رسالة الشعب التونسي إلى الرئيس قيس سعيد هي أن فعل شيئا من أجل تونس حتى يكتب التاريخ أنه فعل، فالشعب التونسي ينتظر منه قرارات عاجلة وجريئة وفاعلة، فالسنوات الخمس قرُبت أن تنتهي أو هي انتصفت، والشعب يأمل أن يعيش ولو على أمل.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
تتفق الأطراف الوطنية في تونس على ضرورة إرساء حوار متناغم يضم جميع الأطياف الحزبية والمنظمات والجمعيات والمجتمع المدني، كما تتفق على الإسراع في إيجاد سبل كفيلة بإخراج تونس من محنتها وحالتها التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، وفي الوقت الذي تبحث فيه أطرافٌ بكل قوة عن الطريق الذي يمكن أن يخلق هذا الحوار هناك من لا يعبأ بما يجري حوله في تونس وهو المسؤول الأول في الحكومة، ففي اليوم الذي تعاني فيه تونس من أزمة صحية حادة في القيروان وفي باجة وفي غيرهما من الولايات نجد رئيس الحكومة التونسية السيد هشام المشيشي فرحا مسرورا في إذاعة شمس بعد أن استقبله المذيع مرحّبا به، فلا شك هناك مفارقات عجيبة في تونس بين جميع هذه الأطياف التي يبحث كل منها عن الكتف التي سيأكل منها ولا بد أن يشبع وإلا فلا يشارك في هذا الحوار ويترك تونس لشعبها تئن مع أنّات شعبها في كل مكان وتأزم الحالة الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
تونس ولّادة الحكومات الفارغة المضمون والهشة
فرئيس الجمهورية تحدث عن دستور 2014م وبيّن أنه لم يعد صالحا للحكم وقد سبق للشيخ راشد الغنوشي أن بيّن ذلك أيضا في تصريحات سابقة حيث أكد أن حركة النهضة لا يمكن أن تحكم تونس لأن ما لديها من موارد بشرية غير قادرة على التحكم في المال والإعلام، وبالتالي غير قادرة على إرساء إصلاحات اقتصادية واجتماعية كبرى، لذلك هي تبحث عن حليف قوي له نفوذ بالبلاد فلم تجد غير السيد نبيل القروي أمامها، فدافعت عنه بكل شراسة وهو يقبع في السجن حتى أخرجته وأحرجته وتبين للعالم أنه مظلوم بعد أن كان متهما ووعدت الشعب التونسي قبل ذلك أي قبل الانتخابات أنها لن تضع يدها في يده لأنه تعتبره من الفاسدين.
واليوم وبعد أن تم البرلمان الدستور وبدا جاهزا للتنفيذ كانت هناك عقبات تقف صادة أمام هذا التنفيذ، ولم تكن الحكومات التي تشكلت إبان الثورة إلى اليوم مستقرة أبدا، فلا يكاد يمر عليها عام أو عامان إلا وتجد نفسها أمام تحويرات أو إقالات أو مشاكل مع الرئاسة أو البرلمان، وبالتالي لا تجد الحكومة نفسها مطالبة بأعمال حقيقية تفيد الشعب، فالوزراء في وزاراتهم لا تهمهم معاناة الشعب لأنهم هم أنفسهم لا يعرفون الاستقرار فيمكن أن يتغير الوزير بين عشية وضحاها دون أن يقدم شيئا للشعب على الواقع، ومن ثم ستظل تونس ولّادة الحكومات الفارغة المضمون والهشة على طول تاريخها الجمهوري الجديد.
أيها الرئيس افعل شيئا من أجل تونس
وهناك الاتحاد العام التونسي للشغل الذي بارك الحوار في البداية مع رئيس الجمهورية ثم انقلب عليه فجأة بدعوى أنه يقول كلاما خطيرا عن الاتحاد ويتهمه بالفساد، لتبقى دائرة الحوار تدور بلا إنتاج، تسمع جعجعة ولا ترى طحينا، ويبقى الحوار معلقا إلى إشعار آخر، وتبقى الشخصيات الوطنية تدور في فلك الحيرة مما يجري في تونس من هول المعاناة ولا حل قريب في الأفق، فهل ننتظر حتى تصير الأمور إلى ما صار إليه لبنان؟ هل ننتظر حتى تنهار تونس كليا ولا نجد ما نأكله؟ ما الذي يجري فعلا؟ ولماذا لا يكون هذا الحوار في القريب العاجل؟ أو يكون هناك حل جديد يخرج تونس من محنتها كليا لأن الوقت يمر سريعا والأزمة تتعمق وتزداد وكل شيء في هذه البلاد تدريجيا ينهار، والسيد قيس سعيد قال في أكثر من مناسبة إنه لا يسمح لأي طرف أن يعبث بتونس وأن لديه من الصلاحيات التي تخوله أن يتصرف كرئيس للجمهورية التونسية لإنقاذ البلاد.
وأنا أقول أيها الرئيس، إذا كانت لديك صلاحيات قوية لإنقاذ البلاد فافعل اليوم قبل الغد، فربما تستطيع اليوم وغدا لا تستطيع، وربما تجد الوقت اليوم وغدا ينفلت منك الوقت، وربما تجد من يساندك اليوم وغدا لن تجد أحدا بجانبك، أيها الرئيس ماذا تنتظر، أتنتظر حتى تنهار تونس كليا، أتنتظر حتى يعبث اللوبيات فعلا بتونس؟ أتنتظر حتى يقال لك “ديقاج”، فاليوم كل السلطات بيديك وأنت الرئيس وغدا تكون مجردا من هذه السلطات، وتقول يا ليتني فعلت كما أُمرت، أيها الرئيس افعل شيئا من أجل تونس حتى يكتب التاريخ أنك فعلت، فالشعب التونسي ينتظر منك قرارات عاجلة وجريئة وفاعلة، فالسنوات الخمس قرُبت أن تنتهي أو هي انتصفت، والشعب يأمل أن يعيش ولو على أمل.
شارك رأيك