في تونس اليوم مخدرات و إدمان، هتك للأعراض و أفلام جنسية و شبكات إجرامية توزع السموم لتقبض المليارات و بارونات و سياسيون و أمنيون متورطون و شباب يستنشق و “يشيخ ” و يرتكب الجرائم المروعة، أحياء تغلغلت فيها تجارة المخدرات و عائلات تهدمت و مافيا تتلاعب بمصير و مستقبل أبنائنا و السؤال من أين تأتى المخدرات و من يقف وراء عصابات الترويج و أين القانون و لماذا يتقاعس القضاء عن تسليط العقوبات الرادعة و من يحمى شباب المؤسسات التعليمية؟
بقلم أحمد الحباسي *
هذه بعض الأسئلة الأولية و التي لم يجد أحد جوابا لها رغم أنها أسئلة مكررة طرحها الكثيرون في كل المنابر الإعلامية دون جدوى. لكن يبقى السؤال الأهم في كل هذا : من هي الجهة الحكومية المتقاعسة التي تتحمل مسؤولية تفاقم ظاهرة وجود المخدرات و لماذا لم يتم لحد الآن القبض على “الرؤوس الكبيرة” و هل يعقل أن تتفاقم كميات المخدرات و لا وجود لرأس مدبّر ؟
“هل صحيح أنه تم ترحيل أحد أعضاء المافيا من تونس بمجرد اكتشاف كمية تقارب الطن من مخدر الكوكايين؟”… هكذا سأل المحلل لطفي العمارى العميد حسام الدين الجبابلي الناطق باسم الحرس الوطني.
السؤال واضح لكن مع ذلك تهرّب العميد من الإجابة تاركا علامات استفهام كبيرة تحوم حول جدية الأبحاث و مآلها و هل ستطال الرؤوس الكبيرة بما فيها رجل المافيا الهارب.
من يعمل على إغراق “السوق” التونسية فى المخدرات ؟
بطبيعة الحال لا يمكن للمتابع أن يجزم بأن هناك إرادة سياسية لمواجهة معضلة تجارة المخدرات و توريدها و توزيعها بل لا يمكن تصور أن هذه الكميات تمرّ و توزع دون أن تكون بعض الأطراف الفاعلة من السياسيين و الأمنيين و القضاة و لوبيات الفساد غير متورطة. لا يمكن تصور أنه و رغم ما كشفته التقارير ذات العلاقة بانتشار هذا “الفيروس” في الأوساط التعليمية فإن السلطة القائمة تريد اتخاذ تدابير جذرية رادعة أو على الأقل القبض على الرؤوس الكبيرة و تطوير سلم العقوبات الجزائية لغرض الردع.
لا أريد الصيد في الماء العكر أو استغلال بعض الظروف و الوقائع المتعلقة بالقبض على شبكة مخدرات تورطت فيها عدة أطراف من فنانين و رياضيين و غيرهم للشماتة كما فعل زياد المكي في إحدى برامج تلفزة النفايات (télé poubelle) و لا إعطاء الدروس و النصائح لكن من الواضح أن هذه الحادثة قد جاءت لتؤكد مرة أخرى أن السيل قد بلغ الزبى و أن دولة الفساد التي قادتها حركة النهضة منذ عشرة سنوات قد أسست بصورة متعمدة لضرب الذهن التونسي في مقتل لتحوله بشيء من الخطاب التكفيري و الغوغائية الجدلية إلى روبوات تستعملها في تنفيذ أجندتها المتآمرة و لعل ضلوع هذه الحركة في شبكات تسفير الإرهابيين إلى سوريا و ما تحدثت عنه كثير من التقارير الصحفية من وجود علاقة بين هؤلاء القتلة و تناولهم للمخدرات دليل قاطع على أن عملية إغراق “السوق” التونسية فى المخدرات هو عمل مدبّر بعناية فائقة يتعذر معها ربح حرب المواجهة.
هل ما زال لشعار “الفنان هو ضمير الشعب” معني ؟
تأتى قضية القبض على عصابة المخدرات الأخيرة في نفس إطار عدة قضايا سابقة تورطت فيها عدة أطراف فنية و رياضية من الوزن الثقيل كما تأتى حادثة القبض على ما يقارب الطن من مخدر الكوكايين الآتية من جمهورية الإكوادور المشهورة بزراعة المخدرات لتقيم الدليل على أن الفساد قد ضرب كل الأرجاء و أن شعار “الفنان هو ضمير الشعب” لم يعد يليق فالأولى بمن يتعاطون هذه الآفة المدمرة ألا ينخرطوا في هذا الطريق المظلم أولا تحسبا للفضيحة و ثانية مساهمة في خلق بيئة اجتماعية سليمة خاصة و قد ارتبطت أسماء الفنانين دائما سواء في تونس أو في بقية الدول العربية الأخرى بالجنس و “أشياء أخرى” يندى لها الجبين.
بطبيعة الحال لا يمكن أن لا نتساءل عن دور العائلة و دور الزوجة و الوالدين و لماذا نلاحظ كل هذا الصمت الخجول مع اكتشاف كل قضية مخدرات فهل نسجل استقالة دور العائلة مجددا في أحد أهم القضايا و هل تعود الأولياء على الاستقالة تماما كما حدث في التعليم حين نرى ما يحدث من تصرفات التلاميذ العنيفة تجاه الإطارات التربوية دون رادع من أوليائهم و هل حان الوقت لرفع أجراس الخطر قبل أن يحكمنا بابلو إسكوبار من بني جنسيتنا؟
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك