في زيارة إلى بروكسل في 4 جوان 2021 التقى فخامة السيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية بفخامة السيد شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي و فخامة السيدة أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية وفخامة السيد ديفيد ماريا ساسولي رئيس البرلمان الأوروبي. أتاحت هذه اللقاءات الفرصة للتأكيد على عمق الروابط التاريخية التي توحد الاتحاد الأوروبي وتونس وتتجاوز نصف القرن في إطارفي إطار شراكة إستراتيجية تشهد تطورا مستمراً.
تستند هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية على القيم المشتركة والالتزام المتبادل بتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية التي توحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
وقد أولت التبادلات التي جرت في جو ودي للغاية اهتماما خاصا بالشباب والتعليم والثقافة والعلاقات الاقتصادية التي كانت من بين الموضوعات المهيكلة للتعاون التونسي الأوروبي منذ عدة سنوات. يعد تنفيذ الأولويات المعلنة في الوثبة المشتركة بشأن شراكة جديدة مع الجوار الجنوبي التي أكدتها استنتاجات المجلس في أفريل 2021 في قلب هذه التبادلات. كما تناول الطرفان مسألة الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة المرتبطة بوباء COVID-19وناقشا الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لإنعاش النشاط الاقتصادي والنمو.
ورحب الطرفان بالاحتفال بالذكرى العاشرة للثورة . منذ ذلك الحين ,أحرزت تونس تقدمًا على طريق ترسيخ الديمقراطية لا سيما من خلال إجراء الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية وإصدار القوانين التي تضمن حقوق الإنسان والحريات الأساسية وهوما يشهد على ترسيخ الديمقراطية في المجتمع التونسي.
أما على صعيد التعاون, فقد شكر الرئيس التونسي الاتحاد الأوروبي على دعمه المستمر منذ 2011 مذكرا بالمساهمة الأوروبية بأكثر من ثلاثة مليارات يورو لدعم الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي للبلاد . من جانبه أكد الاتحاد الأوروبي التزامه طويل الأمد إلى جانب تونس و رغبته في دعم البلاد في جهودها لتعزيز مؤسساتها الديمقراطية وتطوير اقتصاد أخضر تنافسي شامل لا سيما من خلال دعم الشركات الصغرى والمتوسطة و تشجيع الاستثمار الأجنبي.
كما ناقش الجانبان الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة الصحية المرتبطة بوباء COVID-19 والإصلاحات الاقتصادية التي سيتم إجراؤها لضمان استئناف مستدام للنمو ويلتزم الاتحاد الأوروبي وهو أحد المساهمين الأوائل في آلية COVAX الدولية بمواصلة دعمه لجهود أفريقيا بما في ذلك جهود تونس في مكافحة الوباء من خلال تسهيل الوصول العادل إلى التلاقيح ومن خلال دعم انتعاشها الاقتصادي خاصة في القطاعات الأكثر تضررا مثل السياحة والخدمات والنقل الجوي.
وأكدت هذه الزيارة التزام الطرفين بتعميق شراكتهما الاستراتيجية والمتميزة. وتبادل الطرفان وجهات النظر حول المحاور ذات الأولوية التي ستوجه التعاون الثنائي في السنوات القادمة وقد سمحت المناقشات بتحديد الخطوط العريضة التالية:
بدأ التعاون في عام 2016 في إطار الشراكة من أجل الشباب وقد حقق بالفعل نتائج مهمة حيث تمكن أكثر من 5000 طالب وموظف جامعي تونسي من الاستفادة من برنامج Erasmus + والمشاركة في برامج التبادل في جميع المجالات مع الجامعات الأوروبية. كما دعم الاتحاد الأوروبي تحديث التعليم العالي في تونس من خلال 50 مشروعًا لبناء القدرات منذ عام 2015 ، في إطار برنامج .Erasmus+
تعد تونس أيضًا من أكثر البلدان الواقعة على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط إستفادةً من مشاركتها في برامج البحث الأوروبية منذ غرة جانفي 2016 والبلد الوحيد في الجوار الجنوبي وأفريقيا المرتبط بالبرنامج الإطاري الأوروبي للبحث والابتكار ” Horizon 2020″. وقد شاركت الهياكل التونسية 87 مرة في 68 منحة ممولة في إطار برنامج “Horizon 2020” ، وحصلت على 11.2 مليون أورو كمساهمة مباشرة من الاتحاد الأوروبي تسمح بتعاون مختص جداً مع مراكز البحوث الأوروبية. و اعرب الطرفان عن ارتياحهما لنجاح هذا التعاون وناقشا بإسهاب آفاقه. وفي هذا الصدد عبرت تونس رسميا عن اهتمامها بالانضمام إلى البرنامج الإطاري الأوروبي الجديد “Horizon Europe” من أجل مواصلة هذه الشراكة في مجال البحث والابتكار.
