الثقة من الغنوشي شهرا و نصف قبل اقتناع العائلة الوسطية الديمقراطية الحداثية بأطروحات و أسباب عبير موسي، لكن هؤلاء يريدون أصوات عبير موسي عرفيا، تفاديا لأي شبهة سياسية و أخلاقية و حفاظا على طهوريتهم الثورجية المزيفة و تاريخهم النظالي ضد الديكتاتورية.
يريدون أكل الثوم و لكن بفم عبير موسي
هؤلاء ببساطة يريدون “أكل الثوم و لكن بفم عبير موسي”، لا أكثر و لا أقل، حسابيا لن يسقط الغنوشي ب 89 صوتا، من أين سيأتون ب29 صوتا آخرين… هذا إن حضروا جميعهم، فصوت واحد يتغيب يمكن أن يفشل مجهود شهور كاملة و مجهودات كتل برلمانية و يقلب موازين القوى، في الإتجاهين.
الكتل البرلمانية و عبير موسي يلتقون في هدف واحد الآن و هو الإطاحة براشد أو بزعيم الإخوان حسب عبير موسي، ولكن دون أصوات الحزب الدستوري الحر تصبح لائحة سحب الثقة مجرد قرصة أو عبث سياسي وهو أقرب إلى الإبتزاز منه إلى العمل البرلماني الجاد، و إن فشلت اللائحة (ومن غير عبير موسي ستفشل حتما) سيكون أكثر تصلبا وأكثر تطرفا.
من سيسحب الثقة من الغنوشي، التيار أم الدستوري ؟؟
التيار الديمقراطي أو محمد عبو الذي كان تابعا للمنصف المرزوقي الذي تآمر على سوريا مع الغنوشي و الذي جاب السفارات الأجنبية مع الإخوان المسلمين زمن بن علي بشهادة أم زياد سيسحب منه الثقة ؟ أو حتى سليم العزابي الذي استقوى بالغنوشي على الباجي قايد السبسي رحمه الله و غيرهم … طبعا لا … هو فقط ابتزاز لا غير…
أغلب المتابعين للشأن العام يؤكدون أنهم ضد أطروحات عبير موسي، و لكنهم يشيدون بشجاعتها و ثباتها على المبدأ، وحتى خصومها يشيدون بذلك بينهم و بين أنفسهم، في السر و لكن تنقصهم الشجاعة على الإصداع حتى بمجرد فكرة يلتقون فيها مع الحزب الدستوري الحر، التحالف مع عبير موسي يشوه تاريخهم النضالي الطاهر الشريف، و لكن أصوات نوابها لازمة و ضرورية للإطاحة بالغنوشي، وهي تخدم مشروعهم و لكنهم لا يريدون المجاهرة بالتحالف، أو التقارب معهم في أي شيء، هل سمعتم بسفالة أكثر من هذه ؟ لهذا قلنا أنهم يريدون أكل الثوم ولكن بفم عبير موسي… في إنتظار “قودو”، أقصد ال 109 صوتا، و كلنا يعرف أن “قودو” في نهاية مسرحية صمويل بيكيت… لا يأتي.
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك