حول المضاربة و الاحتكار و فقدان المواد الغذائية الأساسية و غلاء الاسعار في الأيام الأخيرة في الأسواق التونسية، و بعد أن أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد، الأحد 6 مارس الجاري بأن مرسوما سيصدر قريبا ضد من يقوم بتجويع المواطن و باقتراف هذه الجرائم، ستكون العقوبة فيه سالبة للحرية، عبر بدر الدين القمودي النائب في البرلمان المعلقة أشغاله عن رأيه في موضوع مكافحة الاحتكار، و نشر النص التالي على صفحته الرسمية بالفايسبوك :
” للبحث في واقع مقاومة الاحتكار ومدى جديته ثمة مجموعة من النقاط الأساسية وجبت الاشارة اليها :
اولا:ضرورة مراجعة المقاربة المعتمدة من طرف أجهزة الدولة لمكافحة الاحتكار وإلي تستند بالأساس إلى جانب زجري عفى عليه الزمن(الحجز + الخطاياالمالية).
فأما عن حجز السلع والبضائع على اهميته فلم يكن له أي دور لا في الحد من الظاهرة ولا في انتظامية تزويد السوق “المواطن يستمع يوميا إلى بلاغات الحجز الصادرة عن السلط المختلفة لمواد اساسية كالزيت المدعم والسكر والفارينة والسميد والارز بكميات تقدر بآلاف الأطنان فهل كان لذلك انعكاس على العرض وهل توفرت بالقدر المطلوب بمجرد إعادة ضخها؟ الجواب طبعا لا” كان من المفروض إعادة النظر في المقاربة الزجرية المعتمدة لأن التاجر الذي يمارس الاحتكار ويستثري بواسطته ويتمكن من جمع مئات الملايين لن يضره لو أجبر ذات مرة على دفع بضعة آلاف من الدنانير باعتماد آلية الصلح مع الإدارة التي تعد أحد أهم أسباب استشراء جرائم الاحتكار والتلاعب بالأسعار خاصة في ظل تولي مسؤولين فاسدين لمهمة تقدير طلبات الإدارة والتي تكون في كثير من الحالات لا تتماشى وحجم الجرم المرتكب حيث يتم التلاعب بعملية تكييف الجريمة الاقتصادية المرتكبة عبر تغيير مضامين محاضر الحجز فتتحول مثلا جريمة الاتجار في مواد مدعمة إلى جريمة الترفيع في الاسعار وشتان بين خطورة الجريمتين…
ثانيا: ان ظاهرة الاحتكار لا يمكن التعاطي معها بأسلوب بعدي ونعالجها باعتماد الأساليب الزجرية…الاحتكار يجب أن يتم التصدي له عبر اعتماد طرق استباقية كاعتماد الرقمنة “طبعا ليست الرقمنة التي تروج لها حاليا وزارة التجارة والتي تستهدف بها ذر الرماد على الاعين” ولكن عدم توفر الإرادة الحقيقية للمضي في هذا الطريق فوت علينا فرصة ارساء نظام تتبع خاصة بالنسبة للمواد الاستهلاكية الحياتية وكان من شأن ارساء نظام رقمي حقيقي أن يمكننا من تتبع مسار قارورة الزيت وعلبة السميد أو السكر أو الأرز انطلاقا من نقطة التعبئة وصولا إلى المستهلك..
ثالثا: ضرورة إعادة النظر في مسالك توزيع الخضر والغلال وذلك بمراجعة دور وكلاء البيع “الهباطة” والذين يمثلون نظريا همزة وصل ما بين الفلاح والتاجر في مقابل عمولة محددة ولكن بالتدقيق في المسألة نجد أنهم في الظاهر هم وكلاء ولكن في الحقيقة هم تجار جملة لهم مستودعات تبريد وشاحنات نقل ويقومون بعمليات الشراء على رؤوس الأشجار “الخضارة” وهذا بإقرارهم الصريح على الرغم من أن القانون يمنع ذلك فما الذي انجر عن ذلك ؟
لقد تم خلق مجموعة من الوسطاء الذين يتحكمون في الأسعار على اعتبار أن قاعدة تحديد سعر الخضر والغلال يكون على قاعدة العرض والطلب فكلما توفرت السلع انخفض السعر وكلما شحت التهبت الأسعار…فوكلاء البيع اصبحوا عمليا هم المتحكمون فعليا في الكميات المعروضة للبيع بأسواق الجملة وهم من يختارون تخزينها بعد اقتنائها من الفلاح وترويجها بالمسالك الموازية معتمدين في ذلك على قاعدة “صناعة السعر” أي عرض كميات قليلة فترتفع الأسعار ليتم بعدها اعتماده كقاعدة مرجعية للبيع خارج السوق…
لذا حان الوقت للعمل على تغيير صفة هؤلاء من وكلاء بيع إلى تجار جملة على الرغم من أنهم ساهموا بقدر كبير في إفشال التجربة الناجحة التي خاضتها في وقت من الأوقات شركة أسواق الجملة ببير القصعة عبر بناء الرواق عدد 4 والذي خصصته فقط لتجاز الجملة ولكن وكلاء البيع تصدوا للتجربة واجهزوا عليها حتى قبل أن تبدأ.”.
شارك رأيك