بالإضافة إلى ذلك وإدراكًا لأهمية الاستثمار في الشباب لمستقبل بلداننا أكد الطرفان مجددًا التزامهما بمواصلة تكثيف تعاونهما في مجال التعليم والتدريب المهني والتعليم العالي لا سيما في إطار برنامج Erasmus+ والعمل المشترك لصالح قطاع الثقافة والتراث الثقافي. وفي هذا السياق وخلال هذه الزيارة قدمت تونس رسالة نوايا لمواصلة المشاركة التونسية في إطار برنامج “Europe Créative” الأوروبي المتعلق بالقطاعات الثقافية والإبداعية.
اتفق الجانبان على العمل معًا في مجال التنقل وجميع جوانب الهجرة بما في ذلك الهجرة النظامية بما يتماشى مع صلاحيات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بشأن الهجرة النظامية والتنقل. كما أجرى الجانبان تبادلًا صريحًا حول الهجرة غير النظامية مدركين لأسبابها الجذرية ومراعين لمصالح كل طرف. وقد تم الاتفاق على مواصلة العمل المشترك بشأن جميع جوانب الهجرة وإدارتها بما في ذلك اللجوء وإدارة الحدود ومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
اتفق الجانبان على تكثيف تعاونهما في مجالات الأمن والعدل كما أعربا عن رغبتهما في التحرك بسرعة في تطوير التعاون في مجال الشرطة. كما اتفقا على تعزيز تعاونهما في مجال التوقي من التطرف ومحاربة الإرهاب إضافةً إلى مجال مكافحة غسيل الأموال.
رحب الجانبان بالاتصالات الأولية حول اتفاقية توسيع نطاق تغطية الخدمة الأوروبية للملاحة الأرضية الثابتة EGNOS مما يدل على نجاح التعاون الثنائي في مجال الفضاء. وتؤثر هذه المبادرة أيضًا بشكل كبير على تنسيق سلامة النقل الجوي على شاطئي البحر الأبيض المتوسط وستفيد أيضًا قطاع السياحة.
شدد الطرفان على أهمية مواصلة تنفيذ الشراكة في إطار آليات التشاور التي أرستها اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس بما في ذلك مناقشات الخبراء لعمل اللجان الفرعية. وفي هذا الصدد رحب الاتحاد الأوروبي وتونس بعقد الاجتماعات المختلفة بموجب اتفاقية الشراكة في عامي 2019 و 2020 وذلك بالرغم من القيود الصحية. وقد أتاحت هذه اللقاءات إجراء تبادلات مثمرة حول التحديات المشتركة والحفاظ على الحوار بين الإدارات التونسية والأوروبية.
تمكن الطرفان الأوروبي والتونسي أخيرًا من مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك لا سيما عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد رحب الطرفان بوقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يضع حداً للعنف وأعربا عن رغبتهما في مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية فضلاً عن التزامهما الراسخ بحل الدولتين.
في ضوء مشاركة تونس في مجلس الأمن للأمم المتحدة عام 2021 اتفق الطرفان على تكثيف الاتصالات السياسية والدبلوماسية من أجل المساهمة معًا في التزام المجتمع الدولي لصالح التعددية ومبادئ الأمم المتحدة. وقد كرر الاتحاد الأوروبي وتونس دعمهما لدعوة 30 مارس 2021 لمعاهدة دولية بشأن الاستعداد للوباء والاستجابة له.
أكد الاتحاد الأوروبي وتونس عزمهما المشترك لتجسيد المبادرات المذكورة أعلاه ومواصلة تبادلات مثمرة على جميع المستويات الفنية والسياسية التي تشكل المفتاح لتعزيز شراكتهما المتميزة.
شارك رأيك