القمع الذي تتعرض له الأستاذة عبير موسي و بقية نواب الحزب الدستوري الحر اليوم الأحد 6 جوان 2021 في ساحة باردو من طرف البوليس المتفاني في خدمة دولة الإخوان المسلمين … هذا القمع يندى له الجبين خاصة في غياب إعلام العار الذي يتفانى هو أيضا في خدمة أسياده الجدد من الإسلاميين.
بقلم الأسعد بوعزي *
المشهد في ساحة باردو هذا اليوم الأحد 6 جوان 2021 على الساعة العاشرة والرّبع صباحا: فوق ما تبقّى من آثار النافورة (الخصّة) ترى نوّاب كتلة الحزب الدستوري الحر وهم بنفس ملابسهم التي حضروا بها مسيرة يوم الأمس. كنت أرى من المسافة التي ترون على الصورة الأستاذة موسي صحبة النائب عواطف قريج تحاولان تثبيت علم تونس على بعض العِصِيّ طمعا في إنجاز ما يشبه السحابة الشمسية للإحتماء بها من القيظ الذي يلفح الوجوه وينقب الأدمغة. باءت المحاولة الأولى ثمّ الثانية ثمّ الثالثة بالفشل فأقتنعتا السيدتان بأنه لا فائدة من مواصلة الجهد لينتهي الأمر بأن يمسك كلّ من السيد أيمن (مساعد الأستاذة موسي) والسيدة عواطف بطرفي العلم لتستظلّ تحته الأستاذة بعض الوقت وهي جالسة على ما يشبه بقايا كرسيّ بُنّيّ اللّون في مشهد يتّسم بروح التعاضد والتّآزر ونكران الذّات ويُعبّر عن حسّ نضاليّ لا حدود له.
جدار حديديّ يذكّر بدولة الخوانجية دولة البوليس
حول هذه الصخرة التي تلخّص تعاسة تونس وفساد حكّامها ينتصب جدار حديديّ يذكّر بدولة الخوانجية دولة البوليس تحت حراسة عشرات من عناصر الأمن الذين لا ترى على وجوههم سوى علامات الكره والعداوة لمن يحاول الإقتراب من السّاحة.
على الجهة الأخرى من “الخصّة” كانت تربض العديد من سيّارات الشرطة تتوسّطها سيّارة إسعاف حمراء في مشهد لا يوحي إلاّ بسوء العاقبة. ما أن مسكت بهاتفي الجوّال لأخذ هذه الصورة اليتيمة من البعد الذي ترون حتّى داهمني بعض الأمنيين بملابس مدنية كنت أحسبهم من المواطنين الذين يتألمون كما أتألّم من المشهد. طمأنتهم بأنني على خلاف ما يعتقدون وغادرت المكان لأتّقي شرّهم.
دخلت المقهى المجاور لأرسم هذه اللوحة الدرامية التي تحدث في غياب تام لإعلام العار ولأكتب هذه الأسطر وقلبي ينفتر من شعوري بالعجز وأنا الذي ذهب إلى مقرّ الإعتصام على أمل أن يساهم ولو بقارورة ماء تطفىء ظمأ هؤلاء الرجال والنساء الذين يحملون همّ شعب فوق أكتافهم.
كتلة برلمانية تقف في وجه الظلم والجبروت والظلامية
اليوم من واجب هذا الشعب أن يشعر بالمسؤولية ويهبّ إلى نصرة هذه الكتلة البرلمانية التي تقف في وجه الظلم والجبروت والظلامية.
على المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان المحلّية والدولية أن تسارع بإنقاذ هؤلاء المناضلين من التهلكة بتوفير ما تيسّر من المستلزمات الوقائية والمعيشية التي تُبقي على حياتهم والمبادرة في ذلك بنصب خيمة تقيهم من اللّظى وتحافظ على الحدّ الأدنى من كرامتهم وخصوصياتهم.
على أعوان البوليس أن يعلموا أن تعلّة “تنفيذ الأوامر” لا تحصّنهم من المسائلة من الطرف القانون الدولي التي تؤكد إتفاقيته على ضرورة أن تُدرجة مادّة “القانون الإنساني” ضمن برامج التعليم بمختلف المدارس والكلّيات العسكرية. وعلى المسؤولين الأمنيين وعلى رأسهم وزير الدّاخلية أن يعلموا أن ما يقومون به يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ولا يسقط بمرور الزمن.
كم صرت أشفق على هذه الدولة التي لم أعد أعرفها بعدما ساهمت في بنائها ووهبتها 40 سنة من عمري. هذه الدولة التي أصبحت دولة الإخوان المسلمين وهي التي تخطو كل يوم خطوة نحو دولة داعش المنتصبة على مقربة منّا بالساحل الإفريقي.
أقول قولي هذا عسى أن أحرّك ضمير الحقوقيين ومنظمات المجتمع الدولي وعلى رأسهم منظمة حقوق الإنسان التابعة لإتحاد البرلمانيين الدولي ومنظمة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولي وما تبقّى من ضمير هذا الشعب الذي يحتضر.
* ضابط سابق في البحرية التونسية.
شارك رأيك