حول الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية بسيدي بوزيد، مهد الثورة 17 اكتوبر 2010، حيث كان هذه المرة اكثر وضوحا من كل مرة في قراراته من منظومة قبل 25 جويلية، نشر سمير ديلو التدوينة الفايسبوكية التالية اين عبر عن رأيه الذي يعكس في النهاية، رأي جماعته و الحلفاء الذين التفوا على الثورة و اجهضوها و كذلك العديد من التونسيين لأن الرئيس قسمهم الى شقين بخصوص تاريخ الثورة فبدا غير معترف بمن ثار و استشهد في 14 جانفي، تاريخ قال عنه بان الثورة قد تم اجهاضها حينها من المنظومة القديمة، و بخصوص وضعه جميع التونسيين في خانة الفساد:
“ماذا قال ..!؟
ملاحظات أوّليّة من وحي ” خطاب ” السّيّد رئيس الجمهوريّة :
- اختيار مدينة الثّورة سيدي بوزيد لتوجيه رسائل سياسيّة قد يكون موفّقا لو كان معدّا له بشكل جيّد شكلا ومضمونا .
- التّأكيد على التّوجّه برسائل للخارج ( ” فليسمع كلّ العالم ” ) لم يكن مناسبا بالنّظر لعدم تقديم رؤية متكاملة واضحة المعالم للمرحلة القادمة .. وخاصّة في ظلّ رداءة تقنيّة غير مسبوقة صوتا وصورة وإطارا ..
- المقارنة بتحرّكات سابقة معارضة ( وخاصّة وقفة المسرح البلدي ) لم تكن موفّقة واستعارت مفردات من معجم تجارب سابقة ( وصم المتظاهرين أيّام الثّورة بالملثّمين واللّصوص ..! ) وتجارب مقارنة ( الحراميّة ، ومستعملي حبوب الهلوسة .. في بلدين شقيقين ..!) لوصف المشاركين في الوقفة أمام المسرح البلدي يوم 18 سبتمبر بالمخمورين والممثّلين الفاشلين ..! وهم مواطنون تونسيّون لهم الحقّ في معارضته ومعارضة ما قام به .. تماما كحقّ من تجمّعوا قُبالَتهم وعبّروا عن مساندتهم له ..
- من حقّ الرّئيس اعتبار ما يقوم به استمرارا ” للإنفجار الثّوريّ العظيم ” في 17 ديسمبر 2010 ولكن من الإجحاف الكبير أن يعتبر 14 جانفي 2011 انقلابا على الثّورة ..! فالثّورة التّونسيّة لحظتان : لحظة 17 ديسمبر المشحونة بمعاني الكرامة في بعديها الإقتصادي والإجتماعي ..ولحظة 14 جانفي 2011 المعبّرة عن التّوق للحرّيّة والإنعتاق من قيود الإستبداد أمّا الإنحرافات التي حصلت بعد 14 جانفي 2011 و أوصلت البلاد إلى حالة من الضّعف والترهّل – بما أعطى مقبوليّة شعبيّة لما قام به الرّئيس يوم 25 جويلية .. فليس لها مفعول رجعيّ .. !
- جاء الإعلان عن استمرار الإجراءات الإستثنائيّة – مع سبق التأكيد على احترام الدّستور – دون أيّ تعليل ودون شرح لمدى تأثير ذلك في ضمان عودة السّير العادي لدواليب الدّولة خاصّة وأنّه مطالب بالتّوجّه للشّعب ببيان حين إنهاء العمل بهذه التّدابير .. بزوال أسبابها ..! ( حسب الفصل 80 من الدّستور ) .
- الأهمّ ليس الإعلان عن تنقيح القانون الإنتخابي فهذا ليس بدعة بل كيف سيتمّ ذلك ( فالدّستور – الذي جدّد الرّئيس الإلتزام باحترامه – يستثني النّظام الإنتخابي من مجال المراسيم حتّى في صورة حلّ مجلس النّوّاب حسب الفصل 70 من الدّستور ) .
- تجدّد الإتّهامات للنّوّاب بالفساد وببيع ذممهم وأصواتهم يثير ملاحظات كثيرة : أوّلا * من الواضح أنّ الرّئيس يتحوّز بمعطيات دقيقة سمحت له بذكر المبلغ الذي يتقاضاه النّوّاب – الذين أشار إليهم – مقابل بيع أصواتهم ( 150 ألف دينار ) ويكون حينها من البديهيّ التّساؤل : ما دام السّيّد الرّئيس يُمسك بتلابيب كلّ السّلطات وكامل الصّلاحيّات منذ قرابة الشّهرين فلماذالم يتمّ تتبّع أيّ نائب من الذين يتّهمهم ببيع أصواتهم ..!؟، بينما يقبع في السّجن نائبان أحدهمابسبب تدوينة والثّاني بسبب خلاف مع أحد القضاة ..!
ثانيا * تأكيد الرّئيس على أنّه لم يرفع قضيّة بأحد حريّ بالإشادة في سياق التّرفّع عن تتبّع منتقديه ومعارضيه ، ولكنّه يبعث على التّساؤل والحيرة إذا تعلّق الأمر بمن يتّهمهم بالفساد و الخيانة وبيع الأصوات .. ودفع المليارات لاغتياله .. خاصّة وقد أعلن في خطابه يوم 25 جويلية 2021 .. عن ترؤّسه للنّيابة العموميّة ..! ثالثا * تعميم الإتّهام بالفساد الموجّه للنوّاب دون أيّ تحديد ولا تحفّظ ولا تخصيص ولا استدراك ليس مقبولا ولا معقولا وفيه إهانةللنوّاب الشّرفاء ..!
” سيدي الرّئيس .. لستَ محاطا بالملائكة .. فلو حصل – لا قدّر اللّه – وتورّط أحد مساعديك في عمل مجرَّم .. هل تقبل أن تُتَّهَم الرّئاسة بالفساد ..!؟ “. - الفرز الذي تحدّث عنه الرّئيس لم يعد فرزا بين منظومتين ولا حتّى بين شرفاء وفاسدين بل أصبح فرزا بين الصّادقين ( الذين يخاطبهم مباشرة أو يساندونه حيث هم ) وبين خليط من الفاسدين والخونة والعملاء ومرضى القلوب والطّامعين في المناصب .. ! ( ملاحظة أخيرة – شعريّة – لمن تخصّصوا في التّأويلات .. المرجوحة ..! ) :
الكلُّ في هذي الديارِ مدرّسٌ
والكلُّ فيها شاعرٌ وأديبُ..
والكلُّ إنْ شئتَ البناﺀَ مهندسٌ
والكلُّ إنْ شئتَ الدّواﺀَ طبيبُ..
والكلُّ في علمِ الحديثِ مُحَدِّثٌ
والكلُّ في علمِ الكلامِ خطيبُ..
والكلُّ قدْ درسَ الحقوقَ وعلمَها
والكلُّ في علمِ القضاﺀِ رهيبُ..
والفقهُ عندَ الناسِ أمرٌ هيّنٌ
فالكلّ يفتي دائمًا ويصيبُ.. - هذا ما جنيناه على أنفسنا .. !””
شارك رأيك