شيّعت تونس عصر اليوم الثلاثاء، فقيد الوطن عبد المجيد شاكر، الوزير والسفير السابق، إلى مثواه الأخير، إثر وفاته عن سنّ تناهز 94 عاما. وقد انتظم موكب جنازة الفقيد بحضور عدد غفير من الشخصيات الوطنية وقدماء المناضلين. وألقى السيد محمد الناصر رئيس الجمهورية السابق بالنيابة كلمة التأبين التالية:
الله أكبر،
الله أكبر،
الله أكبر كبيرا
بقلوب خاشعة وإلى ربها راجعة، نودع اليوم إلى مثواه الأخير، مناضلا وطنيا أصيل، فقيد الحركة الوطنية والدولة التونسية الحديثة، الأستاذ عبد المجيد شاكر، رفيق درب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في ملحمة الاستقلال ثم في إرساء الجمهورية،
نودّع الوزير والسفير والقائد الكشفي والمناضل منذ فجر شبابه في صفوف الحركة الوطنية بما كلّفه ذلك من السجون والتعذيب،
نودع اليوم أحد المؤسسيين النشطاء للاتحاد العام لطلبة تونس، وأحد بناة الجمهورية المخلصين والأكفاء، ومدير الحزب الدستوري غداة الاستقلال، والنائب بمجلس الأمة ورئيس بلدية صفاقس. استنجبه الرئيس بورقيبة وكان جديرا بثقته.
نودع اليوم أحد القادة البارزين، انخرط وهو مدير الحزب، في معركة بنزرت وجلاء المستعمر عنها، ثمّ في معركة الجلاء الزراعي في 12 ماي 1964 وهو كاتب دولة للفلاحة.
نودع اليوم السفير الذي اصطفاه بورقيبة، ليمثل تونس لدى الجزائر الشقيقة وهو الذي كان قد انبرى بصفته محاميا شابا للدفاع عن قادة جبهة التحرير، بن بلّة وبو ضياف وخيضر وآيت أحمد ولشرف، الذين اختطفت فرنسا طائرتهم وهم في طريقهم من المغرب إلى تونس، واعتقلتهم في سجونها، وقد أبلى عبد المجيد شاكر البلاء الحسن في كشف ملابسات القرصنة الشرسة والتنديد بها.
لم تكن لمهمة عبد المجيد شاكر سفيرا بالجزائر أن تمتد في الأصل لسنوات طويلة ولا لأن تغيّر مساره السياسي نحو الديبلوماسية ولكن نجاحه وتألقه حفّز بورقيبة لتعيينه إثر ذلك سفيرا ببلغراد عاصمة يوغسلافيا في عهد الماريشال “تيتو” أحد رواد حركة الانحياز ومن بلغراد، انتقل عبد المجيد شاكر إلى العاصمة السويدية ستوكهولم، ثمّ إلى العاصمة الاسبانية، مدريد، فيما كانت بيرن، عاصمة الكنفيدرالية السويسرية، آخر محطاته الديبلوماسية، قبل أن ينسحب من الحياة السياسية إثر الإطاحة بالرئيس الحبيب بورقيبة.
نودع اليوم شابا تونسيا أصيلا، تغذّى منذ نعومة أظافره في رعاية شقيقه الزعيم الشهيد الهادي شاكر وسائر العائلة، بقيم الوطنية والتضحية والفداء، وانصرف بكل طاقاته لمقاومة الاستعمار، منخرطا منذ الأربعينيات مع رفاق دربه من الشبان الصادقين في تحرير صحيفة الكفاح السرية وطبعها وتوزيعها في شتّى أنحاء البلاد.
نودع اليوم أحد زعماء الشباب التونسي المخلصين الذين وهبوا، ضمن جيل الثورة من أجل الاستقلال بقيادة بورقيبة، كل مهجتهم لتونس ولم ترعبهم الايقافات والتعذيب والسجون ولم تزدهم سوى إصرارا على الكفاح.
ونودّع أيضا، رجل دولة بامتياز، كان منذ غداة الاستقلال في الصفوف الأمامية بجوار الرئيس الحبيب بورقيبة لبناء الجمهورية وتوطيد أركانها وخوض معركة التنمية والرقي الاجتماعي.
ولئن تتعدد مناقب فقيدنا العزيز، عبد المجيد شاكر، وخصاله وقيمه، فإنه يبقى لنا جميعا رمز الأخوّة الصادقة والوفاء الدائم والإخلاص للوطن.
عاش عبد المجيد شاكر مناضلا من أجل استقلال تونس وعزمها ورقيّها ويغادرنا اليوم ونحن نغمره بواجب العرفان وصادق المحبّة، مؤمنين بقدر الله ومشيئته وسائلين العلي القدير أن يتقبله بمغفرته في فسيح الجنان
الله أكبر
الله أكبر
الله أكبر
رحم الله فقيدنا العزيز عبد المجيد شاكر، رحم الله شقيقه الشهيد الهادي شاكر
رحم الله زعيمنا الفذّ، الرئيس الحبيب بورقيبة وكافة زعماء الحركة الوطنية ورجال ونساء الدولة الحديثة
رحم الله كل شهداء الوطن
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
شارك رأيك