على اثر الاعتداء الأحد 10 أكتوبر 2021 على الصحفي بالتلفزة التونسية أيمن حاج سالم و على الطاقم التقني الذي كان يرافقه خلال تظاهرة معارضة لقرارات رئيس الجمهورية من طرف أشخاص مهسترين فكرونا بجماعة روابط حماية الثورة و انصار الشريعة في 2012 و 2013، كتب الصحفي فاهم بوكدوس المقال التالي تحت عنوان “الصحافة ليست جريمة وليست كذلك تهمة:
“ما حدث اليوم مع صحفيي التلفزة التونسية في مظاهرة شارع الحبيب بورقيبة ضد الاجراءات الاستثنائية لقيس سعيد لم يكن حدثا صغيرا في مظاهرة كبيرة بل أصبح شجرة الحرية التي تغطي العقلية الميليشياوية.
“كثيرا ما تقع اعتدات ومضايقات على الطواقم هنا وهناك في أركان مختلفة من الشوارع التي تظم متظاهرين، وكثيرا ما تبرر على أنها تجاوزات فردية بحكم منطق التجمعات والمجموعات غير المنسجمة، لكن رغم ذلك كان يندد بتلك التجاوزات ويحمل أصحابها المسؤولية وان كانت المآلات يغلب عليها الإفلات من العقاب.
“ما حدث اليوم كان مفارقا وعكس مشهدية سادية مقززة: المئات من المتظاهرين الغاضبين المزمجرين يحيطون بفريق صحفي صغير يغطي الحدث ويرمونه بما قدروا عليه وسط شعارات معادية وابتهاج البعض ورفض خجول للبعض الآخر.
“حادثة الاعتداء تواصلت لوقت هام كان يكفي للقيام بجريمة كاملة بما يعني أن الامر لا يعكس غضبا عرضيا من الصحافة بل يستبطن عقلية الانتقام منها وسحلها أمام الملأ لمجموعات عابرة للقوانين والأعراف والقيم والاخلاقيات.
“اكيد ان جزء من الحضور في مظاهرة اليوم والمزهوين بعدد المتظاهرين وطبيعة الشعارات قد يعتبرون ما حصل حدثا عابرا وقد يكتفون بلائحة لوم بسيطة على هامش الحدث في حين أن الامر أعمق بذلك بكثير ويعكس ضعف العقلية الديمقراطية التي يتباكون عليها من “انقلاب عاصف”.
“جزء هام من قيادات تحرك اليوم وقواعده كانوا من منظومة ديمقراطية الواجهة والديكور التي عملت طوال عشرية وفق سياسة “قل ما تشاء ونفعل ما نريد” وفعلت فيها روابط حماية الثورة ودواعشها وراديكالييها كل مقولاتها العنيفة والتطهيرية تحت حماية أحزاب المنظومة وأجهزتها وأصبحت جزء أصيلا من “ثقافتها الديمقراطية”.
“ما حدث اليوم على خطورته البالغة لن يكون إلا بداية لاستهداف فج وسافر لهوية الصحافة َوجوهرها مهما تنوعت الطواقم والمؤسسات لمجموعات فشلت في السلطة في التعامل مع الاعلام وستفشل معه أكثر وهي في المعارضة ولتصعد فيه كل امراضها وخيباتها.
“لم تفشل ديمقراطية العشرية الأخيرة مؤسساتيا فقط بل فشلت أساسا لأنها كانت ديمقراطية دون ديمقراطيين”.
شارك رأيك