و نحن على بعد أيام من غلق باب المشاركة في الاستشارة الوطنية الألكترونية، وصلنا بالكاد، في صبيحة يوم الإثنين 14 مارس 2022، إلى 370 ألف مشارك من 12 مليون تونسي و تونسية، و السؤال المطروح هو التالي : هل سيعتمد الرئيس قيس سعيد نتائج هذه الاستشارة كقاعدة للإصلاح السياسي و الاقتصادي و المجتمعي أم أنه سيدير لها ظهره و يخلق مسوغات لالغائها ؟
بقلم توفيق زعفوري
و بالمناسبة الاستشارة ليست استشارة الرئيس قيس سعيد، بل هي خيار التونسيين و هم أحرار في المضي فيها أو الامتناع عنها، و هي ظاهريا لم تستهو الأغلبية نظرا لحملة التجييش ضدها و نظرا للسياق السياسي و المجتمعي الذي وردت فيه.
من يعرف سلوك الرئيس و يتابع تصريحاته يدرك أنه ليس من الوارد أن يتراجع عن اعتمادها لسببين على الأقل:
الأول، أنها – أي الاستشارة – تمثل ورقة سياسية، طالما كانت ضرورية لأي سياسي في أي استحقاق، و كل التونسيين يطالبون السياسيين و كل من يتقدم لأي انتخابات ببرنامج سياسي، و هذه الاستشارة الشاملة تمثل البرنامج السياسي للرئيس وهو مفتوح لكل التونسيين.
ثانيا، البرامج تعتمد على الإحصائيات و الأرقام و الدراسات العلمية كما تعتمد على عينات من المجتمع و خير مثال على ذلك اللقاحات، يتم اعتماد فاعليتها من عدمه من خلال تطبيقها على فئة معينة و ليس على كل الناس و هو حال كل اللقاحات التي تم اعتمادها دون استثناء، ثم إن سبر الآراء يعتمد عينات من فئات عمرية محتلفة و من مناطق عديدة و مختلفة و ذلك لتحديد اتجاهات الناس و ليس سبرا لآراء كل الناس و كل إحصائيات العالم تعتمد نفس الأسلوب، إذ ما هي الدراسة الإحصائية الوحيدة التي اعتمدت آراء كل الناس؟
إذن من الممكن أن يمضي الرئيس في اعتماد هذه الاستشارة و خاصة أن من عارضوها و جيشوا الناس ضدها هم خصومه وهو ينعتهم دائما بالفاشلين و الانتهازيين و الطامعين في المناصب، و هذا هو رأيه فيهم حتى قبل لن ينتخب رئيسا، كان يقول أن هذه الطبقة عليها أن ترحل كلها !
الرئيس سيعتمد الاستشارة و 370 الف شخص هي عينة يمكن الاعتماد عليها في تحديد اتجاهات الرأي العام. بقي أن تتوفر جملة من المعايير في أعضاء اللجنة المكلفة بتأليف اقتراحات الاستشارة الوطنية التي ستشرع في العمل بعد 20 مارس 2022، حيادا و استقلالية و ألاّ يخضعوا لأي ضغوطات من أي نوع كان، حتى تكون النتائج أكثر موضوعية.
محلل سياسي.
شارك رأيك