أسعدنا تكليف امرأة برئاسة الحكومة وهي السيدة نجلاء بودن حرم رمضان. هذا يجعلنا نفاخر بين العرب، ونكسب دعاية في الغرب. وهذا يُظهر أنّ الرئيس قيس سعيّد يتكتك ويسير في خط مستقيم رسمه لكنس مَن أسقطهم بإجراءات 25 جويلية…
بقلم سعيد الخزامي *
واضح أنّ سعيّد، باختياره نجلاء بودن، قد قرأ حسابا لتكريم المرأة، وإغاضة السلفيين الذين يستنقصون منها، وإرضاء التونسيين فاقدي الثقة في الساسة، وطمأنة الخارج، وتحسين العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية، لكن من الواضح أيضا أنه قرأ حسابا لمسألة ألاّ تفلت أمور الحكم من بين يديه بحيث سيجعل السيدة بودن أقرب إلى صفة الوزير الأول منها إلى صفة رئيس الحكومة لتطبيق الاختيارات التي يضعها، كما نص المرسوم 117.
طروحات طوباوية تلغي قواعد الديمقراطية التمثيلية
ولِمَا لا إذا ما غلّب سعيّد خصال النظافة والنزاهة وحب الوطن المعروفة عنه، وإذا ما تعلقت هذه الاختيارات بمحاربة الفساد، ومقاومة التسيب، ومحاسبة لصوص المال العام، ووقف الاحتيال السياسي، وإصلاح المؤسسات العمومية، لكن المشكلة هي أن الرئيس سعيّد، كما عرفنا من خلال مونولوغاته الإعلامية، يريد أن يتجاوز ذلك إلى تغيير الانتظام السياسي الكلاسيكي بطروحات طوباوية تلغي الأحزاب وقواعد الديمقراطية التمثيلية وتقيم البناء القاعدي بديلا عنها، وهذا إذا ما ألزم به السيدة بودن على أنه جزء من مهامها، فإنه سيحولها إلى حمّالة حطب مشاركة في إيقاد نار تتمدد على صدر البلد، فتشتت جهده، وتستنزف طاقته، وتهدر وقته…
على سعيد أن يجنبنا مشروعه الهلامي المسقط
لا نرى إلاّ أن تكون بودن امرأة قويّة تركّز بحكومة من الشرفاء والأكفاء على ملفات الاقتصاد والديون والمالية العمومية والأسعار والعدالة الاجتماعية. ولا نرضى بألاّ يوجه الرئيس سعيّد جهد الدولة والمجتمع إلى هذه القضايا، ولا نقبل بأن يحرق أعصابنا بمشروعه الهلامي المسقط، لأنه لن يدوم ولن يفيد حتّى وإن عُمّد ب”الشعب يريد”.
* صحفي و مقدم برامج في التلفزة التونسية.
شارك رأيك