بعد أن استقر الجميع على أن ملف الأبحاث الضخم المعد حول هيثم الكحيلي وحول شركة إنستالينغو “خالي من كل ما من شأنه التأسيس للتتبع من أجل جرائم خطيرة تتعلق بالتآمر وقلب نظام الحكم”، وأن الدليل الوحيد ضدنا هو أعمال في صلب نشاط الشركة المتمثل في إنتاج “المُحتوى الرقمي”، وأن الشبهة الوحيدة المثارة ضدنا هي إدعاء البعض بأن لنا خطا تحريريا لا ينسجم مع مزاج ما بعد 25 جويلية.
فإننا شركة إنستالينغو:
- نرى أن إطلاق سراح من كانوا في حالة إيقاف يمثل إيقافا لمظلمة لم تشهد الدولة التونسية مثلها منذ سنين. وإن كنا لا نعتبر ما حدث انتصارا لأن هذا الملف الكارثي لم يغلق بعد، فإنه لا يفوتنا أن نسجل أنه يمثل شهادة لإنستالينغو بأنها لم تكلف أي موظف مهما كانت رتبته بأي شيء خارج عن القانون أو عن مسؤولياته المهنية، وأن إنستالينغو وكل موظفيها أبرياء لا شيء يديننا ولا شيء يضعنا في محل الشبهة.
- نوجه التحية، كل التحية للعدالة التونسية عامة، وللمحاماة التونسية، ولكل المحامين، وخاصة فريق الدفاع الذي تجند لإظهار الحق مترفعا عن أي حسابات، متغلبا على كل تلك الضغوط التي سلطت عليهم لثنيهم عن تعرية الفضائح الإجرائية وعن الدفاع عن المظلومين وعن القيام بواجبهم المقدس.
- ندعو مرة أخرى نقابة الصحفيين لتوضيح موقفها، وإنهاء صمتها عن مظلمة تعرض لها أكثر من 20 صحفي، لازالت حقوقهم مغتصبة حتى هذه اللحظة، منعوا من القيام بعملهم، اخضعوا لتحقيقات دون حضور محام، سئلوا عن آرائهم داخل غرف البحث، احتجزت هواتفهم وكمبيوتراتهم التي يمارسون من خلالها عملهم الصحفي ولم يسترجعوها بعد. وقد اطلعت النقابة على الملف عموما وهي تعلم علم اليقين أن الملف مرتبط حصرا بحرية التعبير لا بأي شيء آخر.
- لن نقول “لازال في الدولة التونسية شرفاء”، بل نقول بكل وضوح إن الدولة التونسية وكل مؤسساتها، كلها شرفاء. غير أن الدولة التونسية تتعرض لمحاولة انقضاض خطرة من قبل بعض الفاسدين الذين يريدون استخدام أجهزة الدولة لأغراض دنيئة، ونحن نراهن اليوم، كما راهنا دائما، على الدولة التونسية، كل الدولة، ونؤمن بأنها ستنتصر على هؤلاء وستلفظهم خارج كيانها.
في الختام يهمني أنا هيثم الكحيلي، أن أقول:
إن من جالسني ولو مرة واحدة يعلم مدى إيماني العميق بالدولة التونسية وبمؤسساتها، ومدى اقتناعي بأحقية الشعب التونسي بحياة ديمقراطية سليمة، ومدى عدائي لكل ما من شأنه أن يهدد الانسجام المجتمعي أو يسبب شرخا مجتمعيا.
ولهذا أقولها بكل وضوح: سأواصل الدفاع عن دولة تونسية قوية المؤسسات ينعم شعبها بالديمقراطية والسلم والانسجام المجتمعي، مادام في العمر متسع، وإن كتب لي أن أرحل قبل ذلك، فإني لن أحزن كثيرا على فراق هكذا دنيا.
شارك رأيك