القاضية روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة سابقا و رئيستها الشرفية حاليا تكتب حول قرارات المنع و الترخيص و الضغوطات و التهديدات و عن امر يتعلق بجرائم ثم عن قرارات شجاعة ثم الارتباك… و تذكر بالفصل 10 و 24 من مجلة الاجراءات الجزائية… ننقل هنا النص كما ورد صباح اليوم الخميس 8 جويلية 2021 في حساب القاضية الفايسبوكي:
“وتراجعت النيابة العمومية لماذا قبلتم بغطاء الترخيص بعد وقوفكم على تهديد ارواح التونسيين ؟
أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية سوسة 2 مساء امس الأربعاء بمنع أشغال المؤتمر الاستثنائي للاتحاد العام التونسي للشغل بعد تأكد تسجيل ست حالات إيجابية على الأقل بفيروس “كورونا” في صفوف المؤتمرين الذي توافدوا منذ الصباح على النزل الذي احتضن أشغال المؤتمر.والذي بدلا اشغاله فعلا صباح اليوم وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية سوسة 2 هيثم بوبكر إنّ القرار جاء بناء على مراسلة الإدارة الجهوية للصحة بسوسة التي أكدت فيها تسجيل ست حالات إصابة من بين 30 تحليلا تم إجراؤها، و بناء على تحذيرها من تشكّل بؤرة للعدوى بالفيروس.
يبدو جليا من خلال الخبر كيفما تناقلته كل وسائل الإعلام مساء أمس أن قرار النيابة العمومية قد اتخذ أساسا بناء على تأكيد اللجنة المشتركة طبق مراسلة المدير الجهوي لولاية سوسة بتشكل بؤرة عدوى نظرا لتسجيل حالات إصابة بالوباء طبق التحاليل التي تم إجراؤها أي أن حالة التهديد الصحي قائمة وجريمة ارتكبها أشخاص تعمدوا من خلال سلوكهم (وهو التنقل والاجتماع هنا) نقل المرض إلى اشخصا آخرين خصوصا مع حضور فيرورس دلتا المتحور سريع التفشي .
فماذا يعني بعد ذلك وماذا يفيد بل ماذا يغير من الموقف الإدلاء بترخيص من وزيرة الصحة لعقد المؤتمر؟ فهل أن هذا الترخيص ينفي جريمة نقل العدوى ووقائع تهديد الصحة ؟ طبعا لا ..ولماذا تحولت النيابة العمومية سريعا من متصدية بمقتضى قرارها الأول لجريمة تشكل بؤرة نقل عدوى الذي أسسته على ثبوت الإصابات إلى راعية لبؤرة العدوى طبق التصريح اللاحق للناطق الرسمي للمحكمة والذي ورد فيه انه لم يعد بالإمكان منع انعقاد المؤتمر بعد حصول الاتحاد على الترخيص وان النيابة العمومية ستتابع عن كثب مدى احترام وتطبيق البروتوكول الصحي.. إذا كان المشكل مشكل ترخيص فلماذا اخذ قرار بالمنع وإعلام العموم به في وسائل الأعلام وإذا كان الأمر يتعلق بجرائم (وهي في تقديرنا كذلك ) فان دواعي المنع لا تزال قائمة وقد تأسست لا على وجود ترخيص من عدمه بل على تقرير اللجنة المشتركة للصحة وطلب المدير الجهوي للصحة بتأجيل المؤتمر وهو تقرير استند على المعاينة الميدانية التي لم تتعلق فقط بوجود إصابات بل بغياب البرتوكول الصحي جملة وتفصيلا . هل يمكن لترخيص سابق او لاحق من وزير الصحة إلغاء التهديد لارواح التونسيين بعد نتائج المعاينة المذكورة .للأسف الشديد خلنا أن بوابة إنفاذ القانون على الكافة من خلال قرار النيابة الأول بسوسة 2 انفتحت ولكنها وأسفاه ! سرعان ما أغلقت .ما حاجتنا إلى شجاعة تخلف الارتباك والتعثر ثم التراجع ؟.
الا يكون ضررها أكثر من نفعها. ؟ يبقى الشكر موصول للمدير الجهوي للصحة بسوسة الذي جسد إلى حد الآن معاني وفاء المسؤول لمسؤوليته وضميره في المحكّات بناء على المعطيات الميدانية والموضوعية الثابتة دون تحريف او مغالطة علما وانه طبق الفصل و 10 و 24 من مجلة الاجراءات الجزائية فان النيابة العمومية تحن اشراف الوكيل هي المسؤولة على تطبيق القانون الجنائي بكامل المنطقة التابعة لها محكمة الاستئناف وله الاستنجاد بالقوة العامة للقيام بوظائفه بواسطة اعضاء الضابطة العدلية ومن بينهم وكيل الجمهورية في حالات تهديد الامن العام والصحة العامة بارتكاب جرائم خرق التحاجير الصحية. لقد كان قرار المدير الجهوي للصحة يقتضي بلا شك التأجيل الذي أوصى به بكامل الوضوح ودون الخضوع للضغوطات غير أن الوزير الصحة اختار وخارج أوقات العمل الإداري ومع العاشرة ليلا ان يمنح الترخيص الليلي. اللاحق .
إن المسؤولية تكليف لا تشريف وهي تعني المسؤولية و الثبات على القرار والمبذا الذي يخدم الصالح العام وليس الخضوع والارتباك والتراجع.
شارك رأيك