في التدوينة الفايسبوكية التالية التي نشرها أمس الأربعاء 15 سبتمبر 2021 أستاذ القانون نوفل سعيد يواصل التنظير لحكم أخيه قيس سعيد و يرى في الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها هذا الأخير يوم 25 جويلية الماضي إعلانا ل”تحول مبارك” و “عهد جديد” يتمثل في ما أسماه “صعود نخبة قيادية جديدة”. لكن إلى حد اليوم لم نر من هذه النخبة القيادية الجديدة سوى… قيس سعيد القائد الملهم المتتلمذ على عمر الخطاب.
النخبة القيادية الجديدة… وارادة الحياة… أصعب ما في الانتقالات الديمقراطية هو تداول النخب الحاكمة على إدارة الشأن العام بشكل سلس و انسيابي… فالنخب القديمة صلب الدولة أو صلب الأحزاب تجذب دائما الى الخلف وترى في المستقبل تهديدا لمصالحها و مواقعها… فلا هي تقبل الابتعاد عن الحكم بسهولة و يسر و لا هي ترضى ببديل عن الأوضاع المتردية القائمة التي أنتجتها… أنظر مثلا بالأمس كان هروب بن علي تحت وطأة ضغط الشارع و الشعب الغاضب… واليوم العديد من الأحزاب تشكو بدورها من صعوبة التداول في نخبها المسيرة على مستوى إداراتها المركزية… إلى درجة أن يكون ثمن استحالة إجراء التداول السلمي و السلس صلبها إمّا الانشقاقات أو الانسلاخات أو الإثنين معا….
ومن مظاهر صعوبة هذا التداول أيضا أنّه لا يتمّ بصورة خطية و متناسقة… أنظر مثلا إلى صعود الرئيس قيس سعيّد… فقد كان بمعنى ما إيذانا و مؤشرا على ميلاد هذه النخبة القيادية الجديدة في مكان ما من الدولة و هو رئاسة الجمهورية… و لكن في مكان آخر من نفس الدولة كالحكومة مثلا… فإنّ ولادة النخبة القيادية صلبها كانت متعثرة و عسيرة و حتى مشوهة بما يعنيه التشوه من عدم انسجام لاحظه الجميع بين رأسي السلطة التنفيذية وبين رأسي السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية (التهديد بسحب الثقة من حكومة الفخفاخ ثمّ استقالتها كمثال على ذلك) …
في نفس هذا السياق من المؤمل أن يكون تفعيل الفصل 80 من الدستور المدخل الأمثل لتسهيل ولادة هذه النخبة القيادية الجديدة المنسجمة التي طال انتظارها… علما بأنّه حتى في هذه الحالة فإن النخبة القديمة المتهاوية و على الرغم من الخراب الذي تسببت فيه… فستعمل بكلّ ما أوتيت من قوة لتعطيل هذه الولادة و رمي الأشواك في طريقها تحت تعلات و عناوين مختلفة… ولكن في النهاية لا شيء يعلو فوق إرادة الشعب… فوق إرادة الحياة … فوق استجابة القدر…
شارك رأيك