في أجواء سلبية تختلط فيها أزمتان واحدة سياسية مجتمعية و أخرى صحية بسبب الجائحة، تمت دعوة مواطني بلدية ساقية الدائر الأحد القادم جوان 2021 للإدلاء بأصواتهم لانتخاب مجلس بلدي جديد إثر حل المجلس السابق المنتخب والذي عصفت به المشاكل والانشقاقات أدت إلى إستقالة 14 عضوا منه.
بقلم فتحي الهمامي *
لقد إنتظر متساكنو ساقية الدائر – إثر الانتهاء من انتخابات ماي 2018 (الأولى بعد الثورة – أن تقلع بلديتهم ويتغير حالها، فترتقي الخدمة البلدية فيها وتتحسن ظروف حياتهم اليومية.
ألم تكن تلك الانتخابات تعددية وديمقراطية؟ ألم ينتصر فيها من سوق إلى طهوريته باسم الدين؟ ألم يروا كم أطلقت من الوعود؟
ولكنهم لم يجنوا – في تقدير الرأي العام هناك – سوى الخيبة تلو الخيبة إذ بسرعة أصاب البلدية الشلل شبه التام فتعثر الإنجاز ومثله سائر الفعل البلدي.
الصراعات داخل مجموعة حزب النهضة عصفت بالمجلس البلدي
ويقول قائل أين العجب في هذا المآل. أليست أغلب بلدياتنا “في الهوى سوا” من فشل و جمود، بسبب تواضع الإمكانيات، وضعف الإرادة، وهشاشة الحوكمة، وتردد المركز في دفع اللامركزية، ووَضَاعَة الالتزام بالتشاركية، ونَقْص التقيد بالقانون وغيره وغيره كثير ؟ ذلك صحيح، ولكن ما زاد الطين بلة، ما ميز المجلس السابق المنحل من صراعات اندلعت داخل مجموعة الحزب الفائز نفسه ( اي حزب النهضة صاحب نصف مقاعد المجلس والحاصل على الرئاسة).
فقد قامت حرب وكأنها حرب داحس والغبراء بين شقين من حزب النهضة كان أحد طرفيها رئيس البلدية نفسه. فأحالت المجلس إلى حطام نبضه خافت وشبه ميت، وانتهت إلى استقالات أسقطته.لقد اثار منطق الغنيمة شهية المنتخبين من الحزب الحاكم. وتغلبت عندهم بسرعة روح الفئوية، وهذا بشهادة رئيس البلدية السابق نفسه (انظر بيانه في 9 مارس 2021 في الاعلام الحهوي -ديوان ف.م- إلى متساكني ساقية الدائر)، الذي إتهم “إخوانه النهضويين” في المجلس وفي فرعهم في المدينة بالسعي الحثيث إلى استعمال البلدية لخدمة مصالح المقربين على حساب المتساكنين.
في حين اتهمه الشق الآخر بالعجز والتقصير في تسيير البلدية وخاصة بالانفراد بالرأي والقرار. فهل نرى بعد انتخابات يوم 6 جوان مجلسا خارج روح الحسابات الحزبية الضيقة، والمحاباة وفي خدمة المتساكنين جميعهم؟
كيف تغيير الأحوال والتقدميون مُتَغَيِّبون؟
هذا ما ينتظره المتساكنون هناك رغم غياب قائمة مترشحة تجمع طاقات تقدمية من البلدية، وما أكثرهم هناك. ولعل السؤال هنا كيف التغيير والتقدميون مُتَغَيِّبون؟
ومن جانب آخر تغيب عن هذه الانتخابات البلدية الجزئية تلك الأحزاب التي انتصرت في المرة السابقة (التيار – النداء – الدستوري الحر – الإرادة) إذ لم تترشح سوى قائمة حزبية واحدة (النهضة) و أخرى ائتلافية نظريا هي حليفتها السياسية نظرا لصبغتها الايديولوجية. ولكن في المقابل تحضر أربع قائمات مستقلة تنافس الأخريين السياسيتين. والسؤال هنا إلى مدى هي مستقلة فعلا خاصة إذا كانت إثنتان بقيادة عضوان سابقان في المجلس عن قائمتين حزبيتين؟ ام تراهما قد طلقا الانتماء الحزبي !؟ أما القائمتان الأخريان فواحدة عنوانها : “معانا الساقية خير” برئاسة منذر اللواتي والتي تقدم نفسها أنها شبابية، في حين يتزعم الأخرى الطاهر الفريخة تحت عنوان “نبض الساقية”. وقد تقدمت كلتا القائمتين ببرنامج انتخابي واعد يرونه بعيدا عن بهرج الوعود الفضفاضة، باذلين في نفس الوقت جهدا كبيرا لإعلاء الاستقلالية وبيان الاستعداد لخدمة الشان العام. فهل تكون هي علامة التغيير نحو التقدم ؟
من جهتي أظن أن التحدي كبير أمام القائمات الجدية للتوصل إلى إقناع (أولا) متساكن ساقية الدائر بأهمية الاقتراع بصفته بوابة الديمقراطية المحلية ثم (ثانيا) إلى تجنب الصفقات السياسية غير المبدئية بعد إعلان النتائج وأخيرا إلى تنقية العمل البلدي من المصالح الفئوية بجميع أشكالها. فليس خافيا أن الامتحان الحقيقي ومعيار التقييم يكون عند المرور إلى الفعل والممارسة.
ناشط حقوقي.
شارك رأيك