لا يختلف اثنان في التطور الكبير الذي شهدته السياحة التونسية منذ السبعينات من خلال بعث عدة مناطق سياحية في جربة والحمامات وسوسة وطبرقة وفي توزر ودوز وأصبحت المدرسة التونسية في السياحة مثالا نسجت على منواله عديد الدول التي فاقتنا الآن من حيث المنافسة وذلك حديث آخر.
بقلم فؤاد بوسلامة*
ونجحت السياحة التونسية في أن تكون موردا هاما من موارد الدولة إذ تمثل حوالي 25 في المائة من الناتج الوطني الخام و تشغل أكثر من نصف مليون عامل سواء بصفة قارة أو موسمية. و بفضل تشجيع الدولة ارتفع عدد النزل و المطاعم السياحية ووكالات الاسفار فارتفع بذلك عدد الوافدين من السياح وعدد الليالي المقضاة وأصبحت بلادنا مقصد السياح من عديد الدول وخاصة منها الأوروبية ووصل لأول مرة عدد السياح الي 10 ملايين سائح سنة 2000 وهي سنة مرجعية الي حد اليوم.وبعد جانفي 2011 عرف قطاع السياحة عدة هزات بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي و العمليات الإرهابية المتواترة
وبعد جانفي 2011 عرف قطاع السياحة عدة هزات بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي و العمليات الإرهابية المتواترة وخاصة عملتي باردو وسوسة وهي عمليات كادت ان تعصف بالقطاع ككل لولا وقفة أهل المهنة وكل المهتمين بالشأن السياحي الذين كان لهم الفضل في بداية تعافي وانتعاش القطاع وعودة النسق تدريجيا وأصبح السعي للوصول إلى حاجز 10 ملايين سائح و لم لا تجاوزها ولكن… ؟
الكورونا و الضربة القاضية :
يعتبر قطاع السياحة المتضرر الأكبر من الجائحة العالمية بعد إغلاق المجال الجوي والبحري بين كل دول العالم و اقرار قيود على الوافدين من مختلف دول العالم و تعتبر هذه الجائحة أكبر ضربة تتلقاها السياحة العالمية وخاصة التونسية.
خاصة التونسية لان عدة دول مكنت أهل القطاع من عدة امتبازات و مساعدات وتسهيلات لتجاوز الأزمة عكس بلادنا التي تمر أساسا بوضع اقتصادي صعب لم يمكنها من الوقوف إلى جانب القطاع بالاضافة كذلك الي غياب القرار السياسي الواضح لإنقاذ قطاع كان في القريب يمثلا ركيزة أساسية للاقتصاد.
اليوم أغلقت النزل و المطاعم السياحية وتوقف نشاط وكالات الاسفار وبقي هؤلاء يصارعون بمفردهم لتوفير الحد الأدنى الذي يحميهم من الإندثار.
قد نفقد بعد أشهر القطاع السياحي إذا لم تراجع الحكومة موقفها منه و تجعله من بين أولوياتها فهو قطاع يوفر أكثر من 800 الف موطن شغل قد يجدون أنفسهم مجددا في بطالة طويلة كما ان عددا من أصحاب النزل و المطاعم ووكالات الاسفار متورطون مع البنوك في قروض فوائضها مرتفعة.
السياحة الداخلية هي الحل :
بعد 2020 هاهي سنة 2021 تمر بدون سياحة ومن المتوقع ان لا يعود النسق تدريجيا الا سنة 2023 وخلال هذه الفترة لا حل لنا سوى التعويل على السياحة الداخلية من خلال توفير عروض عائلية للسائح التونسي وابرام شراكات مع المؤسسات الوطنية و الوزارات و المنظمات لبرمجة أنشطة سياحية سواء ترفيهية أو مؤتمرات وندوات و تعتبر السياحة الداخلية المنقذ الوحيد حاليا للحفاظ على الأقل على ديمومة المؤسسات السياحية قبل الحديث عن تحقيق اي مرابيح
الاستعداد للعودة من جديد :
وحتى نستفيد من هذه الأزمة العالمية التي أوقفت النشاط السياحي العالمي لابد من إعداد برمجة ووضع خطة عمل واضحة تبدأ من التكوين والرسكلة لتكوين يد عاملة تستجيب للمواصفات العالمية و البحث عن الكيف و الجودة قبل البحث عن الكم سواء من حيث النزل أو المطاعم السياحية وخاصة البحث عن أسواق جديدة بما سنوفره من خدمات عصرية ومتطورة. وخلال فترة التوقف هذه من الأفضل التفكير في سياحات جديدة منها سياحة المؤتمرات العالمية و التظاهرات الرياضية الكبرى و الأنشطة الترفيهية التي تستقطب نوعية خاصة من السياح العرب و الأجانب
الأمل قائم :
قادورن من هنا الى صيف 2023 ان نعيد الحياة مجددا للقطاع السياحي التونسي دون السقوط في التسرع وذلك بتظافر جهود الجميع حكومة و مهنيين لأننا نملك من الإمكانيات البشرية و الطبيعية ما يمكننا من كسب الرهان بسرعة و العودة إلى ريادة السياحة افريقيا و عربيا و متوسطيا.
*فؤاد بوسلامة: خبير دولي في القطاع السياحي
شارك رأيك